التّأقلم....أ. ورود نبيل

 التّأقلم: فنّ البقاء والنّضج وسط التّغيّرات

التّأقلم ليس مجرّد رد فعل آليّ على ظروف الحياة، بل هو مهارة إنسانية عميقة تتجلّى حين نُجبر على تغيير اتجاهاتنا، أو حين نُواجه ما لم نكن نتوقّعه، إنّه القدرة على التكيّف مع الواقع المتغيّر دون أن نفقد ذواتنا، وعلى احتضان الجديد دون أن نُهين ما كنّا عليه سابقًا.


يبدأ التّأقلم من لحظة الاعتراف: أن الحياة لا تسير دائمًا كما نشتهي، هناك فقد، هناك رحيل، هناك تغيّرات في العمل، في العلاقات، في الأحلام، وحتى في أنفسنا، وحين نتمسك بالماضي كما هو، دون محاولة فهم الحاضر، نصبح أسرى الجمود.


الإنسان المتأقلم لا يعني بالضّرورة أنه قويّ أو لا يشعر، بل هو من يسمح لنفسه بالحزن ثم ينهض، من يتخلى عن خططه حين لا تعود مناسبة، ويخلق طرقًا جديدة للمضيّ قُدمًا. 

التأّقلم ليس خيانة لما كنا نطمح له، بل هو حبّ جديد للحياة بشروطها.


وفي بعض الأحيان، يكون التّأقلم نوعًا من المقاومة الهادئة؛ أن تبقى واقفًا في وجه العاصفة لا عنادًا، بل لأنّك تعلم أن الانحناء أحيانًا هو ما ينجّي الشّجرة من السّقوط.


التّأقلم لا يعني أن نتغيّر حتى لا نُكسر، بل أن نتعلم كيف نُرمم أنفسنا كلّما انكسرنا. هو رحلة طويلة من النضج، ومن القبول، ومن إعادة ترتيب الدّاخل حتى نتمكن من العيش بسلام رغم فوضى الخارج.


في النّهاية، لا أحد يخرج من الحياة كما دخلها، والتّأقلم هو ذلك الجسر الذي نعبر عليه بين نسخنا القديمة والجديدة، بين ما كنّا عليه، وما يجب أن نصبحه لنواصل السّير.


الكاتبة: ورود نبيل محمد

الأردن


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مناجاة روح...زهور الخطيب

العجوز والماء… وجنازة الوطن // بقلم: جبران العشملي

ابوي علمني ...هبة أبو السعود