(الأمل) ...مونيا بنيو منيرة

 (الأمل) 


جلس في حديقة البيت متأملًا في جمال ما صنعته الغيوم من صور 

يخربش في كراسته ليبدع كعادته  رسوم قد تكون جميلة 

وضع قلمه وكراسته وراح يمعن النظر في رسمة ربانية سبحان المصور

 ما جعله يلتفت ليلمح طيفها البهي  خلف الأشجار تمشي باتجاه بوابة المدرسة المقابلة

وقف شاخصًا بصره بتجاه ذلك الباب الكبير 

 مصغياً لحفيف الأشجار حين وجدها فجأة بجانبه ربما أنجبتها تخيلاته

غاص في ملامحها  الطفولية في عينيها اللامعتين

لم يكن بينهما إلّا تلك الرسمة المبهرة سبحان الله 

الملامح نفسها 

كان ينظر للصورة ثم إليها ثم إلى الصورة مرة أخرى 

ثم رفع يده ليتحسس وجودها 

كم كانت هادئة وناعمة

 انك حقيقة انك هنا فعلا ليذرف  دموع الفرح من مقلتيه

دون أن يدري تسبق رعشات يديه همهمات فأزاح خصلات شعرها ثم ردد أيمن بصوت ندي مبحوح :

أين كنت كل هذا الوقت وكيف ظهرتِ فجأة 

: أنا مريم هل تذكرتني

ظل يزيح شعرهاالمنسدل على ملامحها ويحدق في عينيها

شدها من يدها وضغط بقوة لتقترب أكثر اتكأ على الكرسي الخشبي من ورائه

جلس وأجلسها بقربه

كان شاردًا يحاول أن يتذكرها جيدا 

إنه يعرفها  بخليط من شوق ومزيج من اللهفة محاولًا فهم الشعور وإيضاح بعض الصور الغامضة والمشوشة لكنه سعيد لا يدري لمَ

هو يعرفها ويعرف اسمها ويحفظ ملامحها 

ضحكت وضحكت وقفزت واتجهت نحو شجرة اللوز 

واحتضنتها : ها هل تذكرتني الآن 

اسمي واسمك آخر ما فعلناه هنا 

أظن أني أعرفك قد تذكرت ؟!

جلست مريم أمام ايمن بعد أن احتضنته ثم قالت هامسة 

بعد أن اغرورقت عيناها بالدموع وتنهدت تنهيدة عميقة

وقد لمع لون عينيها ببريق أمل و لون ساحر ثم قالت بصوت مرتعش : ظننت ستتركني أنت الآخر

لم اصدق انك خرجت من تحت الأنقاض بعد أسبوع من البحث كنت سأموت آلاف المرات لومتّ تلك الميتة البشعة 

لقد كتب الله لك حياة أخرى 

أنت من بقي لي من معارفي من عائلتي من كل أحبتي 

أنت من صنعت من روحي الهشة امرأة قوية أما كان الأجدر أن تتخطى حالتك لأجلي

انتفض أيمن ووقف أمام مريم من شروده 

وقال يا مريم نحن لا نختار أقدارنا فالحياة تبتلينا في اعز ما لدينا ولا تعطينا كل شيء


أمسكتة مريم بكل قوة واحتضنته لكنك ستكون بخير لأجلي 

أنت اليوم ستبذل كل جهودك لتتخطى حالتك 

تخلص منها أيمن بصعوبة وابتعد عنها 

واتجه نحو شجرة اللوز 

بينما كان يحتضنها ويبكي بشهقات حارقة كأنه لم يبكِ من قبل كان يريد أن يستمر أكثر في غسل وجع قلبه

ثم صاح مريم حبيبة قلبي ونبضي 

ثم التفت بحركة مسرعة صوبها لكنه لم يرها

فقد اختفت مريم فجأة 


كما ظهرت فجأة 


وراحت أنفاسه تتسارع حتى هدأ وراح يكمل رسمته


ليتقن الرسم بالقلم 


كما أتقن الثأر لعائلته من ذاك العدوان في ساحات القتال ليرحل شهيدًا فداءً لمريم فليس هناك نهاية افضل من رحيل إلى دار البقاء


مونيا بنيو منيرة

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مناجاة روح...زهور الخطيب

علامة إستفهام؟فتحي موافي الجويلي

تحايا...توفيق السلمان