جلبابُ الأبائية...عبد العالي لعجايلية
جلبابُ الأبائية
أيا قيودَ الأمسِ كم أطفأتِ في
روحي سَنا الأحلامِ والقلبَ الشَّغِمْ؟
رأيتُ ماضينا جناحًا مُثقلًا
يحبو كظلٍّ في غياباتِ القِدمْ.
كأنَّهُ جلبابُ حزنٍ عابقٍ
تَخشى القلوبُ نزعَهُ خشيةَ العدمْ.
قالوا: تَمَسَّكْ بالمآثرِ حارسًا
فأجبتُ: مجدُ الأمسِ لا يحيي القيمْ.
ألوانُ فكرِ الحرِّ نورٌ ساحرٌ
إن غابَ عنها العقلُ غابتْ عن نِعَمْ.
فكُنْ كنجمٍ في الفضاءِ مشعشعًا
يرنو لتجديدِ البقاءِ بلا سَقمْ.
جلبابُ آباءِ الورى نارٌ خفي
تُغري النفوسَ بما يُقيّدها بصَمْ.
إن كانَ حبلُ المجدِ فهوَ خديعةٌ
تبدو النجاةَ وفي صميمِ الحلمِ يُظلمْ.
التجددُ الفكريُّ روحٌ ناطقٌ
يعبرُ السماءَ بلا قيودٍ أو ندمْ.
دعْ عقلَكَ الحرَّ المحلقَ فوقَهم
فالطيرُ يَعلو حينَ يَخرجُ من ألمْ.
تَنفَّسِ الآفاقَ ريحًا هادئًا
فالفكرُ يَزهُو حينَ يَنبُعُ كالنِّعَمْ.
وإن سَمِعتَ صدى القيودِ بكفِّهِمْ
فقُلْ لهم: روحي نسيجٌ من عَدَمْ.
روحي تُحلّقُ كلَّ يومٍ في سمَا
تُشرقُ كالشمسِ التي لا تُحتَكَمْ.
عَلى ضوءِ فكرٍ جديدٍ تولَّدَ
يأتي الزمانُ وتشرقُ فيهِ الهممْ.
المستقبلُ ليس لغيرِ العقولِ
فالعقلُ أفقٌ بلا نهايةٍ، بلا حَرمْ.
إن شَتَّتَتْ أيديهمُ الحُلمَ بظلمٍ
فنحنُ بأرواحِنا نهزمُ السُّممْ.
أيا عقلَ الطيرِ في العلياءِ هل
تأبى القيودَ ولا ترضى بما خُتمْ؟
في كلِّ خُطىً نحوَ فجرٍ بعيدٍ
نصنعُ من الرمادِ سُبحَةَ القُدَمْ.
عبد العالي لعجايلية
تعليقات
إرسال تعليق