"نعيم الجهل وجحيم الوعي"..ورود نبيل

 "نعيم الجهل وجحيم الوعي"


يقولون: الجهل راحة،

ويضحكون على من يفكّر كثيرًا، ويحسب كلّ خطوة، ويتألم من كلّ كلمة.

لكنّهم لا يعرفون أنّ الوعي لا يُطلب، بل يُبتلى به.

الجهل، في ظاهره، نعمة، أنت لا تسأل، فلا تُتعب نفسك بالبحث، لا تُحلّل، كي لا تُنهك قلبك بالشّك.

تعيش اللّحظة كما هي، لا تضع احتمالات ولا تخشى العواقب.

تصدّق كلّ شيء، فلا تجرحك الحقائق.

أما الوعي، فهو نار باردة، ترى بها ما لا يريد النّاس أن يُرى، وتشعر بثقل الأشياء حين يراها غيرك خفيفة.

الوعي يسلب منك لذّة البساطة، يفتح لك عيونًا ثالثة ورابعة، لكنّه لا يمنحك مأوى تحتمي فيه من ضجيج الدّاخل.

من يعي، يتألم؛ لأنّه يفهم الكلمة خلف الكلمة، ويرى التّناقض في من يحب، ويحسّ بالخذلان قبل أن يُقال.

الجاهل قد ينام مرتاحًا وإن خانه أقرب النّاس،

أما الواعي، فقلقه لا ينام، حتى إن كانت الخيانة مجرّد احتمال.

لكن، هل الجهل هو الحل؟

وهل الوعي نقمة خالصة؟

الواقع أنّ كليهما يملك وجهين، الجهل قد يريحك، لكنّه لا يبنيك، والوعي قد يوجعك، لكنّه يفتح لك أبوابًا للنّمو، للنّضج، للحقيقة.

ربّما التّوازن هو ما نحتاجه، قلبٌ يشعر، وعقلٌ يزن، وروحٌ تعرف متى تُطفئ النّور لترتاح، ومتى تُشعل الوعي، لتكمل الطّريق، فالرّاحة مؤقتة في الجهل،

لكنّ النّجاة في النهّاية تكون لأصحاب البصيرة،

الذين ساروا في جحيم الوعي، وخرجوا أحياء.


الكاتبة: ورود نبيل

الأردن

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

إذا التقينا ،،سعد عبد الله تايه

مناجاة روح...زهور الخطيب

في محراب الحب ...سعد عبدالله تاية