برقيّة إلى العرب...ننور عشيش

 برقيّة إلى العرب


يا بني يعرُب ما هذا اللّعب؟! 

 أوَمَا فيكم فؤاد يضطرب 

 للّذي في غزّةٍ من محنة

أقلوب العُرْب قُدَّت من خشب؟!

 بلغ الذّلّ مدى لا ينبغي

 أن تزيدوا قد سموتم في الرّتب

 قد سبقتم فقع قاع ذلّة

 وسبقتم وتدا لمّا ضُرِب(1)

 إن سُئِلنا انتسبوا من أنتمُ

 أيّها النّاس؟ صمتنا لم نُجِب

 أنجيب النّاس إنّا عرب؟!

 ويحنا من خجل لم ننتسب

أعميتم عن بني صهيونَ من

 قد أذلّوا الرّأس منكم والذّنَب؟!

 أمِنوا جانبكم إذ علموا 

أنّكم قوم تحبُّون الخُطب

 علموا أنْ ليس فيكم رجل

 كصلاح الدّين في خيل نُجُب

 ليس فيكم أمّتي معتصم

 فيلبّي امرأة إذ تنتحب

 ليس فيكم عمر مستلِم

 ذلك المفتاح من غير حَرَب

 علموا علم يقين أنّما 

نصركم غزّة لا يعدو الغضب

 غضب تُرجِم منكم قمّة

 جعلت من غاصِب كالمغتَصَب!

 لامت المظلومَ قالت إنّنا

 في غنى عمّا فعلتم من شغب

 فاصبروا للقتل أو فلترحلوا 

إن أبيتم نحو صحراء النّقب!

وأتيتم مجلس الأمن الّذي

 لا يرى في نصرنا أدنى سبب

 بل يرى قد صرّحوا في جنسنا 

حيوانات ولكن لا ذَنَب!(2)

 جعلوا (الفيتو) لهم في ظهرنا 

خنجرا للغدر إن يوما سُحِب

 أعميتم عن مصاب ويحكم

 حاصل في غزّة يا للعجب؟!

 أعميتم عن رضيع ميّت

 حملته الأمّ ثكلى تنتحب؟!

 فقدت زوجا ولكن راعها

 فقدُ من لم ينفطم كيف استُلِب 

صرخَتْ طفلي أجبني لا تمت 

ألقمَتهُ الثّدي لا لم يستجب

 بحثت إذ يئست عن أخته

 وجدتها جثّة بين اللّعب 

رفعت نحو سماء رأسها 

وشكت للّه خذلان العرب

أعميتم عن مبان هُدِّمت؟!

 سُوّيت مَعْ ساكنيها بالتُّرَب

 عن مشاف قُصفت يا ويحكم؟!

 ظنّها السّكان أمنا مُستَتِبّ

 كم قضى فيها طبيب حاذق

 وقضى فيها المريض المستطِبّ

 أعميتم عن محاريبٍ وقد

 جُعِلت دكّا بنار تلتهب؟!

 كم دروسٍ أُلقيت ثَمَّ وكم

 شنّف الآذانَ من شيخ ذَرِب

 أعميتم عن مياه قُطِعت

 عنهمُ طوبى لعبد قد شرب؟!

 فغدت أحلامهم في غزّة

 كوب ماء بارد لو ينسكب!

 أعميتم عن ظلام دامس

 زاد من رعب الصّغير المرتعِب؟!

 قطعوا الأسلاك زادوا ليلهم 

ظلمة والقصف ليلا يُرتَقَب

 غزّةٌ تشكو إلينا حالها 

وبنو قومي سكارى في لعب!

 ضجروا منها فقالوا أمسكي

 قد مللنا من شكاة وعتب

حملوا أعلامهم وانطلقوا 

كرة الأقدام لا شكّ أَحَبّ!

 نزلوا مرجا فسيحا أخضرا

 كلّهم يسعى لإحراز اللّقب!

 قال شطر (محرز) ذا فخرنا

 صانع الألعاب رأس المنتخب

 فأجاب الشّطر كلّا أبدا

 بل (صلاح) عندنا فخر العرب!

 قد رأينا عجبا يا أمّتي

 غير أنّا لم نعش بَعْدُ رجب

 يا بني يعرُب جِدُّوا ويحكم

 كم هزلتم لهف نفسي من حِقب

 إنّما يُخشَى أخو جِدّ ولا 

ليس يُخشى هازل أو يُجتنَب

 فأعدّوا ما استطعتم قوّةً

 أمرُ ربٍّ جاء في خير الكتب

 فأْتوا بالأسباب قومي إنّما 

يُخذَل المرء إذا ظلّ السّبب 

ظاهَرَ المختارُ درعين على

 صدره في أُحُد خوف النّشَب

 راجِعوا الإسلام قد غيّرتمُ

 راجعوا شرع النّبيّ المنتخَب

 واحفظوها آية (إن تنصروا)

 هذا شرط النّصر لا شكّ وجب

ربّنا أبرم لقومي عاجلا

 أمر رُشْد بيّنا لا ينشَعِب

 رُدَّهم ردّا جميلا للّذي

 به أرسلتَ بن عبد المطّلب

 لائمي في الشّعر مهلا لا تلم 

رُبّ بيتٍ أُشرِعَت منه القُضُب

 بعث النّاسَ وأحيا فانبَرَوا

 يطلبون المجدَ إذ منهم سُلِب


منوّر عشيش -الجزائر-


هامش:

(1) ممّا تضربه العرب على الذّلّ قولها :

هو أذلّ من فقع بقاع .

وتقول أيضا : هو أذلّ من وتد.

(2) قد قال قائلهم : نحن نقاتل حيوانات بشريّة!.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مناجاة روح...زهور الخطيب

العجوز والماء… وجنازة الوطن // بقلم: جبران العشملي

ابوي علمني ...هبة أبو السعود