رؤية فكرية :
#الاحتفال بالمولد النبوي الشريف
بقلم أ/ نجيب صالح طه ( أمير البؤساء ) _ اليمن.
لست بعالم فأفتي، ولست بمفت متلون الفتوى في نفس الوقت!
لكني أقول برأيي الذي اطمأنت إليه نفسي، وأفتاني به قلبي وإن أفتاك الناس وأفتوك وأفتوك!
وفي مسألة ليست _ في تقديري_ بحاجة لتبحر علمي شرعي، فأدير عليها الأحكام الفقهية الخمسة: ( الواجب، المندوب، المباح، المكروه، الحرام)، وأقوم بتعريفها، وبالتالي الخروج، بحكم التحريم للاحتفال بالمولد النبوي الشريف على صاحبه أفضل الصلاة وأتم التسليم.
ولن احتج بتقسيمات البدعة ( البدعة اللغوية، البدعة الحقيقية، البدعة الإضافية)، فأقوم بشرحها وتفصيلها، ومن ثم أخرج بحكم التبديع والتفسيق لكل محتفل بمولد نبيه محمد صلى الله عليه وسلم!
فلست بحاجة لأن استعرض عضلاتي الثقافية، ثم أبرز عضلاتي الجسدية في وجه كل من خالفني!
أيضا لن أخلط كبعضهم بين المصالح المرسلة والبدعة، فأفصل وأفرق بينهما، لبيان حكم الاحتفال بالمولد النبوي!
كذلك لن أتحامل على ذلك الرأي القائل : لو كان المولد النبوي جائزا، لفعله الصحابة رضوان الله عليهم، ولما فاتهم ذلك!
لكني أقول ومن حيث وصلت :
أعلم أنه كان عليه الصلاة والسلام بينهم، قائدا وموجها ومرشدا، ومشرعا، امتد حضوره الروحي لعصر التابعين، رضي الله عنهم، وفي أزمنة وأمكنة مظاهر التمرد والعصيان والبعد عن منهاج النبوة والشريعة الإسلامية ليس كما هو الحال في عصرنا، فكان حبه صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه جميعا أفضل الصلاة وأزكاها، الترجمة الفعلية لقوله تعالى :
( قل إن كنتم تحبون الله ، فاتبعوني يحببكم الله...).
فكانت محبته محبة اتباع، وسلوك منهجي، مازلنا نقيس بها وبهم، كل مظاهر البعد والتمرد والعصيان حتى اللحظة وما بعد اللحظة، وهذا مدخل لضرورة إحياء مولد خير البشر، وغرس محبته في قلوب الأجيال العربية والعالمية كلها بما وأنه أرسل رحمة للبشرية كافة، والتعريف به وبسيرته وبدين الإسلام الذي أرتضاه الله للبشرية ولن يقبل بغيره دينا!
كل من جهل ذلك، أو تجاهله، أو فرط به!
وبالتالي ووفقا لعالمية رسالته صلى الله عليه وسلم، وما يعتريها من التشويه المتعمد، بل والإساءات لخاتم الأنبياء والمرسلين التي تتجدد كل يوم بمظاهر مختلفة، أكانت بالرسوم الكاركاتورية المسيئة، أو الكتب والأفلام المشوهة لحقيقة النبي الخاتم سيد المرسلين، ودين الإسلام الذي دعا إليه كافة الأنبياء والرسل بمنهجايات كلية ثابتة، وتشريعات تعبدية مختلفة حسب إرادة الله لكل أمة منهاجها وشريعتها...!
إن الزمان والمكان ووسائل التطور التكنولجي الحديث وما اعترانا من ضعف أولى وأوجب _في تقديري للإحتفال بهذه الذكرى العظيمة لمولد الهدى، الذي أخرج الله به الناس من الظلمات إلى النور، واستغلال ذلك في نشر تعاليم الإسلام، وأحكام وتشريع القرآن الكريم، وبيان ما خص الله به هذه الأمة وشرفها بمولد الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام، الموصوف بالخلق العظيم، والذي بعثه الله متمما لمكارم الأخلاق الجامعة للبشرية من وجهة نظر دينية أو إنسانية!
ودرء الشبهات والشكوك التي يثيرها الكثير في هذا الزمن، ويتجاوزن كل المواثيق والأعراف الدولية التي تنص على تحريم النيل أو المساس بالمقدسات والثوابت الدينية ورموزها وفي مقدمتها الأنبياء عليهم السلام.
إحياء المولد النبوي، وتعاطي سيرة نبيه، ودراسة سلوكه وأقواله، وأفعاله، والزهو والفحر به، وتنقيحها مما علق بها من التشويهات والإساءات، المسبقة، أو اللاحقة!
في مظاهر احتفالية طوعية، لا ترف فيها ولابذخ، ولا إرهاق ولا فرض ولا استغلال المناسبة وتوظيفها لمصالح خاصة سياسية كانت أو اقتصادية، أمر أجد أنه واجب في هذا الزمان أكثر من غيره!
وعليه فإن ذلك التراشق الفكري المختلف بين المحلل و المحرم والمبدع والموظف سياسيا لهذه القضية، لن يخدم أمة الإسلام في شيء، بقدر ما يضرها أكثر!
فها هو الغرب يحتفل كل عام بميلاد المسيح عليه السلام، وقد قطع الطريق إلى الفضاء، وبإيمان كبير بما يعتقدونه فيه!
ونحن مازلنا في جدليتنا الدامية المخجلة !
وأنا ممن يدعو حكام دول العالم العربي والإسلامي برسملة الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، بكل هيئاته وجمعيات علمائه وألا يقتصر ذلك على مجرد تبادل التهاني، بل يجب وضع خطط هادفة ترافق المناسبة، وبأبعاد وأهداف بعيدة المدى، فتعرف بدينها ونبيها وقرآنها عالميا، وتستغل ملاعب كرة القدم في ذلك في العام مرة واحدة...!
أما الخلاف في ذلك :
فلن يعيد غلو الملك المظفر (أبي سعيد كوبري_ ملك آربل _ ت 630 هجرية، أحد ملوك المماليك، والذي كان يحتفل بالمولد النبوي الشريف احتفالا هائلا، ذبح في أحدها، خمسة آلاف رأس مشوي، وعشرة آلاف دجاجة، ومئة ألف زبدية، وثلاثين ألف طبق حلوى، ويستقدم علماء الصوفية من أنحاء الوطن العربي، فيعمل لهم سماعا، من الظهر إلى الفجر بتناوح قصائدي، لا يخلو من الرقص وشطحات الإطراء الشركية كما ذكر ذلك ابن كثير في تاريخه "البداية والنهاية ")، لن يعيده أو يعيد غيره المماثل له،
ولن يلغي فتوى جلال الدين السيوطي في جواز الاحتفال بالمولد النبوي الشريف أو يلغي فتاوى غيره من علماء الإسلام المجيزين لذلك.
وتبقى محبة محمد ابن عبدالله عليه الصلاة والسلام ليست بمظاهر التناوح والتواجد والتباكي وترديد القصائد الوجدانية وإنما باتباعه نهيا وأمرا.
ولابأس إن صاحب ذلك بعض المظاهر، فهذا محمد ابن عبد الله من أرسله الله للبشرية جمعاء!
شريطة ألا تؤخذ تكاليفها بحد السيف أو الرصاصة أو الإجبار أو على استحياء!
فأخذ المال حياء كأخذه بحد السيف!
ووجدانيات العربي المسلم تجاه نبيه عليه الصلاة والسلام،لاتحتاج لحد السيف، فعواطفه أكرم لنبيه من يستحثها منشور ما، ومؤكد أنه يعي أن احتفاله بمولد نبيه صلى الله عليه وسلم، أولى من إحياء ميلاد أحد أطفالها، أو إحياء ذكرى لحزب، أو زعيم راحل، أو يوم وطني لبلد ما، وأن المولد النبوي أعز وأوجب!
وأنه يمكنه إحياء المولد النبوي على مستوى أسرته أيضا بطرق مختلفة!
حال قدرته وسعته، وإلا فإن إشباع جوعه ومن يعول مقدم، ويكتفى بمحبة الاتباع وتدراس سيرته عليه أفضل الصلاة السلام.
أ/ نجيب صالح طه ( أمير البؤساء )_ اليمن.