فِي ذَاتِ يَوْمٍ...د. غسان الصيفى
فِي ذَاتِ يَوْمٍ
فِي ذَاتِ يَوْمٍ كَتَبْتُ قَصِيدَةً
ذَاتَ حُرُوفٍ فِي بَهَاءِ
قَرَأَتْهَا إِنْسَانَةٌ رَقِيقَةٌ
بِحِرْصٍ وَعَنَاء
فَأُعْجِبَتْ بِهَا وَبِكَلِمَاتِهَا
وَكَتَبَتْ لِي رَدًّا بِنَقَاءِ
وَمُنْذُ ذَاكَ الْيَوْمِ اتَّصَلَتْ
قُلُوبُنَا وَعِشْنَا سُعَدَاء
مَرَّتْ أَيَّامٌ جَمِيلَةٌ كُلُّهَا
فَرَحٌ وَحُبٌّ وَبَهَاء
الْتَقَتْ أَعْيُنُنَا وَأَيْدِينَا
وَقُلُوبُنَا فِي الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ
مَا مِنْ يَوْمٍ إِلَّا لَنَا فِيهِ لِقَاء
إِنْ غَابَتْ عَنِّي سَاعَةً أَعِيشُ
فِي وَحْشَةٍ، فِي غَوْغَاء
أَبْحَثُ عَنْهَا فِي كُلِّ مَكَانٍ
كَالطِّفْلِ فِي وَسَطِ الصَّحْرَاءِ
مَرَّتْ أَيَّامٌ مِنْ عُمْرِنَا
عِشْنَا فِيهَا لَحَظَاتٍ كُلُّهَا ضِيَاء
حُبٌّ وَتَعَلُّقٌ وَاشْتِيَاقٌ
وَكُلُّ لَحْظَةٍ تَقَرُّبٌ وَإِغْرَاء
لَمْ أَكُنْ أَعْلَمُ مَا شَدَّنِي إِلَيْهَا
فَكَانَتْ جَمِيلَةً كَالْعَنْقَاء
سَارَتْ بِنَا الْأَيَّامُ إِلَى حَيْثُ لَا نَدْرِي
مَعَ النَّغَمِ وَالْغِنَاءِ
رَسَمْنَا لِأَنْفُسِنَا طَرِيقًا نَيِّرًا
فَرَحًا يَسِيرُ مَعَ الْإِعْيَاءِ
رَبَطَتْ بَيْنَنَا مَشَاعِرُ دَافِئَةٌ
تَمْنَحُنَا أَمَلَ الْبَقَاءِ
سَنَوَاتٌ وَسَنَوَاتٌ مَرَّتْ
وَكُلُّهَا مَخْلُوطَةٌ بِعَنَاءِ
حين لامستْ روحُها قلبي
نسيتُ معها الحياء
لَمْ أُفَكِّرْ فِي غَدٍ، بَلْ كُنْتُ أَحْيَا
فِي نَشْوَةٍ كَنَسْمَةِ هَوَاءِ
فِي لَحْظَةٍ عَجِيبَةٍ تَغَيَّرَتْ
وَأَصْبَحَتْ كَأَنَّهَا غَرِيبَةُ الْأَهْوَاءِ
لَمْ يَكُنْ كُرْهًا، بَلْ كَانَ شَوْقًا
وَحُبًّا لِلْبَقَاءِ
أُغْلِقَتْ كُلُّ الطُّرُقِ أَمَامَنَا
وَعِشْنَا فِي هَجْرٍ وَشَقَاءِ
تَقَطَّعَتْ قُلُوبُنَا بَعْدَ الْتِصَاقِهَا
وَعِشْنَا كَأَنَّنَا غُرَبَاء
لَيْتَ الْأَيَّامَ تَعُودُ كَمَا كَانَتْ
وَنَعُودَ لِلْأَحْضَانِ بِدُعَاء
هِيَ نُورٌ أَضَاءَ حَيَاتِي
وَحُبٌّ مَلَأَ قَلْبِي بِبَهَاءِ
لَمْ أَكُنْ أَدْرِي بِسَعَادَتِي مَعَهَا
إِلَّا بَعْدَ مَا جَاءَ الْغَبَاء
كَيْفَ تَرَكْتُهَا تَمْضِي وَحْدَهَا؟
كَيْفَ عِشْتُ بَعْدَهَا بِرَخَاء؟
سَيَبْقَى ذِكْرُهَا فِي قَلْبِي
حَتَّى أُسَافِرَ مَعَ الطُّيُورِ لِلسَّمَاءِ
يَا حَبِيبَ الْمَاضِي، عُدْ إِلَيَّ
فَإِنَّ قَلْبِي يَذُوبُ بِالْعِيَاءِ
أَنْتَ حُبُّ الْعُمْرِ كُلِّهِ
أَنْتَ الْأَمَلُ فِي وَجْهِ الشَّقَاءِ
د غسان الصيفي
تعليقات
إرسال تعليق