«وعد الوفاء»...عبد العالي لعجايلية

 «وعد الوفاء»

وقد ظنت أني ميلتُ لغيرها

وبي لستُ أسيرًا إلا بهواها

أيا من تسائلين عن القلبِ، فإنني

لن أعشق إلا من كان سكنُها الفضاء

أحبُّكِ بينَ أضلعي، سيدةَ الروحِ،

وفي عيوني أنتِ سرُّ الكونِ وبهاءُ

أنتِ الجمالُ الذي خطَّ في فمي الهمسَ

فكيفَ تكونين غيري، وأنتِ في كلي غرامٌ وبهاءُ؟


كانت ملامحها تغيبُ عن عينيّ

لكنَّ ليلَ العيونِ يعيدُ البهاءَ

وفي صمتِ الساعاتِ، همساتٌ من الألمِ

كما يشحذُ السكونُ أوتارَ الجفاءَ.

ألا، كيفَ أشرحُ للمرايا، كيفَ أشرحُ للزمانِ

أنكِ، وحدكِ، بين نبضِ القلبِ والروحِ،

أنتِ المدى الذي يضيء الليلَ،

والفجرُ الذي يطهرُ الكرى.


فقالت: "ألم تَعدني بحبٍّ لا يزول؟

أأنتَ من يُخدعُ بالصمتِ واهتزازه؟"

قلتُ: "يا من تتساءلين عن صدقِ الوعودِ

ألم يَقلْ لكِ قلبي، كلُّ العهودِ أبديّةٌ

وأنتِ بهاءُ الوفاء الذي يمحو الزمانَ

كالصبحِ الذي يغني بزهرةِ الوجودِ، لا يتغيرُ ولا يموتُ؟"


فقالت: "لكن كيف ترى الليلَ إذا غابَ النورُ؟

ألا تظنُّ أنَّ الحبَّ إذا فترَ، قد يُحالُ؟"

قلتُ: "أيا نبعَ الأملِ في روحي الميتةِ

إنَّ الحبَّ لا يموتُ ولا يغيبُ

كالطيفِ الذي يسكنُ وراءَ الفجرِ،

لا يمكنُ أن يختفي، مهما كانت العواصفُ، أو حلَّ الظلامُ."


ثم قالتْ، وقد ارتسمتْ في عينيها عتمةُ الحيرةِ:

"فكيف تصمدُ أمامَ العوائقِ التي تقصفُ الحقيقة؟

إذا كان الوفاءُ كما زعمتَ، فكيفَ تهربُ الرياحُ؟"

قلتُ: "إنَّ الرياحَ قد تأخذُ إلى غير المدى

لكنَّ الوفاءَ راسخٌ في الروحِ

كأوتارِ الزمانِ التي لا تكسرها الهديرُ،

ولا تُمحوها الغيومُ."


ثم أضافتْ: "كيفَ تُصفِي الحياةَ إذا غابَ النورُ

أو ما الضياءُ إذا قُتلَ فيهِ الحبُّ؟"

قلتُ: "النورُ في فؤادي، لا يُغشى بالكُرى

إنه السيلُ الذي يجرفُ كلَّ الظلالِ

ويشقُّ الصمتَ حتى يصبحَ الصوتُ مصيرًا

وتستيقظُ الأزهارُ بين يديكِ، كما يستعيدُ الأفقُ كلَّ لونٍ كانَ في الزمانِ."


ثم نظرتْ إليَّ طويلاً وقالت:

"أنتَ تقولُ، ولكن كيفَ لو هجرتَ يوما؟"

قلتُ: "إن هجرتُ يوما، فالقلوبُ لا تهاجرُ

إنما تتفتحُ في اللحظاتِ، والأنفاسُ تظلُّ

كغديرٍ ينبضُ بالماءِ الصافي في بحرٍ جارفٍ

لا يُطفئهُ عاصفٌ ولا غريبٌ."


بقلم: عبد العالي لعجايلية .


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مناجاة روح...زهور الخطيب

علامة إستفهام؟فتحي موافي الجويلي

((خَاطِرة : رَاجع حِسَابك )) ✍أبو بكر الصيعري