قلب الأم لا يخطئ...قصة بقلم د. غانم الخوري

 .     قلب الأم لا يخطئ


في بلدة هادئة وفي زمن الفوضى والاستعمار المجهول

 وظهور عدة  عصابات تحت مسميات متنوعة  حماية البلدة والحرص على أن لا يدخلها غريب عن أهلها

تلك العصابات فوضت لنفسها السرقة والنهب وأحيانا القمع والتنكيل على أنهم أصحاب الأمر

 قصتنا من احدى القرى الوادعة والمسالمة


كان الفقر قد حل بأهلها لعدة ظروف طبيعية و تآمرية

في تلك القرية  زوجان رزقا بطفل  اسمياه  /مسعود/ لعله ينال حظ وأيام جميلة ويكون السعد مرافقا له .

ولكن لا شيء يتم بالتمني عانت الأسرة صعوبات كثيرة وأحيانا كان الجوع مصيرهم لأيام 

والد مسعود وبحكم التعب والفقر وربما البنية الجسمانية الهزيلة أصابه مرض أقعده بالفراش إلى أن تمكن منه وفارق الحياة وكان عمر الطفل ٤ سنوات فأخذت الأم تعمل عدة أعمال وتساعد في المنازل وأحياناً تجلب بقايا طعام 

وبعض من الثياب والقليل من الأجر يساعدها على تربية ابنها  وعندما بلغ مسعود الخمس سنوات وبينما هي تشتري أشياء من السوق وابنها بجانبها شرد الطفل بعيدا عنها مسافة بسيطة وكان شرير يغويه بلعبة و قطعة حلوة إلى أن تمكن منه وخطفه إلى جهة مجولة والأم تنادي ولدها وتصرخ وتستغيث علها تجد مناصرا ولكن دون فائدة فالناس تعودوا الخنوع وعبارة/ اللهم نفسي /

بعد تعب وعناء لأيام من البحث استكانت للمصير

تبكي ولدها

 وبين الحين والآخر تقلب ملابسه تشمها وتدعي أن يأتيها خبرا عنه لم تفقد الأمل من رحمة الله

اما الطفل مسعود أخذ إلى منزل وضيع يبقى لساعات وحيدا  ثم يدخل أحد يكلمه

 وشخص آخر يأتيه بالطعام دون كلام وبوجه عابس

 وفي زيارات تأتي امرأة لرؤيته

 وهو يبكي ويسأل عن والدته

وأحياناً كان يهدأ ربما من التعب وربما لنوع الطعام الجيد الذي يأكله  حتى بدأ تفكيره يضعف ولايعلم ماهذا الأمر مكان غريب وطعام جيد

وأصوات الغرفة المجاورة صراخ كأنه شجار و موسيقى وأغاني

بقي على هذا الحال أشهر

 وفي أحد الأيام حضر للمكان أشخاص ضربوا من يحرسونه وقد ادّعوا بأنهم سيخلصوه من أيديهم  بقولهم لاتخف نحن نحميك وتم نقله لمنزل كبير جداً يوجد به سيدة تبدو أنيقة جداً والكل يطيع أمرها أخذت تلاطفه وتحن عليه

 وفي نيتها تبنيه 

ثم سلمته للخدم حتى يعتنوا بمظهره ثم يأتوا به إليها ويبدو أنها قد دفعت المال للخاطفين

لضم الطفل لها وأبعدتهم

ولم تسل عن هويته ومن أهله لأنها قررت أن يكون ابنها

وكما يقال طاقة السعد فتحت ل/مسعود / حيث عاش في القصر ومع الوقت نسي من هو و ماحصل معه حتى أنه صدق أنه ابن المنزل وصاحبه

ثم تتوالى السنوات عادية ولا شيء يذكر حتى عمر ١٧ سنة شعر الولد بآلام شديدة 

ويراجع الأطباء لمعرفة علته

وبعد عدة تحاليل تبين أن الشاب مصاب بفشل كلوي وأنه يحتاج إلى نقل كلية من متبرع

وبشكل سريع.

الأم التي ربته لم تبخل عليه وقالت للطبيب أنا حاضرة خذ مني ؛ ولكن ولدى الفحص تبين أنها لاتناسب لتكون المعطي

بالنفوذ والنقود تم وضع إعلان تبرع عن كلية والمقابل عطاء كبير ينتشل صاحبه من الحضيض إلى النعيم

تقدم أشخاص قلائل ولكن لاأحد منهم مناسب

 الأم المربية تسترجع ذاكرتها تحاول العثور على أقارب ابنها من تلك القرية وهي لا تعلم من هم  ولكنها تذكرت من أحضرته لها وتواصلت معها لتدلها كيف وممن تم جلب الطفل سابقا

 وتذكرت الأشخاص الذين قاموا بخطف الطفل سابقا

وطلبت منها المساعدة

وقد خطر لها فكرة جهنمية وهي وضع إعلان بمنطقة خطف الطفل يقول شاب بعمر ١٧ عام ويحتاج الى كلية وزمرة الدم (؟)

كان هناك غاية من ذكر العمر وتوقع أن يصل أسماع أهله 

والأم تحديدا لأنها ستتذكر ابنها وأنها ربما إذ ساعدت شابا 

 سيكون هناك من يساعد ابنها المفقود 

  المدهش أن الإعلان حقق غايته ووصل لسمع الأم الحزينة التي زهدت الدنيا بعد أن ملت الصبر

ثم حضرت للمشفى من أجل الإعلان لمساعدة الشاب

ولمّا أجرى الطبيب الفحوصات اللازمة دهش للتطابق الكبير بينهما واكد أنها وحدها من يعطي الشاب

 وحصل النقل وبعد أيام وقد تعافت و التأم جرحها وأصبح بإمكانها السير قليلاً قالت يجب أن أزور ذلك الشاب وأطمئن عليه

سألت إحدى الممرضات عنه قالت هناك غرفته ولكن يمنع الدخول إليه مازال متعبا والزيارة مجرد الرؤية من البلور فقط وبحضوري

حتى أتأكد من ذلك

وافقت المرأة على ذلك لا اعتراض على أوامر الأطباء فهي تتمنى للشاب الشفاء

وبعد أن دخلت ونظرت له بعينيها المتعبة حل بها شيء غريب أخذت شفاهها ترتجف ساعدتها الممرضة لتجلس إلى كرسي

وسألت مابك ياخالة سأستدعي الطبيب

 قالت الأم لا لا لا أرجوك فقط أخبريني ماذا يوجد على يد الشاب كأني شاهدت وشما

 الممرضة لا يوجد شيء مجرد أربع نقط زقاء لا أعلم إن كانوا وشم او شيء آخر

 هنا انفجرت الأم بالبكاء تارة والدعاء والشكر لله تارة

 الممرضة بذهول

 خالة ياخالة ماذا أصابك

سأستدعي الطبيب حالاً

   وعندما حضر الطبيب وقام بتفحصها لم يجد شيئا نبض ممتاز ولا يبدو عليها أي خطر يذكر

 سألها أين تتألمين أين الوجع

قالت كانت روحي تتألم والوجع لايفارق قلبي

وأما الآن روحي فرحة وقد عاد لي قلبي

 الطبيب للمرضة الحالة صعبة والكلام غير مفهوم ربما حل بها شيء نفسي

 خذيها لغرفتها لننتظر قليلاً ثم نتابع حالتها

 الأم دكتور أنا بخير

 أتعلم من هذا المريض 

الدكتور نعم إنه ابن الآغا هو معروف من العامة

يادكتور  لا أبداً هذا ولدي أنا

فقط أنا أمه أنا من بكى سنوات على غيابه 

هذا الوشم على يده أنا من صنعته بخبرة بسيطة منذ عامه الرابع

ولك أنت أن تسأل وتتأكد من ذلك

 ولكن أقسم أنه ولدي


  اترك النهاية لكم فما رأيكم

.. غانم ع الخوري ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.