القتل الحلال // بقلم أ. محمدالهادي

 ..


..


  -  القتل الحلال  -


في وقت كان قد أعد له من زمن بعيد وإلى أن حانت الفرصة قام بذبحها كالشاة ..  وأثناء محاولته حمل جثتها للتخلص منها .. وعلى حين غرة فوجىء بدخول العجوز الذي تسمر مكانه إلى أن استوعب ما تراه عيناه فأخذ يصيح بأعلى صوته مستنجدا بمن يسمع استغاثته .. فيأتي البعض ملبيا ويشاهدون رجلا نال منه الشيب ما نال وشابا يافعا تحت قدميه جثة مضرجة فى دمائها .. وفور رؤيتهم يطلب منهم الرجل المكلوم أن يلقوا القبض على الشاب الذي ذبح زوجته الغالية وخادمته المطيعة التي أفنت عمرها وشبابها فى خدمتهما معا ويحثهم بإبلاغ الشرطة فورا .. ويسرع جاثيا على ركبتيه أمام الجثة باكيا بحرقة وألم مطمئنا إياها بأنه لن يضيع حقها وسيودي بمن فعل بها ما فعل إلى مصيره الحتمي ولن يهدأ له بال حتى يراه معلقا بحبل المشنقة ... وينظر بكل حسرة وألم إلى ذلك الشاب داعيا عليه بالويل وانتقام الله منه .. وظل كذلك إلى أن جاء رجال الشرطة وألقوا القبض على الشاب الذي لم ينطق بكلمة واحدة حتى ذلك الحين الذي مر عليه كأنه دهر طويل ... وعند التحقيق معه اعترف بفعلته الشنعاء بل وقام بتمثيل مشهد الجريمة بكل تفاصيلها ... وتم تقديمه للمحاكمة التي حكمت عليه بتحويل أوراق القضية إلى فضيلة المفتي بعدما اعترف بجريمته بدافع السرقة التي كانت سببا في فعله ما فعل بعدما شاهدته زوجة أبيه وخشي من افتضاح أمره أمام أبيه .. وحاول أن يطلب العفو  والسماح من أبيه الذي أبى بشكل قاطع مسامحته عما ارتكب .. وهنا لم يقل سوى : ( عندما نلتقي سويا يوم المشهد العظيم ستسامحني ) 


ولم يفهم أبوه معنى ما قاله .. وكيف سيسامحه ؟؟


ولماذا .. يوم المشهد العظيم ؟؟


هل هناك ما يخفيه هذا المجرم الذي خان أباه وأراد سرقته برغم عدم حرمانه من كافة طلباته ؟؟


وكيف سيسامحه وقد قتل السيدة التي كانت تقف على طلباتهما وتخدمهما بكل ما أوتيت من جهد بعدما كشفته ؟؟؟ 


أسئلة لا حصر لها دارت فى رأس المسكين الذي وقع بين نار حزنه على زوجته .. ونار حزنه على ضياع ابنه الوحيد بسبب ما فعل .. 


وتم اقتياد القاتل إلى ما يقودون إليه مثله ممن يحكم عليهم بمثل هذا الحكم الرادع ... وعندما انفرد بربه دعاه راجيا أن يصبر أباه ويرزقه الطمأنينة والسكون ويعفو عما اقترفه فى حق أبيه ويغفر له كذبه فى ادعائه سبب جريمته التي لم يفعلها سوى حفظا لكرامة أبيه بعدما راودته زوجته عن نفسه أكثر من مرة وبعدما تأكد من مرافقتها لشاب من أقاربها ...  


فكان ما كان من خوفه على جرح مشاعر أبيه لو عرف الحقيقة .. فتحمل ردة فعل أبيه وغضبه منه فى سبيل أن يحفظ له كرامته وهيبته .. والله وحده القادر على تطبيب القلوب.


------------


بقلم/ محمدالهادي

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مناجاة روح...زهور الخطيب

منفى الرسائل...شعر خالد الخطيب

ابوي علمني ...هبة أبو السعود