المحاباة..بقلم الأديبة عطر محمد لطفي

 المحاباة


جاء إبن فلان ولم يكن له أي خبرة أو شهادة دخل لمدير الشركة وقد أتاه ببطاقة مدونة من صاحب رجل الأعمال المعروف مكتوب عليها اجعله في مكان مناسب فهو قريبي ولن أنسى مكافأتك ، فما كان منه إلا أن وافق على الشاب ولم يسأل عن مؤهلاته او عن أي شيء .

كانت هناك مشكلة، فعدد العمال كثير وكان لزاما على صاحب العمل أن يطرد عامل لكي يضع هذا الشاب مكانه. 

فما كان منه سوى أن فكر فيمن سيطرد، فتذكر عامل مضى على العمل معه عدة سنين وقد اكتسب الخبرة الكافية والأمانة المهنية التي تؤهله أن يكون رئيسا للعمال لكن المحسوبية والتعارف والمعاملات المالية غلبت الكفة، وبعد أن أخذ منه شبابه في تلك الأعمال الشاقة التي كان موكل بها، الآن رماه إلى سجن الحياة رغم أنه يعلم أن لديه أطفال يعولهم وليس له غير هذا العمل، لم يفكر فيه وأين سيذهب وماذا سيفعل.

قال له بكل برودة: خذ آخر راتب لك عن هذا العمل فلم يعد لك مكان هنا، سأله عن السبب قال: أنا رب العمل وافعل ما أشاء. 

خرج وهو مكسور الخاطر وقد سادته هالة من التعاسة والحيرة، لم يفكر في نفسه بل في من ينتظرون دخوله عليهم بابتسامته المعتادة وشيء بين يديه يفرحهم به، والآن ما العمل؟!!!

جلس على ناصية الشارع والدموع تجري دون إنقطاع فهذه أول مرة يبكي (تخيل أن رجل في هذا العمر يبكي بحرقة بسبب تجاهل صاحب العمل سنين مضت من الأمانة والتفاني والإلتزام) لم يشعر بالمارة من حوله، وبعد فترة هدأ ثم تنفس بعمق وقال: لن يتركني ربي هكذا سيعطيني أفضل منه لن أكون من القانطين فالله رازقي أستغفر الله العظيم . 

مسح عيناه ووقف ثم قال: توكلت عليك يا الله يا رازق الطير في السماء والحوت في عمق البحر، وقبل أن يكمل كلامه وقف أمامه رجل محترم قال له: أبحث عن شخص يقوم بعمل كذا وأنا في أمس الحاجة إليه فعملي مرهون بالوقت فهل تعرف من يساعدني ، فقال له: أعرف هذا العمل وأجيده جيدا سأقوم به بكل سرور وبأي مبلغ تريد فأنا بأمس الحاجة إلى العمل، قال له: هيا معي إذن .

أكمل العمل فاعجب به فدعاه للعمل معه بدوام كامل فوافق وحمد الله على ذلك .

دخل إلى منزله وفي يديه هدايا لأولاده وهو يشكر الله على فضله وسعة نعمه.

لا تنتظر من أحد أن يعطيك شيء ولا تصغر نفسك لأي كان فبجهدك وعملك المتفاني ستنجح ولن يضيعك خالقك مهما كان الوضع الذي أنت فيه، أكثر الإستغفار والدعاء وتمسك بالعروة الوثقى والطريق المستقيم تعش في نعم الله التي لا تحصى. 

أما أنت يا رب العمل افعل ما تريد الآن واقطع رزق أي أحد لتضع صديق او قريب لك، لكن لا تنسى أن مصيرك لن يكون جيدا أبدا تأكد من ذلك وأن هناك رب يقسم الأرزاق. 

من أنت لتقوم بسرقة جهد شخص تفانى في عمله ليصل إلى حلمه ثم تسرق جهده لأجل أحد ليس له أدنى فكرة أو مسؤولية عن العمل، من تكون أنت لتقبل بهذه الرتبة الخسيسة وهي المحاباة والمحسوبية لأجل مبلغ مالي أو دعم في أي مجال كان، الا تعلم أنها وباء منتشر في كل مكان حيث لا أخلاقيات مهنية ولا رقابة ولا خوف من خالق الأكوان.

الكثير لا يعرف أنها مخالفة قانونية، فمتى سنتخلص من ظاهرة المحسوبية ونعمل على مكافحة الفساد، الواسطة أكبر غلطة يقوم بها اي مسؤول لأنها تخرب أسس أي عمل لأنه وضع الغير مناسب في المكان المناسب .


بقلم الأديبة عطر محمد لطفي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.