عيد الأم..أ. ليلى الجلالي
عيد الأم
لم يكن يعرف ماذا تعني أم لقد أعطاه الله أرحم وأحن أم في العالم
إلا أن غطرسته وطيشه أغلقت عيناه عن الحقيقة أن الله أوصى بالوالدين إحسانا
كان شديد القسوة سليط اللسان سباب لعان لا يترك خرم إبرة إلا ودخل منه ليجعل أمه تذرف آلاف الدمعات
كان حب الذات قد لجمه من أن يتلذذ بحنانها وعطفها
فهي دائمة الحزن وهو دائم السخط
كان في كل يوم يزداد حقده وظلمه تحول الكلام القاسي إلى
مد يده على أمه وضربها بيده أين هوت تهوي لا يهم
فهو لا يسمع إلا صوته ويغيبه غباءه عن أنها الأم عن أن الجنة تحت قدميها
مرت أيام وأيام وهي تحمل حزنها وتدهن مراهم الألم
و تتوارى عن الجيران كي لايسبب كلامهم جرح إضاقي
لملمت حزنها وتقوقعت في ذلك البيت الذي لا يخلو منه ثقب إلا وله معها آلاف الأحزان
في يوم شديد البرودة دخل قاسم البيت ونادى بأعلى صوته أين أنت ايتها الشمطاء اخرجي لقد جلبت لك هدية بما يسموه عيد الأم
أدخل الرعب لقلبها فهي لم تعرف ماذا تعني كلمة لطف أو أدب أو حسن معاملة
عرفت في قرارة نفسها بأن هناك عقاب سيطولها بلا سبب
دخل غرفتها أصابها منظره الهلع وهو يلوح بالعصى التي يحملها
وماهي إلا ثوان وانهال عليها بالضرب على قدميها لم يتركها حتى أغمي عليها
وهو يردد موتي متى سأدفنك لأرتاح من وجهك العابس
كل يوم تتكرر معركة حقده في ميدان أمه دون أن يرمش له جفن
مضت الأيام على هذه الحال حتى جاء يوم الخلاص
يوم نامت قريرة العين مبتسمة زالت عنها كل معالم الحزن والبؤس
ماتت انتقلت إلى من لايظلم عنده أحد
ماهي إلا أيام وتعرض قاسم إلى حادث بترت قدميه على أثره
تحققت عدالة السماء لم يشأ الله أن يحرق قلبها عليه إلا أن عدالته سبحانه وتعالى لا تترك صغيرة ولا كبيرة
أمضى بقية حياته على كرسي متنقل داهمه الألم من جميع الجهات عرف أن الله عاقبه على سوء خلقه ومعاملته مع أمه
إلا أن الندم لن يفيده بشيء
أمضى حياته في كآبة دائمة وحزن وعوز وهم حتى وجدوه في بيته منتحراً
وهكذا خسر الدنيا والآخرة
قال تعالى في كتابه العزيز
/ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن/ صدق الله العظيم
ليلى الجلالي
تعليقات
إرسال تعليق