عامٌ مضىٰ، أسدلَ ستائرَه ورَحلَ...بقلم فاطمة مستل
عامٌ مضىٰ، أسدلَ ستائرَه ورَحلَ،
كلُّ ما حدثَ فيه كفيلٌ بأن يجعلَ بينَنا وبينَ هذا العالَمَ حاجِزًا من الخوفِ، وجدارًا من الترَقُبِ،
عامٌ مضىٰ، ولم يمضّ بعدُ،
ما زِلتُ عالقةً بينَ مَمراتِه،
أطبَقَ قبضتَه، وأغلقَ كُلَّ منافِذَه،
عبثًا أحاولُ الإفلات مِنه،
أجِدُني أتتمَدّدُ في أرجوحَةِ الماضي،
في كُلِّ مُنعطَفٍ أتركُ قِطعةً مُن قلبي،
هُناكَ،
ذاكِرةٌ مُتشبِثةٌ بتفاصيلِ الأمسِ؛
مذاقُ القهوةِ المُرّةِ ما زالَ عالِقًا في فَمي،
وتلكَ الوَرقةُ المَطويّةُ تحتَ وسادَتي،
مَشاعِرٌ ركنْتُها علىٰ حافةِ بوْحٍ قديمٍ،
مُتخَفيةً داخِلَ جُروحي،
وبينَ طيّاتِ روحي؛
ظِلٌّ هارِبٌ، وسَرابٌ بلّلَ أوراقي الذابِلةِ،
حلمٌ شريدٌ يقاومُ رغبةَ الهُروبِ
أدراجٌ مُكدّسةٌ مِن الخيباتِ؛
أحمِلُها إلىٰ عامٍ جديدٍ،
أقبَلَ يُطلُّ مِن عباءةِ الغَيمِ، خَجولًا،
يترقَبُ وقعَ سُقوطِنا بينَ أحضانِه،
عثرَةُ الماضي كسَرَت الحاضِرَ،
وتركَتني أتخَبّطُ علىٰ أعتابِ غَدٍ مَجهولِ الهويّةِ،
مَحفوفٍ بالشَكِّ والظُنونِ والتوَقعاتِ،
وما زِلتُ أسابِقُ الأيامَ
وما زالَت احلامُنا مُعلّقةً كنَوارِسٍ تُصارِع الأمواجَ العاتيةَ..!
أيّها الحلمُ العنيدُ؛
تعال نتَرَجّلُ عن سفينةِ التائهينَ،
نمتَطي زَوارِقَ الثِقةِ،
نرفَعُ كفوفَ التمنّي والرَجاءِ،
نقطفُ مِن جَدائلِ الرِضا بصيصًا مِن الأمَلِ؛
ننثُره علىٰ خارِطةِ دروبِنا،
حتّىٰ يُنبِتَ في شُقوقِ السِنينِ؛
بتَلاتَ عِطرٍ تروي عِجافَ أمنياتِنا..
فاطمة مستل
تعليقات
إرسال تعليق