**المدير المشاغب**حنان حلمي

 **المدير المشاغب**

في مدرسة الأمم الباقية الثانوية بنين تبدأ قصتنا. يحضر مدير المدرسة صلاح والمعلمين مبكرًا ليستعدوا لاستقبال الطلبة في امتحانات النقل للصف الأول والثاني الثانوي في نصف العام. رتبت الإدارة أن طالبًا من الصف الأول يجلس بجانبه طالبًا من الصف الثاني منعًا للغش، ولكن بتطور التكنولوجيا تطورت أيضًا أساليب الغش. فالطلبة الآن يدخلون اللجنة ويخبئون هواتفهم، وعندما تسمح لهم الظروف يخرجون الهواتف ويغشون.


دخل محمود اللجنة وجلس في مقعده. فرق عليهم ورق الأسئلة، ونظر محمود في ورقته فوجد الأسئلة صعبة لا يفهمها إلا الطالب النابغة، ليست على مستوى الطالب العادي. وهنا ينقسم المعلمون الذين يقومون بالمراقبة إلى فريقين: فريق يرى أن الطالب وأهله مظلومون في الإنفاق على الدروس الخصوصية ويأتي الامتحان فوق مستوى الطلبة، فيسمحون لهم بالغش فيما بينهم في هدوء. وفريق آخر يكون متشددًا ويرفض الغش حتى لا يتساوى طالب مجتهد متفوق بطالب لا يذاكر ولا يجتهد، ويرفض رفضًا باتًا الغش. وكان من نصيب محمود المراقبين المتشددين. لم يجاوب الطلبة إلا على سؤال واحد. مر أحد مدرسين أول المادة وقال بينه وبين المدرسين: "فعلاً الامتحان صعب والسؤال الواحد مركب"، ولكن رفض المراقب أن يسمح لهم بالغش.


افتعل أحد الطلبة شجارًا بين زميله على قلم، وشخط المعلم فيهم وأخذ يفرق بينهم. انتهز محمود الفرصة وأخرج هاتفه وصور ورقة الأسئلة ونشرها في جروب على الواتس مكون من أكثر من خمسمائة طالب ينشرون به الأسئلة، ويحلها لهم أحد المدرسين وينشر الحل على الجروب. وكلما يسمح لهم الوقت يدخلون وينقلون الإجابات.


مر مدير المدرسة صلاح بين اللجان ليتأكد أن الطلبة والمعلمين يقومون بعملهم. وفي إحدى اللجان أمسك طالبًا ينقل من هاتفه الإجابات، وعلم بأمر الجروب. نظر أن من قام بالنشر في الجروب رقم طالب، ومن ورقة الأسئلة علم أن الطالب هنا في مدرسته، فاسم المدرسة منور في ورقة الأسئلة وأنها مسؤولية عليه وعلى جميع من في المدرسة. فكتب رقم محمود على هاتفه وأخذ يمر على جميع اللجان يرن على الرقم وينظر على جيوب الطلبة إلى أن وصل إلى لجنة محمود. كان قد جعله صامتًا لا يخرج منه صوت، ولكنه لم يستطع كتم نوره. رن صلاح على الهاتف وهو يمشي بين الطلبة وينظر على جيوبهم، أنار الهاتف جيب محمود. فذهب إليه المدير وأخرج من جيبه الهاتف عنوة وأخذ منه ورقة الإجابة وأخذ يسب محمود بأفظع الشتائم، ألفاظ لا تخرج من معلم ومربي فاضل لدرجة أنه سب أمه في عرضها.


وهنا لم يتمالك محمود نفسه وأمسك بملابس صلاح وأراد أن يعتدي عليه ضربًا لولا تدخل فرد الأمن بالمدرسة والمعلمين. وهنا أخذه إلى مكتبه وقال: "تريد أن تضربني؟ سوف أتصل بالشرطة لتأخذك ويضيع مستقبلك لتعديك على مدير المدرسة أثناء مهامه الوظيفية. يا إما أن تخرج وتنسى أمر هاتفك."


وهنا قال محمود: "هذا الهاتف ثمنه يزيد عن العشرة آلاف جنيه، لن أتركه ولن أتركك لتعديك على أمي بالسب. أمي أشرف منك ومن أمك." وهنا ثار المدير وقال: "سوف أسجنك جزاء على سوء تربيتك."


قال محمود: "أنا متربي أكثر منك يا حرامي، تريد أن تسرق هاتفي يا تسجنني. أريد أن أسجن، ولكني لو سجنت سأخرج وأنتقم منك على سبك لأمي."


طلب صلاح الشرطة وقال إنه كان معه سلاح أبيض كان قد صادره المدير من طالب آخر في درج مكتبه، وأنه أخذه إلى المكتب ليؤنبه وكان سيتركه يذهب بعد أن صادر منه ورقة الإجابة. وعندما دخل المكتب وأصبح بمفرده معه حاول أن يعتدي عليه بالسلاح. وجاء الضابط واصطحبه إلى قسم الشرطة.


انتظرت الأم عودة محمود من الامتحان ولكنه لم يعد. كانت قلقة عليه جدًا فتذكرت أنه قبل أن ينزل اتصل من هاتفها على زميله لأن هاتفه كان على الشاحن. اتصلت به فأخبرها بما حدث وأن الشرطة أخذته إلى القسم. اتجه الأب والأم إلى قسم الشرطة وحاولا أن يريا ابنهما الموجود داخل الحجز، ولكن أمناء الشرطة منعوهما لحين عودة الضابط وأمروهما بذلك ونصحوهما بإحضار محامٍ يحضر مع ابنهما التحقيق. ذهب الأب مسرعًا إلى الأستاذ علي جمال المحامي جارهم وعاد به إلى القسم ليحضر مع ابنه التحقيق. حاول المحامي أن يرى محمود ليعرف منه ماذا حدث وأخبره بما يجب أن يقوله في المحضر، ولكنهم رفضوا. فقال المحامي: "نعرض الصلح على مدير المدرسة قبل عودة الضابط حتى لا يكون هناك محضر ويضيع مستقبل محمود." ذهب الأب والأم والمحامي إلى مدير المدرسة لكنه رفض التصالح وقال: "سوف أزج به إلى السجن."


جلست الأم تبكي على ولدها، وفجأة يرن هاتفها وتجيب الأم والدموع تملأ عينيها وتجري على وجنتيها. قالت الأم بصوت عالٍ: "محمود، كيف تتحدث وأنت في الحجز؟" طلب منها أن تخفض صوتها حتى لا يسمعها أحد، وقال: "مع أحد الموجودين في الحجز هاتف يخفيه عن الأمناء. اتصلت بكِ لأنني أحفظ رقمك ولكي أخبرك، ولكنني فوجئت بأنكِ تعلمي وأنكِ موجودة أمام القسم أنتِ ووالدي." نظرت إليه أمه وقالت: "كيف تعتدي على مدير المدرسة وكيف تنشر الأسئلة على الجروب؟"


قص عليها ما حدث، فقالت الأم: "أغلق الهاتف حتى لا يدخل عليك أحد الأمناء وتزيد الطين بلة." ومن بعيد وجدوا سيارة الضابط تدخل القسم. وهنا ذهب المحامي مرة أخرى إلى مدير المدرسة للتفاوض معه حتى لا يضيع مستقبل محمود، فرفض وقال: "سوف أندم أمه على أنها أنجبت مثل هذه القمامة." وهنا قالت الأم بكل هدوء: "القمامة هو أنت، وإذا كان ابني تعلم سوء الأخلاق فأنت قدوته الذي تعلم منها. تريد سرقة هاتف ابني وابتزازه وتسب ابني بألفاظ لا تخرج من فم معلم. لكن أحب أن أعلمك بأن صديق ابني صورك وأنت تسبه بأمه، وأنه تشاجر معك بعد أن سببته بأمه. ليس من حقك أن تسبني ولا أن تعتدي على ابني. كل ما عليك فعله إجراء محضر غش وسحب ورقة الإجابة منه. وإذا لم تتصالح الآن وتدخل عند الضابط لتخبره أنه حرصًا منك على مستقبل ابني تتنازل عن الشكوى لأنه في النهاية مثل ابنك، سوف أنشر الفيديو الجميل وأنت تسب بالكلمات التي تمن علي أنك متربي ومربي فاضل في قنوات السوشيال ميديا وما أكثرها في بلدنا. سوف تنتهي تمامًا وسوف أقاضيك وأرفع عليك دعوى قضائية سب وقذف وتخسر كل سنين خدمتك وتُرفد."


وهنا انقلب السحر على الساحر، وتغير وجه مدير المدرسة بجميع ألوان الطيف. وقال: "من يضمن لي بعد الصلح لن تقومي بنشر هذا الفيديو؟" قالت: "لن أستفيد من فضحك شيئًا، وابني ما زال معك تحت يدك في المدرسة. وكما اتهمته زورًا بحمل سلاح أبيض وتعديه عليك، ممكن تدبر له أشياء أخرى."


طلب منها أن تمسح الفيديو حتى يطمئن، فقالت: "هل أنا بلهاء؟ أمسحه حتى تنتقم من ابني؟ لن أمسحه حتى ينهي ابني الدراسة في المرحلة الثانوية." ودخل صلاح إلى القسم يجر أذيال الخيبة وتصالح رغماً عن أنفه. وخرج محمود من الحجز ووالديه ينتظران أمام القسم. وعندما وقف محمود أمام أبويه رفعت أمه يدها ونزلت بها على خده بقلم لم يأخذ مثله طول حياته، وقالت: "كيف تتعدى بالقول والفعل على معلمك وتغش وتفعل فعلتك تلك؟ لو لم يتنازل المدير وأجبرته على ذلك بتهديده بأن زميلك صوره وهو يسبك كان سيضيع مستقبلك وتسجن." ذهل محمود ونزلت من عينه دموع. قالت الأم: "انقلبت إلى امرأة تبكي جعلتني أخجل منك." مسح محمود دموعه وقال: "سوف تفخرين أنك أنجبت ولدًا اسمه محمود." تركها وذهب إلى صديقه، وعندما رآه صديقه قال: "أمك اتصلت بي وأخبرتها بما حدث. أخبرني كيف خرجت؟" أخبره بكل ما حدث، وقال زميله: "أمك عندها كل الحق 

رد محمود نعم

لذلك لابد أن اجتهد هيا بنا نذاكر ونجتهد لننجح ونرد بعض جميل ابوينا علينا 

قال محمود وزميله لم يعد هناك وقتا لنضيعه لابد من النجاح وبتفوق

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مناجاة روح...زهور الخطيب

علامة إستفهام؟فتحي موافي الجويلي

تحايا...توفيق السلمان