كلمات راقت لنا.. كلمات براي محمد/
كلمات راقت لنا......... فقلنا '' صمت الروح في الحروف''
بين الفهمِ والوهمِ, تقفُ الروحُ حائرةً كعصفورةٍ تائهةٍ بين غياهب الأسئلة، تُحلِّقُ في فضاءاتٍ لا تُدركُ حدودها, حرفٌ واحدٌ يفصلُ بين اليقينِ والضباب، كشُرفةٍ معلَّقةٍ بين سماءِ الحقائقِ وأرضِ الأوهام, هل نحنُ إلا حروفٌ نبحثُ عن جملةٍ تُعطي معنى لوجودنا؟.
الحياةُ تُشبهُ كتابًا مفتوحًا، صفحاتُه مزيجٌ من النورِ والظلام، نقرأُ سطورَها بأعينٍ تبحثُ عن الحقيقة، لكنَّ الحقيقةَ نفسَها ترتدي ثوبَ الغموض، فتتخفى خلفَ ستارِ الشك, فما أجملَ أن نعيشَ في هذا التناقضِ المتلألئ، حيثُ يمتزجُ الوهمُ بالفهمِ كالنهرِ العذبِ حين يلتقي بالبحرِ المالح، فيخلقُ لوحةً من التناغمِ المُدهش.
أما الداءُ والدواءُ, فقصةٌ تُحاكي أعمقَ أسرارِ البشر, حرفٌ واحدٌ يكتبُ الفرقَ بين الشفاءِ والسقم، كفراشةٍ تُحَوِّلُ شرنقةَ الألمِ إلى أجنحةِ أمل يبعث من بعيد, إنَّ الخواطر تتناغم وتبحث عمن يلاقيها ولو في الخيال, ففي قاعِ الكأسِ المليئةِ بالعلقمِ، قد تكون هناك قطرةُ عسل.
ذاتُ الحروفِ التي تُنقشُ آلامنا على جدرانِ القلبِ, هي نفسُها التي تَحملُ مفتاحَ الخلاص, كالشمسِ التي تذوبُ في غروبٍ دامعٍ لتُشرقَ من جديدٍ بوجهٍ مُبتسم, فهل كان الألمُ إلا مدرسةً نتعلمُ فيها فنَّ انتظار بزوغ الفجر؟!
وأما القلوبُ, فحدائقُ غناءٌ، تُزهرُ بالكلمةِ الطيبةِ وتذبلُ بنظرةِ الجفاء, إنَّ الخيطَ بين كسبِها وكسرِها رقيقٌ كنسيمِ البحر، يلفظُه الأسلوبُ، ذلك الساحرُ الذي يُحوِّلُ الزجاجَ إلى ألماسٍ، والصراخَ إلى عزفٍ ولحن شجي يلامس القلوب .
ما أقسى أن تُهدمَ قلعةُ الثقةِ بكلمةٍ جارحةٍ تُلقى كحجرٍ في بحيرةِ الودِّ! وما أرقَّ أن تُبنى جسورُ المحبةِ بهدوئِكَ، حين تَهمسُ للآخرين: "أنا هنا.. أخٌ.. صديق.. روح لكَ, في هذا الكونِ الواسع", إنَّ الكلمةَ الطيبةَ كالمطرِ الخريف، تُنبتُ وردَ الأملِ حتى في أرضِ القلوبِ المُجدبة.
فـسلامٌ على الأرواحِ التي اختارتْ أن تكونَ ماءً عذبًا في صحراءِ القسوة، تُنقي كلَّ من يمرُّ بها من غبارِ الأحقاد, سلامٌ على من يزرعُ بسمةً في وجهِ المحبين المتآلفين الضائعين، ويُضيءُ شمعةً في طريقِ ضائع, ويحيي أملا قد مات في قلوب التائهين و الحائرين.
هم كالنجومِ الخافتةِ التي لا تُرى إلا في ظلامِ الليلِ، لكنَّ نورَها يخترقُ السُحبَ ليُذكِّرَنا بأنَّ الأمل موجود والود لم يرهقه الظلام ومازال منارة ترى من بعيد في شاطئ الوصل يرقب كل غريب يمر كالنسيمِ، لا يَترك وراءه إلا عطرَ الأخلاقِ وصدى الحنان, تُرى كمْ من قلوبٍ نَشِرتْ زهورَ السعادة والشفاء دون أن تنتظرَ شكرًا؟!
هكذا هي الحياةُ قصيدةٌ مُلهمةٌ، حروفُها مزيجٌ من الضحكاتِ والدموعِ، سطورُها تروي تفاصيلَ رحلةِ البحثِ عن المعنى, فلتكنْ كلماتُكِ ندى يُحيي القلوبَ، وأسلوبُكِ مرآةً تُعكسُ منها أسمى ما فيكَ, وتذكَّرْ دائماً أن النورُ والظلامُ وجهانِ لروحٍ واحدةٍ، والألمُ والأملُ جناحانِ يُحلقُ بهما القلبُ إلى فضاءِ السكينة, فلا تيأسْ, فربما يكونُ الحرفُ القادمُ هو بدايةُ أجملِ فصلٍ في حياتك, هكذا هم المحبون, أين هم.. في زمن المكر والخداع..
كلمات راقت لنا.. كلمات براي محمد/ الجزائر
تعليقات
إرسال تعليق