نثيث القداح..د. محفوظ فرج

 نثيث القداح


أهدتني من وردِ مدينتِها 

باقاتٍ

فقرأتُ جمالَ الألوان 

وردٌ يحكي حمرةَ شفتيها بخطوطٍ

كشقائقِ نعمان الجوسقِ

وردٌ يحكي حُسْنَ مُحيّاها

جوريِّ أبيض حين تخالطُهُ

الحمرةُ

بحديقةِ مكتبةِ سامراء 

لكنّي لم أستنشقْ عَبَقَ الوردِ عميقاً

الا في أعماقِ مخارج أحرفِها المبثوثةِ

في أبنيةِ الجملِ الشعرية 

المكتوبةِ منها 

تحت الورد 

تنسمتُ شذى الأردان تضوَّعُ

مثل نسيمِ الشمّام النائمِ  

عند ضفاف الجاري

وهو  يباغت باب السور نديا

وافاني عبق من جيبِ قميصٍ 

كنثيثِ من قداحٍ يهمي 

بشذاهُ على رأسي في زاغنية 

أتذَكَّرُهُ حين تلاقينا منفردين

بظلِّ السدرة 

 حين يطول بعادٌ  تجمعُنا 

كانتْ روحينا ترقى سَوْرةَ حبٍّ تَفترُّ 

على قولهِما سبحان الله 

فيردِّدُ ورقُ السدرةِ والثمرُ المُتَدَلّي  ما قلنا

يبقى جسدانا مستندينِ على الجذعِ

إلى نتماهى

بخيالٍ يسبحُ فوقَ الأنجمِ

أقول لها : طالَ غيابُكِ يا غاليتي

ماذا ؟ هل  تقوى الأوبئةُ 

وغبارٌ يُفني تعجزُ فيه الرؤيةُ 

وفنون العِشرةِ زائفةً في أرضي 

 وغصونُ الشيخوخة 

أن تسرقَ منّا

حبّا أزليّا يتجدَّدُ عبرَ قرونٍِ

قالتْ لوكانتْ كل عثراتُ الدنيا 

تتوالى قدّامي 

كي تمحوَ حبَّينا

ما كنتُ أتيتكَ من أقصى الغربِِ

لأنعمَ بلقاءٍ

يغنيني عن شوقي الجارفِ وحنيني 

لمنازلِنا 

حواري معكَ 

أجدُ فيهِ طمأنينةُ قلبي 

أجدُ فيهِ جميعَ الأهلِ المرهونينَ بسجونِ

المنفى داخلَ أنفسِهِم

أجدُ المدنَ المهجورةَ 

قبل رحيلي  

عامرةً بعبيرِ الأحباب 


د. محفوظ فرج

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.