وقفة في حضرة الذكريات - - - قصة قصيرة بقلم /محمود العارف على
وقفة في حضرة الذكريات
- - - قصة قصيرة
بقلم /محمود العارف على
تنهد عم محمد تنهيدة طويلة أهدر بها أنفاسة فتحشرجت الكلمات في حلقِه وقال بصوت منخفض أنت لست سيد الحياة ياولدي لذلك سوف تتية وتغرق في دوامتها كما يحدث مع الكثير . أما أنا فلن أبرح مكاني هذا حتى يأتي الموت ويأخذني. قل لي بالله ماذا ينتظر رجل تسعيني مثلي من الحياة؟ ها أنا أركض وأركض دون أن أصل إلى شيء . في كل عاماً أقول سوف أرتاح العام المقبل وأظل طوال عمري على هذه الوتيرة حتى ينقضي أجلي . الآن أصبحت أعلم جيداً أن شباك الموت قد نُصبت بيني وبين راحتي، لكن إن كانت هذه إرادة الله فلابد لنا أن نقول الحمد لله ،، نعم ياعم محمد الحمد لله على كل شيء أرادهُ الله.،، أسندَ ظهرهُ إلى الجدار وقال إن هيئتك لا تروق لي ياولدي ؟ اما انا ياعم محمد مازلت قابعاً خلف جدران الماضي بعد أن رأيت محطاتي القادمة يكسوها اليأس يأتيني المساء مُحملاً بضجيج الأحزان فيُطبق على صدري بعد أن يُطمس الليل بأحزانة ،، كان المفروض أن لا نسلك كل دروبكم ياعم محمد، سوى درب نقائكم، لا يوجد أحداً كاملاً في هذه الدنيا ياولدي لقد خلقنا الله هكذا. فلماذا كل هذا اليأس وأنت مازلت صغيراً؟الأسباب كثيرة أخبرني ماذا ورثت عن والدك ياعم محمد سوى الفأس والحمار وقطعة أرض ؟ لقد ورثت السِتر ياولدي فمنذ أن كُنت صغيراً كلما ذهبت إلى مكان كان والدي يدعو لي بالسِتر. أنا اتذكره جيداً وهو يدعو لي في كل صباح وحين يذهب إلى مضجعه، أظن أن الله قد استجاب لدعوة أبي .، عليه رحمة الله ،، الميراث الحقيقي ليس في الأرض ياعم محمد، إن آبائنا هم أول من دمروا حياتنا وقتلوا آمالنا لكننا لا نستطيع أن نقول ذلك، فمثلاً لقد ورثت أنا عن والدي الفأس والحمار وقطعة أرض ايضاً. وورثت أشياء أخرى أنت لم تنتبة إليها ياعم محمد ورثت الشقاء وقلة الحيلة والسكوت والخوف. الخوف من كل شيء، الخوف من العيب أكثر من الحرام، وتقديس أشياء لا تستحق كل هذا. فأصبحت أخاف أن أتكلم أو أن أكون صاحب رأي. ورثت حب الحزن ومرافقته في علاقه قوية تربطنا ببعض،، نحن آخر الأشياء وأول المحطات المدفونه التي انتهى أثرها من فوق الأرض،، بعد كل هذا وجدتني مثل الحمار تماماً ياعم محمد في كل يوم أذهب للعمل في الأرض وأعود أتناول الطعام وأغط في النوم، وهكذا يفعل الحمار مثلي تماماً في الجهه الأخرى يأكل الدريس ويتثاءب ويرقد على الأرض، فأصبحنا أنا والحمار مفقوديين في كل شيء، في حين أنني كنت أستطيع التغيب عن العمل في الأرض بحجةما،، نعم عندما كنت صغيرا كنت أجيد الكذب ياعم محمد أما الحمار المسكين، لا يكذب،، لا يكذب أبداً ،،،، إبتسم عمي محمد وقال هيا إمش، إمش ولا تبالي، استوقفني بعد ان أدرت له ظهري إنتظر لحظه، هل ستمشي في جنازتي ياولدي؟... إن كنت فاعلاً هذا فبعد أن تُجردني من ثيابي وتنظر إلى سوأتي لا تنسى أن تنظر إلى وجهي الميت جيداً عندها ستعلم أني شُفيت. شُفيت من الحياه تماماً ، وبرأ جسدي، حينها لاتبكي عمك محمد، إمضِ في جنازتي وامدُد في خطوتك وليكن رأسك مرفوعاً ناحية السماء ولا تقل سوى إنا لله وإنا إليه راجعون وارفع نعشي عالياً لقد عاش عمك محمد مستوراً وسيخرج منها مستوراً .
تعليقات
إرسال تعليق