صَوْتٌ مِنَ الأَعْمَاق // بقلم .أ. سمير عبد الرءوف الزيات

 صَوْتٌ مِنَ الأَعْمَاق

ـــــــــــــــــــــــ
فُؤَادٌ رَقِيـقٌ ، لَطِيـفٌ ، شَفِيـفْ
يُعَانِي جُمُوحَ الْحَيَـاةِ الْعَنِيفْ
يُنَاجِي الْحَيَـاةَ ، وَيَرْجُو صِبَاهَا
فَتُحْظِيهِ مِنْهَـا ذُبُولَ الْخَرِيفْ
وَتُفْضِيهِ سِرَّ الشَّقَاءِ وَتَقْضِي
بِلَيْلٍ رَهِيـبٍ ، وَهَمٍّ كَثِيـفْ
إِذَا مَرَّ طَيْفُ الْمُنَى أَوْ تَرَاءَى
لِعَيْنَيْهِ يَبْدُو كَحُلْمٍ مُخِيـفْ
يُدَاعِبُ فِي مُقْلَتَيْهِ الأَمَـانِي
فَيَبْكِي أَسِيفًـا ، بِدَمْعٍ ذَرِيفْ
***
أَرَى فِي شَقَـائِي بَلاَءً لِذَاتِي
أَرَانِي بِدَارِي كَأَنِّي غَرِيبْ
أُخَاطِبُ فِي خُلْوَتِي مَا أُعَانِي
وَتَقْتُلُنِي نَظْرَةُ الْمُسْتَرِيبْ
أَرَى الْحُبُّ يَحْفِرُ فِي الْلَّيْلِ رَمْسِي
فَأَلْمِسُ فِي الْفَجْرِ رُوحَ الْمَغِيبْ
أَرَى فِي بُكَـاءِ الأَيَـامَى عَزَائِي
فَهَلْ فِي بُكَـاءٍ يُرَى مَا يَطِيبْ ؟
فَمَنْ يَرْتَضِي حُظْوَةً مِثْلَ حَظِّي ؟
وَمَنْ في الهوى يرتضي بالنَّحِيبْ ؟
***
فَمَهْــلًا فُــؤادِي فَإِنِّي أُنَــادِي
فَتُصْغِي لِصَوْتِي قُلُوبُ السَّمَــاءْ
فَأَشْكُـو إِلَيْهَــا هَوَانِي وَضَعْفِي
وَأَشْكُـو إِلَيْهَــا صُنُوفَ الْعَنَــاءْ
وَأَشْكُـو سَقَــامِي وَأَنَّــاتِ نَفْسِي
وَأَشْكُـو بَلاَئِي بِهَــذَا الشَّقَــاءْ
أَيَا قَلْبُ مَهْــلًا ، وَصَبْــرًا جَمِيـلًا
فَهَــذَا مُنَــادٍ رَقِيـقِ النِّدَاءْ
تَجَلَّى هُنَــالِكَ بَيْنَ الْفَيَافِي
يُرَوِّي لَظَــاهَا كَظـِلٍّ وَمَــاءْ
***
سَمِعْتُ الْمُنَــادِي يُنَــادِي بَعِيـدًا
فَأَزْمَعْتُ أَمْضِي لِوَهْــمٍ بَعِيــدْ
إِذَا بِالْوَسَـاوِسِ تَنْخُـرُ صَدْرِي
وَيَأْخُــذُ قَلْـبِيَ خـَوفٌ شَدِيدْ
فَأَطْرَقْتُ أُصْغِي لِصَوْتِ الْمُنَـادِي
يُنَــادِي بِصَوْتٍ رَخِيـمٍ عَنِيـدْ
تَعَـالَ ، وَأَقْبِلْ أَنَـا مَنْ تَوَارَى
عَنِ النَّاسِ إِلاَّ لِشَخْصٍ سَعِيـدْ
أَنَا الْخَيْرُ أَقْطُنُ فِي كُلِّ وَادٍ
تَعَـالَ ، وَأَسْرِعْ أَنَا مَنْ تُرِيدْ
***
تُرَى مَنْ يَكُونُ ؟ ، أَوَهْمٌ كَبِيرٌ ؟
أَحُلْمُ الْكَرَى فِي عُيُونِ الْيَقِينْ ؟
وَعَبْرَ الظَّلاَمِ الرَّهِيبِ تَهَــادَى
شُعُاعـًا مُضِيئًـا لِعَيْنَيْ سَجِينْ
أَتِلْكَ الأَمَانِيُّ عَــادَتْ تُرَوِّي
أَسَارِيرَ قَلْبٍ كَئِيبٍ حَزِينْ
تَمَنَّى مِنَ الْخَيْرِ بَاعًــا فَمُنِّي
بِشُحٍّ شَـديدٍ لِدَهْـرٍ ضَنِيـنْ
تُرَى مَنْ يَكُونُ الْمُنَـادِي بِأَرْضٍ
تَخَفَّتْ زَمَانًـا لِوَقْتٍ وَحِينْ؟
***
فَهَلْ حَانَ وَقْتُ الْمُنَى أَنْ أَرَاهَا ؟
وَيَنْجَابُ وَهْمٌ وَخَوفٌ مُرِيعْ
وَأَبْذُرُ فِيهَـا بُذُورَ الأَمَــانِي
لِعُمْرٍ جَدِيدٍ ، وَضِئٍ ، بَدِيعْ
وَيَرْتَادُ سَمْعِيَ صَوْتُ الْمُنَـادِي
يُنَادِي بِصَوْتٍ رَقِيقٍ ، وَدِيعْ
دَعِ الْخَوْفَ تَمْلِكُ أَطْرَافَ حَظِّي
فَبَيْنِي وَبَيْنكَ خَيْطٌ رَفِيعْ
تَقَدَّمْ إِلَى جَنَّتِي يا رفيقي
فَمَنْ جَاءَنِي مُفْلِسًـا لاَ يَضِيعْ
***
تَقَدَّمْ إِلَى الْحُبِّ وَالنُّورِ هَيَّـا
فَأَرْضِي جِنَانٌ ، وَظِلِّي ظَلِيلْ
هُنَا سَوْفَ تَحْيَا حَيَاةَ الْخُلُودِ
وَتَسْمُو ، وَتَعْلُو رِقَابَ النَّخِيلْ
وَيَرْتَاحُ فِيكَ الْفُؤَادُ الْمُعَنَّى
وَيَنْسَابُ نَهْرُ الْهَوَى سَلْسَبِيلْ
أَيَا عَاشِقَ الْخَوْفِ وَالْيَأْسِ مَهْلًا
فَمَا خُصَّ مَرْءٌ بِعُمْرٍ طَوِيلْ
وَلاَ مَاتَ مَنْ صَارَعَتْهُ الأَمَانِي
وَلاَ مَاتَ حَيٌّ بِدَاء ثَقِيلْ
***
فَيَا مُنْيَةَ النَّفْسِ وَالرُّوحِ رِفْقاً
بِذَاكَ الشَّبَابِ الْفَتِيِّ الطَّلِيقْ
وَرِفْقاً بِمَنْ عَاوَدَتْهُ الْلَّيَالِي
بِخَوْفٍ كَسِيحٍ ، وَوَهْمٍ غَرِيقْ
وَيَا قِبْلَةَ الْحُبِّ وَالنُّورِ إِنِّي
عَرَفْتُ الأَمَانِي فَأَيْنَ الطَّرِيقْ ؟
فَإِنِّي كَرِهْتُ ابْتِئَاسِي وَذُلِّي
بِمَاضٍ تَوَلَّى ، وَشَرٍّ مُحِيقْ
وَإِنِّي مَلَلْتُ الْجَوَى فِي شَرَابِي
فَدَمَّرْتُ كَأْسِي عَسَى أَنْ أُفِيقْ
***
وَمَزَّقْتُ ثَوْبَ الظَّلاَمِ الْقَتُومِ
بِصُبْحٍ نَدِيٍّ ، مُضِيءٍ ثَنَاهْ
غَداً سَوْفَ أَحْيَا وَيَحْيَا فُؤَادِي
أَجَلْ سَوْفَ أَحْيَا شَبَابَ الْحَيَاةْ
أَجَلْ سَوْفَ أَحْيَا بِرَغْمِ الظُّرُوفِ
وَيَذْوِي الْخَرِيفُ إِلَى مُنْتَهَاهْ
وَيُقْبِلُ بِالنُّورِ صُبْحٌ جَدِيدٌ
وَيُثْمِرُ زَهْرُ الْهَوَى فِي رُبَاهْ
فَيَا قَلْبُ قُمْ لِلْحَيَاةِ وَصَلِّ
فَإِنِّي أُصَلِّي بِشُكْـرِ الإِلَــهْ
***
سمير عبد الرءوف الزيات
قد تكون صورة ‏‏شخص أو أكثر‏ و‏نص‏‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.