دَمِي والْحَرِيقُ ونَبْضُ النُّجُومِ مَرَايَا شعر: محمد علي الهاني -تونس

 دَمِي والْحَرِيقُ ونَبْضُ النُّجُومِ مَرَايَا


       شعر: محمد علي الهاني -تونس


دَمِي والْحَرِيقُ ونَبْضُ النُّجُومِ مَرَايَا


وبَيْنَ الْحَرِيقِ ونَبْضُ النُّجُومِ

        دَمِي أُمْنِيَاتُ الشَّذَا في رَبِيعِ المَنَايَا.

وكَلُّ المَسَافَاتِ بِيْنِي وبَيْنَكَ

  - عِنْدَ التَّوَحُّدِ بِالضَّوْءِ والأْقحوَانِ-

صَهِيلُ الخُيُولِ الْمُغِيرَةِ فِي الْفَجْرِ

والنَّقْعُ عِطْرٌ

        ووَقْعُ السَّنَابِكُ فَوْقَ الجَمَاجِمِ

            عِيدُ الْفَرَاشَاتِ بَيْنَ الْحَنَايَا

دَمِي والْحَرِيقُ ونَبْضُ النُّجُومِ مَرَايَا . 

  


   دَمِي والْبَنَفْسَجُ كَانَا

      يَجُرَّانِ شَمْسا

    وكَلُّ الْخِيَامِ جِرَاحٌ

          بِحَقْلِ الشَّظَايَا 

وبَيْنَ الْجِرَاحِ وبَيْنَ الشَّظَايَا

أُغَنِّيكَ يَا وطَناً 

هَاجَرَتْهُ النَّوَارِسُ والْقُبَّرَاتُ

وهَاجَرهُ الرَّمْل ُوالنَّخْلُ والْمُعْجِزََاتُ...

أُغَنِّيكَ...؛

تَغْسِلُنِي بالرِّمَالِ الْعَوَاصِفُ،

يَشْدُو الْخَلِيجُ ويَشْدُو الْمُحِيطُ

أُصَلِّي عَلَى الرَّمْلِ...

بَيْنِي وبَيْنَكَ يا وَطَنَ اللَّعَنَاتِ

زَوَابِعُ نَارٍ

جِبَالُ جِرَاحٍ

بِحَارُ دِمَاءٍ 

وبَيْنِي وبَيْنَ الرِّمَالِ صِلاَتٌ

وبَيْنَ النَّخِيلِ وبَيْنِي هَدَايَا 

دَمِي والْحَرِيقُ ونَبْضُ النُّجُومِ مَرَايَا.

   


عَلَى شَاطِئِ الاخْضِرارِ

تُرَتِّلُ أَسْئِلَةَ الجُرْحِ شَمْسٌ...

تُغَنِّي لِلْمَوْجِ 

            والْبَحْرُ يَحْلُمُ بِالانْتِحَارِ

يَعْوذُ مِنَ اللَّيْلِ بِالنَخْلِ رَمْلٌ

     ولِيْلُ الْمنَافِي دَهالِيزُ نَارِ

وعِنْدَ ارْتِطَامِ الصَّوَاعِقِ بِالانْهِيَارِ،

تُغَازِلُنِي نَخْلَةٌ عَرَبِيَّهْ

وتَطْلُعُ سَنْبُلَةٌ 

            مِنْ دِمَاءِ شَظِيَّهْ

فَتُنْبِتُ سَبْعَ سَنَابِلَ قَبْلَ الْمَنِيَّهْ

وكُلُّ السَنَابِلِ تَحْمِلُ شَكْلَ النَّوَارِسِ ،

تَحْمِلُ لَوِنَ التَّحَايَا

دَمِي والْحَرِيقُ ونَبْضُ النُّجُومِ مَرَايَا.


تَشَابَكَ- فَوْقَ الرِّمَالِ الْمُضِيئَةِ بِالأُقْحُوَانِ – دَمِي

تَشَابَكَ- فَوْقَ الرِّمَالِ الْمُضِيئَةِ بِاللَّيْلِ- آهٍ...

دَمُ الْفُقَرَاءِ،

تَشَابَكَ بِالْبَرْقِ والْيَاٍسَمِينِ و بِالًَّصَلَوَاتِ ذُهُولِي

عَلَى رَبْوَةٍ تَحْتَ ظِلِّ النَّخِيلِ

فَخَبَّأْتُ في جَوْفِ جُرْحِي

رِمَالَ الصَّحَارَى حَدِيقَةَ وَرْدٍ

يَضُوعُ بِكُلُّ الزَّوَاياَ 

دَمِي والْحَرِيقُ ونَبْضُ النُّجُومِ مَرَايَا.


دَمِي شَوَّهَتْهُ الْمَقَاصِلُ...

ضَمَّخَ كُلَّ الْمَقَاصِل بِالطِّيبِ و الزَّعْفَرَانِ

دَمِي الْعِرَبِيُّ الْمُزَمْجِرُ قَبْلَ لِسَانِي

دَمِي شَوَّهَتْهُ الْمَقَاصِلُ

حُلْمِي تَأَبَّطَ زَوْبَعَةً

حَاوَرَتْهُ الشَّظَايَا

و فَوْقَ التُّخُومِ الْغَوَالِي

تُكَاشِفُ فَزَّاعَةُ الطَّيْرِ خُضْرَ الدَّوَالِي

بِبِاقَةِ جَمْرٍ تُؤَجِّجُ في النَّخْلِ نَاراً

وبيْنَ الْخَلِيجِ وبيْنَ الْمُحِيطِ... 

دَمٌ شَوَّهَتْهُ الْبَغَايَا

وأَحْقَرُ كَلْبٍ يُغَازِلُ في الوَ طَنِ العَرَبِيِّ خِيَامَ الْقَبِيلَةِ

أَشْرَفُ...

أَشْرَفُ...

أَشْرَفُ مِنْ أُقْحُوانِ دَمٍ

يَتَهَالَكُ بيْنَ الْبَغَايَا

دَمِي والْحَرِيقُ ونَبْضُ النُّجُومِ مَرَايَا.


دَمِي والْحَرِيقُ 

             ونَبْضُ النُّجُومِ مَرَايَا

سأبْكِي مَعَ النَّخْلِ

والرَّمْل والْخَيْلِ والظِّلِ والْفُلِّ و النَّحْلِ والإِبْلِ

آهٍ...بُكَائِي هَدِيرٌ،

ودَمْعِي رَصَاصٌ يُوَلْوِلُ

يَحْصِدُ شَوْكاً لَعِيناً،

 وعُشْباً خَبِيثاً، 

يُدَحْرِجُ فَوْقَ الرِّمَالِ رُؤُوسَ الأَفَاعِي

يُشَتَّتُ حُلْمَ الْخَفَافِيشِ بيْنَ الثَّنَايَا

دَمِي والْحَرِيقُ ونَبْضُ النُّجُومِ مَرَايَا.


يُضِيءُ اللُّصُوصُ تَجَاعِيدَ شَمَّ الْجِبَالِ...

فَأيَنَ الفَوَارِسُ يَا وَطَناً

أَتَنَقَّلُ بيْنَ يَدَيْكَ مِنَ الْمَوْتِ شَنْقاً

إلى الْمَوْتِ حَرْقاً

وتَجْمَعُنِي فِي الْهَزِيعِ الأَخِيرِ

مِنَ الْمَوْتِ أُغْنِيَةٌ ضَمَّخَتْهَا يَدَايَا 

دَمِي والْحَرِيقُ ونَبْضُ النُّجُومِ مَرَايَا.


تُؤَجِّلُ مَوْتِي الْعَوَاصِفُ؛

أَنْدَسُّ تَحْتَ الرِّمَالِ

تَمُرُّ الخُيُولُ تَفَتِّشُ عَنِّي

وعُشْبُ دَمِي خِيْمَةٌ لِلصَّعَاِلِيكِ

رَأْسِي تُدَحْرِجُهُ في الْمَنَافِي ذِئَابٌ

وتَحْضُنُهُ نَخْلَةٌ بَاسِقَهْ

تُمَارِسُ عِشْقَ الْفُصُولِ

وتَسْأَلُ عَنْ كُلِّ السَّمَاوَاتِ عَنْ صَاعِقَهْ 

فَأيَنَ الصَّوَاعِقُ يا وَطَنِي العَرَبِيَّ

لِتُرْجِعَ لِلعَرَبِيِّ الْمَلاَمِحَ

والنَّخْلَ والرَّمْلَ والْمُعْجِزَاتِ وغُرَّ السَّجَايَا

دَمِي والْحَرِيقُ ونَبْضُ النُّجُومِ مَرَايَا.


دَخَلْتُ إلى وَاحَةِ النَّخْلِ ذَاتَ حَفِيفٍ 

ووَزَّعْتُ فَوْقَ النَّخِيلِ دِمَائِي 

وأَهْدَيْتُ ذَاكِرَتِي الْخَيْلَ

أدْمَنْتُ حُبَّ الصَّهِيلِ وحُبَّ الضِّيَاءِ

نَشّرْتُ عَلَى أُرْجُوَانِ الصَّحَارَى 

فَوَاكِهَ أَشْجارِ عِشْقِي

وغَنَّيْتُ...

غَنَّى النَّخِيلُ... 

اِشْرَأَبَّتْ جِبَالٌ ودَارَتْ كَزَوْبَعَةٍ

رَاقَصَتْنِي شَحَارِيرُ حُلْمِي الْقَدِيمِ

وكَانَ النَّزِيفُ لَذِيذاً

وجَمْرُ النَّزِيف جَمِيلاً...

نَمَتْ فَوْقَ صَدْرِ الصَّحَارَى زُهُورُ الْفَرَحْ

وزَرْكَشَ أُفْقَ الْعُرُوبَةِ قَوْسُ قُزًحْ

ولَمَّا أَتَتْنِي بِرَأْسِي يَدَايَا

بَكَيْتُ وصِحْتُ ؛ فَخَارَتْ قُوَايَا

مَتَى تَتَحَقَّقُ في الوَ طَنِ العَرَبِيِّ رُؤَايَا ؟؟؟

دَمِي والْحَرِيقُ ونَبْضُ النُّجُومِ مَرَايَا.


     ------------------------------------------------------------------

* من مجموعتي الشعرية "أينعت في دمي وردة " ، الأمانة العامة للأدباء والكتّاب العرب، بغداد 1989.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.