تربية الوحوش البشرية " الكاتبة الروائية أمل شيخموس

 مقال*

            " تربية الوحوش البشرية "

 الكاتبة الروائية

  أمل شيخموس  // سوريا


                        ▪︎▪︎¤¤▪︎▪︎

إن إهمال الطفل و عدم تقدير مشاعره و القدرة على استيعاب احتياجاته العاطفيِّة ، و النفسيِّة ، و الغذائيِّة ، و الصحيِّة يؤدي مع مرور الوقت إلى تربيِّة وحش ، إنّ إهمال الأم من قبل الزوج أي الأب ، أو العكس في ظل عدم الوعي فالنتيجة حتماً " وحش " الغلاف الظاهري على هيئة إنسان تنتفخُ يداه ، و تتكون لديه جمجمة شبه فارغة لأنه كائن غير ممتلئ لا يقوى على تشغيل دماغه إلا ما ندر عبارة عن عقل لا يستخدم إلا جزءاً بسيطاً منه بغية الأكل ، و المشرب ، و التكاثر .

أما السمة الإنسانية تحتاج إلى أكثر من ذلك مثلاً التفاعل الإجتماعي السليم ، و القدرة على التطور العقلي ، و النفسي ، و الجسدي أيضاً العاطفي ، و الإبداعي هلما جراً . . و لو أن الإبداع يعد مكملاً غذائيِّاً في مجتمعاتنا رفاهية لا ضرورة !

البيِّئة المتخلفة تترقب الإبداع بعين الريبة و لن أبالغ بعضهم الرعب ! 

الطفل الموهوب الخارق القدرات يعتبر دون أدنى شك غريب الأطوار و يُرصدُ من قبل الأبوين الجاهلين قبل المجتمع . . درءاً لذلك ينبغي احتواء الطفل بكافة تنوعه و فرادته ، و تسديد احتياجه الحاد للأمان ، و النمو في بيئة سويِّة تتقبله و توليه الرعاية .

إهمال الأب للأم يؤدي إلى إهمال الطفل أي عدم استقرار الطقس البيتي ينعكس على كل مَنْ في المنزل و رفض احتياجات الأزواج فيما بينهم ينعكس على الطفل مما يخلُقُ منه "وحشاً "  للأسف !

عدم تفاعل الآباء مع أبنائهم و تفضيل قضاء الوقت وحدهم برفقة الجوال يؤدي إلى تدمير الطفل ، و استبداد وسائل التخريب الإجتماعي بتربية الطفل ، و إدمانه عليها ، و سقاية أفكاره من مصادر غير صحيِّة ، و لا تمت للتربية بصلة مثال ذلك : 

إشباع دماغ الطفل بالأغاني و الصور الهابطة منها :

بيبي تجي نتجوز بالسر ! عذراً على المثال المخزي . 

حسبنا الله ونعم الوكيل أين الرقابة ؟ ! أين العقل من التربية ؟ !  أين السلطات التي لا تزج هؤلاء في الزنازين ؟ !

ظهر الفساد في البر و البحر فلا نلوم الطفل في حال وجود أبوين لا يقومان بدور الرعاية و الإهتمام . . الواقع يؤكد استبداد المواقع الالكترونية في التربية من خلال إشباع و تزويد الدماغ بالصور ، و الأفكار ، و المعتقدات المنافية للأخلاق و الفطرة ، و التي لا يمت معظمها إلا للفساد ، و العهر ، و لو أن مجرد لفظ " العهر " له صدىً غير محبب للنفس المطمئنة .

أما تجار الانحلال الأخلاقي ، فيؤيدون تلك المحتويات الهابطة ، لأغراض تعنيهم " المال " الأغلب هم مروجوا الحروب ، و الفتن بالذات أعداء التطور ، و إغلاق المدارس بالنتيجة خلق جيل مضطرب نفسيِّاً و فكريِّاً

الأمر مؤلم للغاية يحز في النفس بيد أنه لا حياة لمن تنادي !

 إن لم يكن الوالدان على مستوىً من الوعي سيندرج لهاوية السوء إلا ما رحم ربي . تدارك الطفل في السنوات الأولى أرحم من انفلاته مستقبلاً حيث لن تتمكن من ارشاده ، لأنه لن يتقبل منك النصح بعد فوات الأوان . . المثل الشعبي :

               قبل وقوع الفأس بالرأس .

عليك زراعة القيم الإنسانية ، و التربويِّة ، والتعليمية كي تخلق من هذا الطفل فرداً نافعاً لذاته و مجتمعه مليء بالطاقة ، و الحماس ، و الحيوية لا مشبع بالعقد النفسيِّة ، و الإنطفاء ، و العبودية ، اسقوهُ الحب و الحنان بوعي ، فهو يحتاج إلى الرعاية الصحيِّة ، و النفسيِّة سواءً للعقل أو الجسد 

الطفل كما النبتة إما أن ترويها ، فتثمر و تؤتي أُكُلها مع الوقت أو تذبل و تفقد  فطرتها ، فتنبت الأشواك و تجف بالتالي تذوي في بيئة غير مخصصة للنّمو في ظل مناخ حارق للطبيعة !

لا يسعنا إلا أن نقول إن " طفلكَ " هو مسؤوليتكَ الأولى ، هو الأجدر بالوقت الذي تمضيه في المحادثات الإجتماعية سواءً الإلكترونية ، أو غيرها لا تجعل الطفل مَكباً للنفايات النفسيِّة ، و المشاجرات الزوجيِّة بينكما ، فهو في طور النّمو يحتاج الأمان ، و الهدوء ، و الثبات النفسي كي ينعم بطفولة آمنة سلاماً لكل من يحرص على ترسيخ الأُسس الداخليّة التربويِّة السليّمة اتخاذ الأمر بجديِّة و ضمير ليس مكملاً اجتماعيِّاً ، أو اثباتاً على القدرة الإنجابية !

الأمر هنا لا يتعدى سوى إنجاب الأجساد ، فما يميز الإنسان عن الأنعام هو " العقل " منهم مَن يعتبر وجود الصِّغار لا مناص عنه سواءً للتسلية أو الواجهة الإجتماعية ، و لا يفكر أنه كأئن يحتاج لمناخ تربويِّ صحيِّ يلعب و يفكر ، و ينمو بسعادة و أريحية 

بالغ الخطورة منطق هؤلاء إنّهم يقومون بزرع غول في المجتمع !

 عين الوقت الذي يعد فيه الطفل النواة الأولى المستقبلية بالتالي أقول :

 كلنا مسؤولون أمام الله عن هذا المخلوق الصغير الذي سيكبر ، و يتحول إلى وحش بإمكانه جرح مشاعر الآخرين ، و التحول إلى شخص غير سويِّ ينتقم من المجتمع سواءً مجرم ، أو سارق ، أو مبتز تلك الظروف كفيلة أن تخلق فرداً فاسداً يتقاضى الرشوة ، يشيع الانحلال الأخلاقيِّ ، و الفكريِّ . .

 عوضاً عن أن نهدي أوطاننا أبطالاً ينتصرون لنا العكس نقوم بغمره بالفساد أكثر !

لا يسعنا إلا أن نؤكد بأننا كإعلاميين و كُتّاب و جهات علميِّة و مدرسيِّة سواءً أكنتَ أخاً ، أو جاراً ، أو معلماً الأمر يعنينا  جميعاً حاول أن تكون " أنتَ " مثالاً عن التربية و الأخلاق في حياة الطفل ، فهو يحتاج القدوة الحسنة ، و ترك أثر إيجابي فيه كي يثمر و ينضج ، أما دور السلطات و الدولة لا يقل عن الوالدين بشيء من خلال حظر هذه البرامج و الأغاني الهابطة الفارغة من أي محتوىً سوى قتل البراءة و هذا ما اعتبره سبقاً في الفساد من خلال نشر الرذيلة ، و الجريمة ، و العنف الذي يعد كارثة تجرف الجيل إلى الهاوية ، إن الصواعق التي يتعرض لها الطفل منذ نعومة الأظفار كافية لأن تجرفه ، و المجتمع إلى مطب لا يحسد عليه .


   🍂

تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال 🏵


الكاتبة الروائية 

أمل شيخموس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.