الـزمــن والصديق شعـر : سـعـيـد نــايــــه

 الـزمــن  والصديق

شعـر : سـعـيـد نــايــــه   ( البحـر الـوافــر ) عمان في 1/4/2023

تَغَـيَّـــرَتِ الخَصَائِـــل والإخَــاءُ  وَسَادً الفِسْـقُ وانْتَـشَر البَلاءُ

وَغـابَ الصِّـدْقُ  والتمَعَ الكِذابُ    وَتَبَـدّلِـتِ النُّفُـوسُ وَلا خَفَــاءُ

فَأَلْجَـاَنِـي الـزَّمَـان إلـى صَديقٍ   رُزِئْتُ بِـهِ فمـا فيـــهِ وفَــــاءُ

يَطيبُ لَـهُ إدا انْتَكَسـت جُيُوبـي   وَيَفـرَحُ إنْ أصَابَـنِيَ البــلاءُ

يَظَـلُّ عَـلى الدَوَام يَلُـوكُ قَدْرِي   وَيَأْتيـني إذا عَـمَّ الـرَّخَـــاءُ

وَيَهْــرُبُ إنْ رَآنِـي فـي بَـــلاءٍ   يُعأقِبُنِي بمـا فـيــهِ اكْتِفَــــاءُ

خليـلٌ إنْ يَــراكَ عَـلـَى ثَـــراءٍ   عَــدُوٌّ إنْ يَــرَاكَ وَلا سَخَـاءُ

هـي الأيَــامُ تُظِهِــرُ كُـلَّ وَغْــدٍ   عَديمُ الأصْلِ لَيْسَ لَـهُ وَفـاءُ

صَديقُكَ مَنْ يُعادِي مَنْ تُعَادي وليْس يَفِــرُّ إنْ عَظُمَ البَلاءُ

لَـهُ وَجْـهٌ بِنُورِ الصِّدْقِ يُجْلَى   وَيَصْدُقُكَ النَّصِيحةَ لا مِراءُ

فـلا تَعْتَبْ عَـلى الغَـدّار يَوْماً فَعَتْبُـكَ قـدْ يَكُونُ لِـهُ غِطَاءُ

وَلا تجْزَعْ إذا الأيَـام جَـارَتْ   وَكُنْ جَلْـداً  ذا زاد العَنَــاءُ

دَعِ الغَـدَّارَ يَغْدُرُ كُــلَّ حِيـنٍ   فَفي نَفْسِي التَّكَرُّمُ والحَيَاءُ

وكـلُّ مَحَبَـةٍ في الـلـه تحلُو   ولا يَحلُو مَعَ الغَدْر الإخـاءُ

شـعـر : سـعـيـد تــايـــه

عمان _ الأردن

1/4/2023


محراب ليل..✒خليل شحادة

 محراب ليل


رسمتُ عينيك دمعة حبر قصيدة

أبجدية شدو طير صدح تغريدة 

أكف حلم ترتيل برق عشق سنا

غسق وداع بوح روح حبيب دنا

غمام قلب مطر حرف مداد غيث هوى 

أتيتك ريح أنفاس قاب قوسين أو أدنى


مددُ مددك يا محرأب ليل

آلام سهد عيون قمر صبر 

بين شفتيك نسيم شوقي

نهر كلمات بستان زهر

خلخال حب دفتر عمر

 أمس يومي وأبد الدهر


خليل شحادة/ لبنان


 zuma

سأستعيد ذكرياتي ...✒نجاه ضرضورى

 سأستعيد ذكرياتي ...

وأغلق كل النوافذ والأبواب ..

لعلي أجد ضالتي بين كتبي ... فأنا لازلت ضائعة لا أتذوق طعم حلو أو مالح ..

تمردت على طفولتي وعلى عنوستي ... 

وأيقنت أن للزمن مخالب تغدر بك في أي حين و آونة ... 

حين يرحل عنك من يحتويك بين أحضانه ... ولايعود إليك أبدا .. 

حين تلعب الدنيا معك لعبة الغميضة .. اعلم أن كل شيء قد تغير .. 

حتى ثيابي تمزقت .. حتى أناملي تورمت .. وقلمي فر منها .. وذهني تشتت أفكاره ... 

ولم أعد أستجيب للعبة القدر معي ... لكني سأغلق كل المنافذ عني .. 

لعلي أعود وأسترجع كل ما فقدته وأفتقده ...


فهلا أرشدتموني ... ؟!


         بقلمي نجاه ضرضورى

                   بنت الريف

ذَرُونِي وَ أَحْرُفِي..✒ حسن المستيري

 ذَرُونِي وَ أَحْرُفِي


ما صاغ قولي من ٱلشّعراء فَحْلُ

عذرا ٱمرِئَ القيسِ و المهلهلُ


سما حرفي في العلياء شامخا

فباقي الحروف دونه ظُلَلُ


يشهد ٱلتّاريخ لقلمي صَوْلَتَهُ

و تشهد البحور و القافية و العِلَلُ


زخمُ المشاعرِ فاض من بين أناملي

فهو للرّوح بلا إذنٍ يتسلّلُ


ٱلصّدق منبعه و القلب مضجعه

أخّاذُ المعاني وقعه جللُ


يشدو به العاشق تودّدا

و على صدر المحبوبة حُلَلُ


لعيون ميلينا كتبت قصائدي

هي الوطنُ و كلُّ نساءِ الأرضِ تَخْتَزِلُ


عشقها نورٌ لا أُفُولَ له

رسمٌ في قلبي ما له طَلَلُ


لو كنتُ ذا جاه عليّ تكالبوا

مجّدوا قولي و ٱعتراهم الذّلُ


ما ضرّ إن كنتُ في وطني غريبا

فقبلي اغترب الأنبياءُ و الرّسلُ


ما ابتغيتُ  قَطُّ بالشّعر منزلة

و ما كنتُ بين المُعَرْبِدِينَ المُبَجَّلُ


ذَرُوني بني أمّي و أحرفي

ففي اللّه رجائي و عليه التَّوَكُّلُ


بقلمي : حسن المستيري

تونس الخضراء

حشيشة رمضان" بقلم :ماهر اللطيف

 "حشيشة رمضان"


بقلم :ماهر اللطيف


من الأفعال السيئة جدا في شهر رمضان المبارك التي تعد من قبل المكروهات - حسب رأيي طبعا- وحتى المنكرات العصبية المفرطة لدى الصائم وخاصة منهم الذكور - وباتت الظاهرة حاليا لدى الجنسين للأسف -، إذ يتحولون فجأة من أناس عاديين إلى آخرين لا تعرفهم يتطاير الشر من أفواههم وأجسادهم وكل مكوناتهم جراء أي حدث يقع معهم أو لهم وإن كانت تحية تبرز لهم أنها في غير محلها او بسمة يخالونها استهزاء أو مصطنعة، وما إليه...


وقد يرجع ذلك بنسبة كبيرة إلى تأثير النيكوتين وبقية مكونات السجائر الكيميائية على الجسد الذي يشعر بالحاجة إلى هذه المواد حينها ولا يستطيع إشباع نقصه منها لصيامه، لذا يفقد البدن توازنه وعقلانيته وهدوءه وكل صفاته العادية ويسبح في أتون الحاجة والرغبة في إشباع الشهوات والغرائز التي لا يمكن إشباعها وقتها لقداسة الشهر وتعاليمه وقوانينه الصارمة، فيصير أسير النقصان - وهي حالة تخدير وفشل وإحساس بالفراغ كتلك التي يشعر بها المدمن على المخدرات - وعبدا لها يسعى إلى تجاوز هذه الحالة بأية طريقة مهما كانت وكان مصدرها ومرجعها، لذلك تختلط داخله الأمور وتتشعب وتتعطل محركات دماغه وكل جسده وخاصة منها ما يتعلق بالفهم الإدراك، وتتشوه الحقائق والصور وكل الواقع ليضحي صاحبها فاقدا لكل توازن إلى أن يفقد إنسانيته ويتجرد من كل خصالها و ايجابياتها ويصير شبيها بالشيطان والعياذ بالله في كل أقواله وأفعاله...


نعم، يحصل ذلك لدى فئة من الناس وخاصة منهم المدخنين - وقد كنت منهم لعقود زمنية قبل أن اقلع عن هذه العادة بعد أن دفعت فاتورة باهظة الثمن - الذين يقبلون على التدخين بلهفة وشهوة إلى أن يصبح هذا "المارد" لدى الفرد إدمانا وحتى مسألة موت أو حياة، لذلك يفعل المدخن أي شيء مقابل الشعور بالتوازن والراحة التي لا تتأتي إلا بإشباع الغرائز وسد الحاجة إلى النيكوتين وبقية المكونات التي يطلبها الجسد ليواصل عمله وتواجده على الأرض.


 فكيف يمكن تجاوز هذه الحالة و التغلب عليها وبالتالي القضاء عليها مرة واحدة و استرداد ما شوهه التدخين في الجسد وخاصة الرئتين وبقية الجهاز التنفسي والقلب والشرايين وغيرها من جهة، واتقاء مثل هذه العادات وما تنتجه من أفعال سيئة تضر بالفاعل والمفعول به الذي لم يقترف ذنبا يستحق ردة الفعل هذه التي يرجعها الفاعل إلى "حشيشة رمضان" كما نقول؟


في الحقيقة، فإن الجواب لن يرضي القارئ المدخن الذي سيتعلل باستحالة القيام بهذا الحل المتمثل في الإقلاع الفوري والتام عن التدخين، فأقول لهم إن "المستحيل غير موجود عند من يتوكل على الله و يؤمن بنفسه ومقدرته على تجاوز الصعاب والمحن"، وقد قمت بذلك مرة واحدة وتحديت تلك المرحلة الصعبة وآلام الرأس والصداع وارتخاء الجسد وغيرها من العلامات وقاومت لأيام قليلة تغير نفسيتي وشخصيتي التي شابهت المدمنين الذين يعانون نقص المخدرات، قبل أن أتعود واسترجع توازني وجسدي الذي بدأ في التعافي بمرور السنين إلى أن أصبحت لا أطيق رائحة السجائر و أتحاشى الجلوس في الأماكن العامة والخاصة الممتلئة بالمدخنين والروائح الكريهة المنبعثة من أفواه وسجائر مدمنيها - وما وأكثرهم للأسف وخاصة لدى الشباب الإناث في هذا العصر المتقلب -.


كما يمكن الاستعانة بالرياضة وبعض الأدوية المساعدة على ذلك وتحاشي الإقبال على الأكل دون ضوابط - وهو ما وقعت فيه للأسف - فيقع المقلع عن التدخين في معضلة "السمنة" ويسقط بالتالي في فخ جديد ستوجب العلاج وعيادة الأطباء باستمرار ...


. ولا ننسى أننا نرتكب خطأ فادحا قد يصل إلى مرتبة الإثم دينيا حين ندخن إذ قال الله في قرآنه العظيم "ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة" وكذلك "ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث" و" ولا تقتلوا أنفسكم  إن الله كان بكم رحيما" وغيرها من الآيات، وقوله صلى الله عليه وسلم "لا ضرر ولا ضرار"...،لذلك وجب علينا الإقلاع عن هذه العادة والرجوع إلى الجادة عسانا نرضي الله بإرضائنا لعباده ما إن نكف عنهم آذانا وشرورنا المتأتية من هذه العادة السيئة.


 علما وان التدخين لم يكن معروفا في الإسلام ولم تكن نبتته متواجدة آنذاك ، لذلك لم يذكرها القرآن ولا الرسول صلى الله عليه وسلم صراحة، وكان  أول معرفة بها في بلاد المسلمين في سنة ألف للهجرة تقريبا، عندها شاعت وانتشرت هذه النبتة وبدأ اختلاف الفقهاء في حكمها، فمنهم من رأى التدخين حرام، ومنهم من رآه حلالا، ومنهم من رآه مكروها، قبل أن يتفقوا على خطورة آثاره و أضراره على جسم الإنسان وصحته و اعتبروه بالتالي محرما شرعا، مثلما خلص العلم إلى ذلك أيضا وقام المختصون  بالأبحاث والتجارب المتعددة التي أثبتت خطورة هذه الآفة وكثرة مخلفاتها والأمراض التي تتسبب فيها ومنها السرطان بمختلف أنواعه المؤدي إلى الموت الحتمي وإن طال الزمن بعد أن ينهك الجسد يعذبه أيما عذاب يطال المصاب وكل المحيطين به من قريب وبعيد .

صَبَاحُــكَ أَخْضَـــــرُ، يَا وَطَنِــــي.. شعر: محمد علي الهاني

 صَبَاحُــكَ أَخْضَـــــرُ، يَا وَطَنِــــي


تَجِيءُ، تَجِيءُ إِلَـــــــــــــيَّ الدُّرُوبُ

فَأَرْحَلُ قَبْلَ رَحِيــــــــــــــلِ الدُّرُوبْ


وأَفْتَــــحُ لِلْشَّـــــــرْقِ نَافِذَتَــيْــــــــنِ 

وأَفْتَـــــــحُ نَافِـــــــــــذَةً لِلْغُــــــرُوبْ 


صَبَاحُــكَ أَخْضَـــــرُ، يَا وَطَنِــــــي

ولَيْلُكَ حُلْـمٌ جَمِيـلٌ خَلُـــــــــــــوبْ 


صَبَاحُـكَ أَخْضَــــــرُ، يَا وَطَنًــــــــــا 

تَلأْلأَ نُــــــــــورًا بِكُلِّ القُلُــــــــــــوبْ


إذَا خَابَ لِي أَمَـــــــلٌ فِي الحَيَـاة

فَفِي وَطَنِـــــي أَمَلِــي لاَ يَخِيـــبْ


وإنْ غَابَ عَنْ مقلَتَيَّ حَبِيبِــــــــي

فَلِي وَطَنٌ فِي العُلاَ لاَ يَغِيـــــبْ.


شعر: محمد علي الهاني- تونس

الفصح المجيد ✒عبدالله سكرية

 ومن أجواءِ الفصحِ المجيدِ٠٠تحية لكلّ مُحتفٍ، وهنّئوا معي مطرانَ القدسِ المؤمنَ المقاومَ عطا الله حنّا ٠٠وتحيّة إلى كلّ من يقفُ معه دفاعًا عن بيتَ لحمٍ وعن كنيسةِ القيامةِ٠٠ 


قدْ أُطلِقَ العيدُ . يا زَهْواءَ مَنْ فَخَرُوا 

حيُّوا  المَراتِبَ حيْثُ النُّورُ  يَنْهَمِرُ 


في حِضْنِ  مَرْيَمَ ..   منْهُ هلَّ سيِّدُنا 

مِنْ بيتَ لحْم ٍ .. وبالإيمانِ  يَأتَمِرُ 


حيُّوا    قِيَامَتَهُ   ،   حيُّوا   رِسَالتَهُ 

هذا ابْنُ مَريَمَ ، أثْرَى  حبَّهُ البَشَرُ


فاللهُ   جامِعُنا   ،  بالحُبِّ    آمرُنا 

يا  سَعْدَهُ  مَنْ بِثَوْب الله ِ يأتَزرُ 


هنا  كنَائسُنا  ،   حاكَتْ   مَساجِدَنا 

هنا البِقاعُ . لنَا  في صَفْوِه الخِيَرُ 


كنَا  معًا  ، وبَقِينا ، فاسْألوا ! عَبَثًا 

تُزيلُ  دُنْيا  لِمَنْ في عَيْشِهِمْ  قَدَرُ 


نحنُ انْتَسَبْنا لِهذي الأرِض ِ أزْمِنةً

كمَا الرَّبيعُ ، غِذاهُ  الفَوْحُ  والزَّهَرُ


واليومَ في عيدِكُم   حبٌّ  وتَضْحيَةٌ 

"لا يَصدُقُ الوَصفُ حتّى يَصدُقَ النَّظَر"...ُ

عبد الله سكريّة.

صورٌ قَرويّةٌ..✒أ. عبدالله سكرية

 ليستْ كذبةً لأوّل نيسان. 

صورٌ قَرويّةٌ..

السلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه .

أنا ابنُ قريةٍ لبنانيَّةٍ بعيدةٍ عمّا كلِّ ما هو مدنيٍّ.

إبنُ صاحبِ صنعةٍ أتتْ بعيشٍ حلالٍ،  فاستطاعَ صاحبُها أنْ يُعيلَ ،ممّن بقوا على قيدِ الحياة، أربعةً أفراخٍ صبيةٍ وخمسةَ فريخاتِ بنات .الزوجة تطلبُ وهو يستجيبُ ، وكانَ الهمَّ أن يعملَ وأنْ يُصلّي .وهو شأنُ القرويينَ جميعهِم . زراعةٌ ، فلاحةٌ ،حلبُ ضرعٍ ومعها بعضُ وظائفَ خفيفةٌ جلّها في حمى الوطن . ويبقى  النّداَءُ الأمثلُ أنّ اللّهُ أكبرُ ليسارعَ الكلُّ إلى الصّلاةِ . 

إيمانٌ فطريٌ، وعلاقاتٌ فيها ودٌّ وإيثارٌ،وعملٌ يصاحبُه تعاونٌ وحلالٌ .وككلِّ قريةٍ كانت مدرسةٌ رسميّةٌ ، وكان مخفرٌ للدّركِ ،ومفرزَةٌ للجماركِ . 

وفي قريتِنا تلك كانَ المعلّمون الأهليون أقلَّ من عدَدِ أصابعِ اليدِ الواحدةِ. فكان من الطّبيعيّ أن تستجلبَ الوزارةُ معلّمين من شمال لبنان َ أو من جنوبِه ويكونُ للوسَطِ منْهُ حصّتُه .وهذا شأنُ قطاع الأفرادِ من قوى الأمنِ الدّاخلي  ومن موظّفي الجمارك .

موظّفونَ غرباءُ يؤدّون واجبَهم الوظيفيَّ بعيدًا عن أهاليهم وعائلاتِهم . وكان طبيعيًا أن يزاولَ الجميع مهامّهم ، والضّروريَّ كان أن يتمَّ التّعارفُ وتُبنى الصّداقاتُ . كان لافتًا لدَيَّ ،وأنا بعدُ فتى ، أن يلبَّي دعواتِنا "بولسُ وزينُ وجوزيف" ومعه شقيقتُه "جوزفين" وخطيبُها "باخوس" الذي صار زوجَها في ما بعد .وعلى طعام غداءٍ أن يكون "سميرٌ وأحمدُ وعبّاسٌ" ومعهم "إدمون" . وتأتينا "ليلى ويمنُ ورجاءُ" ومعهنّ" شاديةُ" والحفلُ تبّولةٌ أو قهوةٌ ،وتروحُ تتسلّى القاعداتُ بالحديثِ عن هذا وتلك .وتُعنى السّيدةُ الوالدةُ ب"ماري" الحاملِ  في شهورِها الأولى،وكأنّ شهرَ عسلِها كانَ في قريتِنا ، وما كانتِ الوالدةُ  لتبخلَ في الوقتِ عينِه عن "جانيتْ" بأن تُعطيها الإرشادات الخاصّةِ بمولودِها الأوّلِ وقدصارتْ له أمًّا منذ فترةٍ بسيطةٍ ..  

وتتوالى السّنون ..ومع تواليها يذهبُ بعضُهم إلى حيثُ يُطلَبونَ كموظّفينَ،  ويأتي آخرون غرباءُ، ليصيروا معارفَ وأصدقاءَ كسابقيهم.وفي قريتِنا تلكَ ، ما من شيِءِمن طعامٍ كان يُحضّرُ في أفرانٍ أو مطاعمَ، وكنّا نحن متى نفدَت الأرغفةُ من البيتِ نطلبُ من الجيرانِ بضعةً منها لنُعيدها حينما يتمُّ التجهيزُ للخَبزِ وتوابعِهِ .وأذكرُ أنَّ والدتي قد أرسلتْنا أنا وأخي الأصغر ، لأتفقّدَ ،مع مؤونةٍ نحملُها، اثنينِ جارَين من رجالِ الجماركِ في نهارٍ كانتِ فيه الثُلوجُ تطرقُ على الأبوابِ ،وثلوجُ قريتِنا متى كانتْ تتراكمُ ، كان لها شأنٌ خاصٌّ بالعملِ والصّبرِ والصّقيعِ ، فوجدتُهما قد وضعا ،على سطح المدفأةِ،عجينًا كانا حضّراه، والهدفُ أن يأكلا خبزًا.والطّريفَ أنَّ أحدَهما عاد إلى بيتِنا ليقدّمَ واجبَ العزاءِ بوفاةِ السّيِّدِ الوالدِ بعد غيابٍ طال واحدًا وأربعينَ عامًا . وهو الّذي كنت على صداقةٍ معَه بعدَ أنْ  عيّنت مدرّسًا، وكنتُ قبلَها طالبًا في دار المعلّمينَ الإبتدائيَة . 

وما زال صديقي "إدمون" هذا على تواصلٍ معنا،  وقد أخذَنا العمرُ عتيّا .

تعارفُ وتعاملٌ ووحدةُ انتماءٍ كمَن ولِدنا من أمٍّ واحدةٍ لوطنٍ واحدٍ ، يُعزّزُها ثقافةٌ جامعةٌ ما كان فيها ما يُنغّصُها شأنَ هذه الأيّام ..

سقاها اللّه أيَّامًا .

                                      عبد الله سكريّة ..

زمن الحمير ... !!!✒زياد أبو صالح

 زمن الحمير  ... !!!


مستوطن يدعى :" بن غفير "

يعيث فسادًا في مسرى نبينا

على مرآى العالم كله

عصاباته المجرمة

يضربون المصلون الركع

لم يسلم منهم شيخٌ أو سفيرْ ... !


عدونا :

لا يريد سلامًا

يعشق إراقة الدماء

مجرمٌ وسافلٌ و ... حقيرْ  ... !


يفرض علينا الضرائب الباهظة

يغلق كل يومٍ

من دونِ سابقِ إنذارٍ

مؤسسةٍ أو مركزًا بقفلٍ أو جريرْ ..  !


هدمَ بيوتنا

حرقَ زيتوننا

فجرَ آبارنا

لم يبقِ لنا سبيلًا أو ... غديرْ ... !


شعبنا " شعب الجبارين "

ذاق كل أصناف العذاب

بشكلٍ قاسٍ و ... مريرْ ..  !


شبابنا يقتلونَ يوميًا

لا لذنبٍ اقترفوه

بل لأنهم أصحاب الديار

منهم الشهيد ...

ومنهم المقعد ...

ومنهم المبعد

ومنهم الأسيرْ ... !


يا أبناء شعبنا العظيم

رصوا صفوفكم

كفاكم فرقةً وانقسامًا

بالوحدةِ يتحقق تقرير .. المصيرْ ..!


حكامنا :

لا يعنيهم أمر شعوبهم

لو ماتوا جوعًا وبردًا

معظمهم بلا طعامٍ أو حصير  ... !


لعنة الله عليهم

على حساب أبناء شعوبهم

يلبسون الاستبرق أو ... الحريرْ ... !


عندنا مالٌ وفير

يا حسرتاه

بأيدي حكامنا الخونة

إلى عدونا ... يطيرْ ... !


صدقوني ...

بعضهم لا يعرف قراءة

سورة من محكمِ التنزيلِ

أو حديثٍ قصير  ... !


أين النخوة يا عرب :

كيفَ تصلون ... ؟

كيفَ تصومون ... ؟

كيفَ تفرحون ... ؟

ومسرى نبينا محمد

تحت نير الاحتلالِ ... أسيرْ ... !


الوضع في ديارنا خطير

لم نتحرر أبدًا

إن لم يكن عند  أبناء أمتنا

استعدادٌ  أو ... نفيرْ ... !


يا جماعة :

لن تقوم لنا قائمة

ما دام الكل يغني على ليلاه

هل نحن في زمن ... الحميرْ ... ؟!


* بن غفير : وزير الأمن القومي الإسرائيلي .


دبابيس / يكتبها

زياد أبو صالح / فلسطين

فضيل على جودشعر كمال الدين حسين القاضي

 فضيل على جود

فضيلٌ على جودٍ وحسنُ عطاءِ

نراهُ عظيمَ القدرِ دونَ رياءِ


بهِ كلًّ عفوِ منْ عليمٍ وقادرِ

وطهرٌ  معَ الإيمانِ عينُ نقاءِ


طبيبٌ أتى نحوَ السقيمِ معالجًا

قلوبًا بها جهلٌ وكلُّ دهاءِ


تعيشُ على نهجِ الضلالِ مريضةً

خلالَ مسارِ الزيفِ دونَ دواءِ


حباهُ الذي اعطَى الصيامَ سجيةً

وقدرًا جديرَ النفعِ خير رخاءِ


أناسٌ على صيدِ الحرامِ حريصةٌ

تقيمُ على شطٍّ بغيرِ وقاءِ


سخاءٌ غزيرُ منْ  عطوفِ ومصفحِ

بلا أيِّ حدٍّ في مداد رواءِ


يجيبُ دعاءً  ثمَّ خيرَ مطالبٍ

كريمٌ  على خلقٍ وكلِّ نماءِ 


بقلم كمال الدين حسين القاضي

أرى رمضانَ..شعر كمال الدين حسين القاضي

 أرى رمضانَ

أرى رمضانَ مفتاحَ الجنانِ

وخيرَ الذكرِ منْ نورِ البيانِ


بهِ مِنَحُ الإله وكل فضلٍ

ونيلُ.العبدِ جائزةِ الزمانِ


نرى فيه السعادةَ بينَ قلبِ

وعزَّ النفسِ منْ بعدِ الهوانِ


وفكرُ العبدِ مشغولٌ بربٍّ

وحفظُ النفسِ منْ سوءِ اللسانِ


زمانً الصومِ إحسانُ وسعدٌ

ووجه البشر في صوت الأذان


فيا عزَّ الأنامِ  بصومٍ شهرٍ

ترى روحَ البشاشةِ بالمكانِ


فقدْ جاءَ الكريمُ بفيضِ خيرٍ

وصارَ الكلًّ في ظلِّ الأمانِ


وقدْ غلقَ الإلهُ  جحيمَ نارٍ

وكمْ  مَنَحَ الجوائزَ للصيانِ


وقدْ غفرَ الذنوبَ لكلِّ عبدٍ

لمنْ صامَ الفريضةَ في إمتنانِ


فكمْ منَّا بدفترهِ ذنوبٌ

وكمْ منَّا على ظلمِ مدانِ


بفضلِ اللهِ قدْ صرْنا بعفوٍ

فجاءَ  الصفحً منْ ربِّ الحسانِ


فربُّ الناسِ يغفر ًكلَّ ذنبِ

وإنْ بلغَ المدى عبرَ العنانِ


فليسَ هناكَ بالدنيا جديرٍ

بذكرِ الخيرِ في شهرِ الضمانِ


بقلم كمال الدين حسين القاضي

يا أنت..بقلم د. غانم الخوري

 .             يا أنت


أين أنت

أيها الحب

تعال ولو من فرض المحال

أني أعلق عليك الآمال

آه من روحي وآلامها

قد ضاقت صبراً بالحنين

 تشعبت الأفكار 

و تنوع العذاب 

من الفراق و قهر الأشواق

أضحى الليل يشابه النهار

يداهم الخريف الأشجار

تتساقط أوراقها

 حتى الطيور تهاجر بأسراب

تغادر أعشاها 

ترحل إلى المجهول البعيد

لحياة أفضل

ربما أملاً بالتجديد

وحتى القمر لبس السواد 

واعتزل النور


.. غانم ع الخوري ..

الجثث قصة * للكاتبة الروائية أمل شيخموس // سوريا

 الجثث 

           قصة *

      للكاتبة الروائية

                  أمل شيخموس // سوريا 

                                    ▪︎▪︎▪︎                    🤺

 لا تزال طاقاتُهم عالقةً بها مهما تحاول الخلاص إلا أنَّها " مستهدفة " من قبلهم ، و لا ضير بقناعتهم من معاقبتها بهذا الشكل المريع ، فأرواحهم مازالت تسكنها و تنتقل معها ، و كأنَّ الزمان يتجدد في كل الفصول و الشخصياتُ تنبتُ من جديد إثر كل مرة يتم قتلهم يعودون بأزياء و أشكال و مُقل شدَّ ما تضيء كالأشعة فوق البنفسجية تلجُ الحلم ، أو أن الحلم يدلفُ بها من الزوايا ، و التفاصيل يتراءون في هذا البيت الأشبه . . أهو مسكون أم مسحور لا أحد يدري ؟ ! 

فقط هي تراهم كيف يتسللون من الشقوق و الثقوب بغية اقتناصها و صغيريها ! يتكرر المشهد و بأعجوبة تنجو بهما . . الجو أخضر و الأشعة خضراء و هو يتراءى لها شخصياً عيناهُ تشعان كالنوافير ، و كأنَّ المشهد مسلطٌ عليه أضواء كثيفة على عتبة المسرح .

من الأسطح الامعة يتراءى سواءً أكان درابزين الدرج الذهبي ، أو الأواني الفضية ، أو حتى من القاعة المغمورة بالتحف النفيسة ، إنه بيتٌ مسكونٌ لا محال ! ؟ 

عن طريق هؤلاء المسجونين داخل الأشياء هنا ، أم في أعماقها ، أم في كتبها ؟ ! 

اعتادت على قتل معجبيها " روائية " مشهورة ، إيداع جثثهم بما تحمل من رائحةٍ للشجن و الحنين إلى حروف روحها و ربما تفاصيل جسدها أيضاً ، و امتلاكها بشكلٍ جديًٍ مهما كلف . . فما كان منها إلا أن ترفع عليهم سيف الكتابة ، فتقتلهم حقيقةً كي يحييوا طقوساً باهرة  بين بساتين رواياتها بيد أن الأمر لم يكن كذلك البتة ، ليس ربما هذا يروق الجميع أو يغويه ، فقد أزمعوا إنتقاماً ضاريِّاً 

تعاهدوا أن يؤذوها " أسرتها " ألا يهنئوا البتة ، و ما أعظم القسم ، و ما أعظم ما قاموا به ! 

فرَّ الزوج بهم إلى سكنٍ آخر ، الأهم هو سلامة أسرته الذين ازدادوا مقتاً للقصر ، وحدها تخونهم تتكتم على الحقيقة " السر " تدري ما الأمر ، و ما الذي يجري من حولها ! 

أرواحٌ .... أرواح و أخيلة تتتبعُها  كما اللعنة أهي لعنة أم نعمة ؟ ! 

- الكتابة ! ربما هي نعمة في نظر الآخرين ملكة و موهبة " تمييز " بيد أنّ خلف الكواليس وحدها تستطيع إحصاء اللعنات و الخيبات التي لا حصر لها كيف تلاحقها ؟ ! 

في آخر زيارةٍ للقصر تراءى لها الأخضر من بين زجاج النوافذ ، حيث هبت ريح شبه قوية أردت المزهرية الفارغة . .أرضاً لتحطمها ، و يخرج منها ماردٌ أسود الشعر هذا الشخص الذي قتلته مؤخراً بمسدس الكلمات و دفنته في عمق الصفحة ليتوارى بين الأحداث و السطور بعد أن رشتهُ بماء المحبرة ، و القليل من الدموع أصول الدفن ، فهي اعتادت هذه الطقوس و لا خلاص منهم إلا بذاك ، أما هذه المعجبة التي تجسدت الآن ، فقد كانت شديدة الالتصاق بها ، و هي التي تفر من الجميع حباً بالحرية ، فالأفكار و الحروف تدلف بها دواماتٍ سرية لا ينبغي لأحدٍ أن يراها سواها ، فهي تتحول إلى وحشٍ أحياناً ، و أخرى إلى سندباد و تارةً سندريلا ، و بياض الثلج أما السفر على المقشة الزمنية و عبرها ، فحدث و لا حرج التسرب بين طبقات الوقت ، و التدحرج من خلاله ما بين الماضي ، و الحاضر ، و المستقبل ، فهي تتحول و تتشكل و تمتزج و لا يبقى منها شيء فكيف لهؤلاء أن يقتنوها ، و هم يريدونها بشرية اعتيادية ، إنَّها لا تحيا ذات الفصول بل ينمو لها ذيل عند الصباح فجراً كما الحورية ، أما مساءً بين طيات الليل تنحدر و تنهمر في أماكن أخرى لم يختبرها سواها صولات ، و جولات كتابية ، و زخات حرفية ، و إستفهامات لا حصر لها ترعدُ بالإلهام بالبرق ، و العواصف .

هو ذا الأخضر النحيل يتوجه إليها يقترب منها يحاول أن يشتمها من تلك المسافة التي لا بأس بها مقلتاهُ كما الزّجاجِ تفيضانِ بالدّموعِ ، تستبرقان بالرعود إنها الجثة التي عشقتها بضراوة و أقسمت أن تتملكها حتى بعد الموت و ها هي المرأة ذات الشعر الأسود الغجري المعجبة المتيمة تدنو أكثر ، فتلمس فستانها تنبس :

- إنّه باهظ الثّمن . . !

  تستكمل : 

- أنت كلما تزوريننا تقومين بارتداء الأبهى          

    إذاً أنت فاحشة الثّراء !    

ت..لكك...ت الكاتبة تلعثمت لم تعد . . تسعفها و سط الرعب ثلاث جثث حية من حولها تحدق بها بينما صغيراها أعلى الدرج غير منتبهين لما يجري سوى شعور طفيف بعدم الراحة ، عادةً الصغار تطغى عليهم الإيجابية علاوةً أنهم غير مطلعين على سر والدتهم الغريبة الأطوار التي يجدونها من أحن خلق الله 

لم يسعفها لسانها بالرد !

بيد أن المعجبة اشتدت بالإعجاب أكثر ، فأكثر :

- رائعة أنتِ في الرداء القرمزي المستبرق مع الخيوط الذهبية المكرزة ! 

      استكملت بدهشة : 

- تُرى كم كلفك ؟ !

تنحنحت الكاتبة قليلاً تود لو أنَّها تلوذ بالفرار ، فصاحب الشعر الأسود أيضاً يستعر توقاً ، و الأخضر يكاد يذوي حنيناً عودهُ يكاد أن يتلاشى . . تردت إلى الأرض بعد أن ارتطمت ساقها بطرف الطاولة و هي تحاول الإنسحاب !

تنبهت الطفلة في لحظة خاطفة . . والدتها محاصرة بأشكال مختلفة عنهم . . من القبور ؟ ! ! 

اشتدَّ عزف الرعب في المكان و كأنَّ بيانو مجنون يعزف عليه أحدهم دون أن يتراءى ، فقد كان رابعهم هذا مهووساً بها بامتياز . . ! لا حول ولا قوة إلا بالله قفزت الصغيرة من أعلى الدرج قبل أن ينتبهوا لها ، في محاولة لإنقاذ أمها العالقة . . سيتجرعون دماءها لا محال ، ذات الوقت صرخ أخوها مستيقظاً على المشهد ! . .أخته الفرار و الإسراع بالنجدة 

بدأت تجر ذراعيّ والدها على عجل : 

- أمي . . . ! 

و لج الأب القصر ليجد زوجته و ابنه في الطابق العلوي مكبلين بمخلوقات تكاد تكون . . مشهد لا يمكن احتماله !

سقطت الحبائل من بين إيديهم متجمدين إثر عزمهم على . . بوغتوا برجل ضخم قوي البنية يهرول إزائهم بدافع غريزة الأبوة التي تغلبت على الهلع آنها ! 

الجثتان المرأة المعجبة و الرجل صاحب الشعر الداكن الكثيف قد تسربتا كما الضوء من ثقوب الباب ، إلا أن الأخضر

تسمر في مكانه عازماً القضاء عليهم جميعاً العشق قتلهُ لم يبقى فيه شيء ! على كل حال لا بد من الانتقام تزامن ذلك مع بلوغ الأب الطابق العلوي ، و كأنَّ سقف القصر قد انخلع أو أنَّ صفحةً ما من كتابٍ قد قُلبت كالصفعةِ على عجل أََظلمَ المكان و أبرقَ بالضوء ، فقد قفز الأخضر إلى حيث لا أحد يعلم !

هو متوعدٌ بالانتقام !

بدى كل شيء من حولهم يهتز و يميد إلى أقصى حد و المشهد يحتدم وحدها الكاتبة تدري ما الذي يجري هنا ؟ ! 

إنَّها لعنة الكتابة و التعلق المرضي للأشخاص بها دون وعيِّ هذا الأمر يجعله قاتلاً أحياناً ، و يرتكب فاعله الحماقة من حيث لا يدري .

الكل في ذهول و كأنَّهم في دوامة يدورون القصر يهتز بهم ، الأم تلاشت تماماً و سط تلك الفوضى فقد جذبها الأخضر إلى مكانٍ سحيق 

بدأ يتأملها بجنون و شراسة الذئب ، هي آمنة هذه اللحظة لأنها تقرأ في مرآة عينيه المضيئتين الحب* و الذي يحب يستحيل أن يؤذي 

قالت لها عيناه و قلبه مفطور : 

- لماذا تركتني ؟ ! 

وقع السؤال كما الصاعقة ! سيفٌ بتار !

تشتدُ ألماً و حسرة تجيبه بذبول : 

- أنا لم أتقصد ، لكن القدر يهدينا لأناسٍ نشتبك و ننفرز و إياهم في الحياة الأمر ليس باليد .

كما أني أعتذر أيما اعتذار لكل من بقي عالقاً بي و بقيتُ عالقة به و مازلت أجاهد كي أحيا حياةً سوية مع هذا الكم الهائل و المهول العالق بي لأخرج للعالم بهذا الثبات أتمنى الصفح أيتها الأرواح الكريمة الغفران يليق بك .

عازف البيانو المجنون أيضاً توقف عن بث الرعب لثوانٍ احتفاءً بها ، المرأة المعجبة و الشعر الداكن من الأسطح المعدنية يتراءون لها بعيون وجودية فقط تضيء تثبت ذاتها بذاك الوهج ! الدموع تترقرق في عينيه الخضراوين يود لو أنه يلفها أو يقتنيها كما العطر لو اضطر لأدخلها عنوةً في عمق تلك الزجاجة بيد أنه آثر أن يتركها لزوجها و أولادها فهي حيَّة هناك تعيش ، و هم بين الأتربة و الكتب المهملة لا يمكنها التواصل بالشكل الصحيح .

لابد للحب أن ينتصر ، أن يدعها لهم سالمة غانمة تعود .

كان يرتدي فانيلا بيضاء تبين بروز عظام صدره و بنطال رمادي واسع قد عقدهُ بحزام جلدي ضيق يمنع انزلاقه ، فقد كان مقاسه مناسباً قبل أن يتعلق بها بيد أنّه خسر الكثير من شحمه و لحمه جراء التتبع . . امتلاكها و لو سطواً !

هذه النتيجة خسرانٌ مبين و لعنة أكيدة و جثث هامدة إلا من التعلق بها !

ما يزال يتأمل عينيها بحسرة ربما كانت اللحظة متبادلة .

أيضاً متأثرة بهم ، كم هائل من المشاعر تستقبله منهم و يُختزن رغماً عنها يتم سحب الطاقة و . . مشاعر البؤس و الحسرة منهم إليها عن طريق الإرسال المكثف من بعض القراء المنبهرين يتم التقاطها في مخازن الذات لا إرادياً ، فالإنسان يؤثر و يتأثر بفعل الطبيعة و كل العوامل المحيطة .

أخيراً ارتدى الأخضر المسكين سماعاته في الأذنين ، قرر إخلاء سبيلها بيد أن النظرات كانت حادة الألم لا تُحتمل اعنملت في صدرها كما الشفرات يمسك بكفيها لا يود الفكاك منها . . !

بيد أنّها لا إرادياً كانت تمسك بأصبعيه عند اجتهاده في المغادرة ، التفتَ إليها إذ بها تشد على إصبعيه ، و كأنَّ جوارحها تنزف بغزارة كما دموع الأخضر . . الممتزجتين !

عادت و المشهد المؤسف ملتصقٌ بها . . لا يفارقها !

بالأخص الأخضر الذي تشبث بها للرمق الأخير ، غفر لها من أجل أسرتِها ، و ألا تكون مجرد جثة مقتولة مثلهم بين السطور مقيدين بالفاصلة ، و التعجب محمَّلين بثقل الشدة ، و محددين بنقطة ، و سطر . . 

آثر أن تعيش هي حرة مشرقة باسمة لا هامدة !

من الحب ما قتل ، و من الكتابة ما أبكت و ما أفرحت ! أسرتها لا تدرك سرها الخطير و هي لا تجرؤ البتة . . متكتمة حتى يفرجها الله ، و تنعتق من أسر المادة إلى عالم الروح الفسيح كما الروض .

نسي الأب و الأبناء ما حدث مجرد أن لفظهم القصر خارجاً ، فقد كان الأمر سحريِّاً للغاية خُيِّلَ إليهم أنّهم غفوا كما أهل الكهف . . ثم آثروا العودة إلى البيت المستأجر القريب من قصرهم القديم الأهم من ذلك أنَّهم لا يتذكرون شيئاً ، و كأنَّ مبارزة ما تمت في الخيال ما بين الحقيقة ، و الوهم هو شعور واحد يتملكهم بعيداً عن القصر راحة كبيرة . . الكوابيس تعزز لديهم حقيقة واحدة أنَّه بيتٌ مسكون ربما حلَّت عليه اللعنة بأيِّ سببٍ هم لا يعلمون يجهلون تماماً ما الذي يجري فعليِّاً !

أثناء العودة بدت حجارة الطريق الصغيرة كأنَّها صخور متوسطة ، قطع من الكريستال الملون بعضها فسفوري اللون و الآخر بطيخي و برتقالي . . يتراءى ذاك لها فقط ، و الرجل الأخضر المسكين يبتسم لها بحزنٍ عميق يلتمع محياهُ الذي يرتسم و يظهر كما المرآة على سطح إحدى تلك الصخور الكريستالية المتوسطة الحجم المضيئة من حولها كما المصابيح المشعة وسط دكنة الليل !

لا يزالُ يتابعها و يتتبعها كاللعنة ، كما تلك الأرواح العالقة بها في عتمة الزمن يدورون كما الكواكب في مكانٍ قصيٍّ بعيداً عن إدراك الجميع وحدهم في

عالمهم المجهول الكاتبة ، و الجثث ، و الأحداثُ تدور . . .


   🌼

الكاتبة الروائية

      أمل شيخموس