لا أَفْهَم...د. أسامه مصاروه
لا أَفْهَم
يا إلهي بعْدَ أَنْ أفْنيْتُ عُمْري
في دراساتٍ لتاريخٍ وَفكْرِ
قدْ وَصلْتُ الآنَ للْفَهْمِ بأَنّي
لمْ أَعُدْ أفْهَمُ ما للْعُربِ يجْري
كيْفَ لي أَنْ أفْهمَ الذُّلَ الْمُهينا
ذُلَّ قوْمٍ ينْصُرُ الْخَصْمَ الْمُبينا
والَّذي يَقْتُلُ في بِضْعِ ثوانٍ
طفْلَةً وامْرَأَةً حتى الجَنينا
كيْفَ لي أنْ أفْهمَ الْكلْبَ الْعَميلا
حاكِمًا أوْ مَلِكًا يُقْعي ذَليلا
أيُّ خِزْيٍّ يا إلهي أَيُّ عارٍ
قدْ أَضَعْنا إِذْ نَسيناكَ السَّبيلا
كيْفَ لي أَنْ أفْهَمَ القومَ البَليدا
قوْمَ عُرْبٍ كانَ مِنْ قبْلُ رشيدا
وَيْحَ قلْبي أيْنَ مِنّا عَهدُ مَجْدٍ
حينَ كُنّا في الفُتوحاتِ أُسودا
كيْفَ لي أنْ أفهمَ الصَّمْتَ الْمُعيبا
في قلوبٍ لا ترى الْحِقْدَ الْرَّهيبا
كيفَ صارَ الْعَدْلُ في الدنيا انْتِقاءً
يخْدِمُ الأنْذالَ لا الْحَقَّ السَّليبا
كيْفَ لي أَنْ أَفْهَمَ الظُّلْمَ الْمَقيتا
كيْفَ لي أَنْ أفْهمَ الْغِلَّ الْمُميتا
كيْفَ صارَ القتلُ في الدُنيا مُباحًا
كيفَ صارَ الْقَبْرُ للناسِ المَبيتا
كيْفَ لي أَنْ أفْهَمَ الْكُرْهَ الدَّفينا
في قلوبٍ لمْ تَلِنْ بل لنْ تَلينا
ما الَّذي يا ناسُ يدعو لاقْتِتالٍ
لِمَ لا إنْ كانَ أهداكُمْ لَعينا
كيْفَ لي أنْ أفْهَمَ الْضَّعْفَ الشَّديدا
وَلِماذا نجتبي وَغْدًا مَريدا
عجبًا يا أُخوَةَ الأعرابِ إنّي
لسْتُ أدْري كيْفَ أصبَحْتُمْ عبيدا
كيفَ لي أنْ أفْهَمَ الجُبْنَ الْجنوني
إذْ تَعدَّى بْحْرَ شكّي وَظُنوني
أيُّ عُذْرٍ عِنْدَكُمْ يا عُرْبُ حتى
تزْرَعونَ الذُّلَّ شوْكًا في عُيوني
كيْفَ لي أنْ أفهمَ الأَعْرابَ كيْفا
بعْدَ أَنْ ساروا إلى الْمُحْتَلِّ زَحْفا
فغَدا ذِئْبًا بِعَدْلٍ لا يُبالي
بعْدَ أن صارَتْ لَهُ البُلْدانُ وَقْفا
يا إلهي ضاقَت البُلدانُ بيّا
إذْ غَدَوْنا بشرًا نسْكُنُ غَيّا
بَعْدَ أنْ صِرنا عبيدًا واتَّخّذنا
ذلِكَ المأفونَ والْمُسْخَ وَليّا
د. أسامه
تعليقات
إرسال تعليق