نورانية الحب وسوداوية الحقد...بقلم الأديب صخر العزة

 {{{نورانية الحب وسوداوية الحقد}}}

فُطِرَ الإنسان على نزعتي الحب والحقد ، فأحب قابيل إقليما ، وكرِه أخيه هابيل من أجلها ، وكرِهت لبودا إقليما لحُبِ قابيل لها ، ومنذ ذلك اليوم وحياتنا يتجاذبها تياري الحب والحقد ، فهذا يحب تلك ، وذاك يكره ذلك

فما هو الحب ؟ وما هو الحقد ؟  

الحب: هو نبضاتٌ نورانيه من الحس الإنساني تنبعث من القلب لتتشبث بشرايين قلب المعشوق فلا يستطيع الفكاك منها ، ويتوج هذا الحب الرباط المقدس ، وقد يتنوع الرباط هنا ، فقد يكون الزواج حيث تصبح ارواح المحبين توائم ، وقد يكون عشق هذا الإنسان وحبه لوطنه هو رباطه المقدس وعقد قرانه يكون مع الأرض التي جُبِل دمهُ وخُلِقَ منها ، ورباطه هنا الشهاده والموت من أجلها وبها يتحد جسده مع تراب أرضه ليشهد له التاريخ على حبه ووفائه لوطنه ، فبالحب يصل الإنسان إلى قمة ( النرفانا ) وهي السعاده المطلقه .

أما الحقد: فهو نبضات سوداويه نابعة من قلبٍ أسود تنفر منه الأفئده وتلفظها ، فيكون من جراء ذلك ما لا تحمد عقباه ، فكلمة الحقد ذاتها تكاد أن تكتم على أنفاس لافظها لِغُلظتها وحِدتِها ، وعكس ذلك كلمة الحب التي تملأ الفم وتكون نابعة من الداخل وكأنها منفصلة عن الروح ، وخارجة من نهاية الفم إلى مبتداه ، وكما قلنا فإن الحب والحقد ولدا مع الإنسان ، فبالحب ولد الخير وانتشرت به السعاده ، وعَمُرت الارض وازدانت بأبنائها ، أما بالحقد فقد عم الشر واستشرى ، وكان العناء لأبناء البشريه .

وللحب في حياتنا قصص كثيره يشهد عليها التاريخ كقصة قيس ولبنى ، وقصة قيسى وليلى الذين ماتا على حبهما ، وكم كان قيس يهيم بليلى على وجهه في صحراء الجزيره وبلاد الشام وهو في عنفوان وجده ، وقد أُخذ الى الكعبة ليدعو الله أن ينقذه من حبها ، فما كان منه إلا أن تعلق بأستار الكعبه ودعا الله أن يزيده بها هياماً وولعاً .

كما أن هناك من صور الحب – حب الإنسان لأرضه ووطنه وتعلقه بها ومثال ذلك قصة الجندي الياباني الذي مكث ما يزيد عن أربعون عاماً وهو رابضٌ خلف مدفعه منتظراً الأوامر بنهاية الحرب العالميه ، وأنيسه في وحدته في الغابه وحوشها وطعامه نباتها ، أليس هذا الجندي بتقيده بالأوامر جَسّدَ معنى الحب والوفاء للوطن بأبهى وأوضح المعاني؟. وبقي كل هذه الحقبه قابعاً في الغابه منتظراً نهاية الحرب وذلك من أجل المحافظه على أرضه ووطنه ، وكل فكره أن الحرب لا زالت دائره في مكان ما في هذا العالم الشاسع .

وغير هذه القصه هناك قصة المناضل السوري جون جمال الذي فَجْرَ نفسه بإحدى البواخر الفرنسيه ، أليست هذه الصوره من أروع صور الحب والوفاء والتضحيه من أجل الوطن ؟ 

فإنكار الإنسان لذاته وتضحيته بنفسه لينال الشهاده من أجل وطنه ، قد توصل الإنسان إلى شبه الكمال ، وما الكمال إلا لله ، وغير ذلك من صور الحب والوفاء كثيره وكما يقول الشاعر : 

وطني لو شُغِلتُ بالخلد عنه          لنازعتني إليه في الخلد نفسي 

أما بالنسبة لهذا المارد الذي يطارد البشريه ويحاول أن يقتل الملاك في حكمته هو الحقد الأعمى الذي يقضي على الخير والحب في قلب الإنسان ، ولهذا المارد صورة أيضا فعادات الثأر التي تسود العالم عامة والعالم العربي خاصة هي صورة من صور الحقد الأعمى ، ومن صور الحقد البشعه التي سجلها التاريخ جرائم وفظائع الصهيونيه وجرائمها البشعه التي ارتكبت في حق شعبنا الفلسطيني ومن مظاهر إجرامهم وحقدهم الأسود مذبحة صبرا وشاتيلا ومجزرة دير ياسين وقبيه وغيرها كثير ، ولن ننسى مذابح الصرب في مسلمي البوسنا والاباده الجماعيه في سربرنيتسا ومذابح مسلمي الروهينجا في بورما .

فالحقد هو مولد الشر وباثه في قلوب الناس ، أما الحب فهو رمز الخير وسعادة البشريه السرمديه ، فبالحب يحيى الإنسان ، وبه يعيش بخير وأمان ، أما الحقد فيكون به الفناء والدمار والتعاسة الأبديه 


 صخر محمد حسين العزه

عمان الاردن 

26/2/2022

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.