جذور لا ترى // بقلم أ. احمد بلال

 جذور لا تُرى


التراث…

ليس ما يُعلَّق في المتاحف،

ولا ما يُوثَّق في سجلات التوثيق الخرساء.

إنه ما يتسرّب من نظرةِ جدّةٍ

إلى حفيدٍ لا يفهم الكلمات،

لكنه يصغي…

لرعشة المعنى في صوتها.


التراث…

هو ما نجهله، لكنّه فينا.

أن تسير في أرضك

فتعرف الطريق،

ولو لم تمرّ به من قبل.

أن تبكي عند أنشودةٍ

لم تسمعها من قبل،

لكنها تذكّرك بمن كنتَ...

قبل أن تُولد.


إنه الهشيم في رقص الزار،

الحنّاء في يد العروس،

الهمهمةُ بين الصمتين،

حين تعجز اللغة عن احتواء الفرح،

وتتحرك من قيود المعجم.


هو ما لا يُدرَّس،

لكنه يعلّم.

ما لا يُورَث،

لكنه يسكن في نبرتك،

في إيماءتك،

في طريقةِ صمتك حين تخجل.


التراثُ اللامادي…

هو ما يجعلنا بشرًا،

لا لأننا نتشابه،

بل لأننا نختزنُ الفوضى النبيلة 

على جسر اللقاء ،

لكل من مرّوا قبلنا،

وما زالوا يعيشون في نبرة صوت،

أو ظلّ رقصة الافياء،

أو رجع نايٍ بعيد.


فلا تسأل عن الذاكرة في أرشيفٍ رقمي،

ولا في رقمِ تسلسلِ قطعةٍ فنية.

الذاكرة الحقيقية

هي ما لا يُكتَب…

لأنه يُحسّ.

وما لا يُفسَّر…

لأنه يُعاش.


احمد بلال

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مناجاة روح...زهور الخطيب

منفى الرسائل...شعر خالد الخطيب

ابوي علمني ...هبة أبو السعود