إدارة شرقية ...معز ماني

 إدارة شرقية ...

جلست في مكتب بلا نوافذ

أوراق تتراكم كجبال بلا صوت

تسقط ثم ترفع ثم تسقط من جديد

الهواء يحمل رائحة الملفات الميتة

والسقف يتأملنا بصمت لا يصدق

قلت للموظف أين الطريق ؟

أجاب نحن نرسمه كل يوم  لكنّه لا يصل ..

أمامي فنجان قهوة بارد

يمثل جميع وعود الإدارة

سألت النّديم هل بقي شيء 

هنا سوى التوقيع والموت ؟

ضحك وقال الموت أرحم لأنّه صادق ..

الموظفون يتبادلون الرسائل كأنها سيوف

ويكتبون تقارير عن الأخطاء التي ارتكبوها هم أنفسهم

الأخطاء هنا شهادة على الجدارة

من ينجح في الخطأ يحصل على مكافأة الصبر

والمدير يمرّ مبتسما يوقّع على أسماء لم يعرفها

ويترك خلفه فراغا يمشي مثل شبح طويل 

كلّ ابتسامة هنا توقيع على الهزيمة ..

المهام تتناوب كسلحفاة على لوح الزمن

تأخذ خطوة ثم تتراجع ألفا

والتحديث كلمة نادرة كابتسامة المدير

والرقمنة حلم لزمن آخر.. 

نحن نعرفه من الكتب القديمة ..

قلت لماذا كلّ شيء بطيء ؟

أجابني صمت المكتب الطويل

ثم قال أحدهم من بعيد

السرّ في البطء لأنه يمنحنا وهم السيطرة

ضحكت وقلت ونحن نسير في وهمنا معا

كأننا نحفر حفرة كبيرة تسمّى إنجازا ..

في الزاوية الأخرى رجل يبيع القرارات

يقول الطريق طويل ولن تصل أبدا

ونصفّق له لأنّ صدقه صار سلعة نادرة

والجدة في البطء ليست مهارة بل قانون

قلت لصاحبي الموظف القديم 

هل تريد أن نغيّر شيئا ؟

أجاب هل تعرف معنى أن تغيّر شيئا هنا ؟

قلت ربما نجعل الإدارة أسرع ؟

ضحك وقال الإدارة سلحفاة

وهي تحكم على الزمن بأن يزحف ..

قلت لو كنّا أذكياء لما بقينا

أجاب الذكاء هنا عبء غير قانوني

ثم ساد صمت طويل سوى صوت الأقلام

والمراحيض تصرخ بلا ماء 

كأنّها تعلّمنا الصبر ..

المعنى.. مغلق للصيانة

والحقيقة.. مرهونة بتوقيع المدير

وكلّنا هنا نعمل لنسج وهم اسمه فعالية

والساعات تمضي ببطء مقصود

حتى نسينا أنّنا كنا نريد أن نعيش ...

                                     بقلم : معز ماني .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

إذا التقينا ،،سعد عبد الله تايه

مناجاة روح...زهور الخطيب

في محراب الحب ...سعد عبدالله تاية