على مقهى الخطيئة ...معز ماني
على مقهى الخطيئة ...
جلست مع الشيطان على مقهى الخطيئة
حاملا قلمي وهو يسكب
دخان الظلّ في فنجانه ..
قلت له من يدخل النار ؟
ابتسم ابتسامة طويلة وقال
من يقرأ كثيرا ويعتقد أنّه حرّ
قلت ومن يدخل الجنة ؟
فأغمض عينيه ونفخ في أذني
من يطيع بلا سؤال
من يغلق فكره في قفص الطاعة
ويقول آمين حتى لو نحر أمامه إنسان
ضحكت منه فقال ..
ما يضحك؟ أنت أيضا تدخل النار
كلّما حاولت فهم الأشياء
قلت أهذا عدل ؟
قال العدل فكرة تعبر الشارع عارية
فتغطّيها الأكاذيب كي لا تخجل الجماهير..
قلت والحقيقة ؟
قال سلعة تباع في الأسواق
بأسماء دينية جميلة ..
ولها تخفيضات في موسم الخوف ..
قلت والحرية ؟
قال أكبر أكذوبة اخترعها السجّانون ليتسلّوا
من يصرخ بها يرمى بالجنون
ومن يسكت يمنح وسام الحكمة ..
قلت له وما السعادة ؟
قال مسكّن رخيص
يباع في زجاجات الرضا
ويكتب عليه صالح للاستهلاك الروحيّ ..
قلت وماذا عن الحبّ ؟
قال إعلان جميل لمنتج غير موجود
يصنعونه في المختبرات يسمّى فنكوش
ويبيعونه في القصائد ..
قلت وماذا عن الناس ؟
قال يؤمنون بما يريحهم
يكرهون الحقيقة لأنها تفسد نومهم
ويصلّون لوهم كي يناموا بضمير مرتاح ..
قلت إذا من نحن ؟
قال أنت سؤال خائف وأنا إجابة واثقة
لكنّ كلانا كاذب ..
قلت فهل تنكر أنك الشرّ بعينه ؟
قال مبتسما أنا الشرّ لا يا صاحبي
أنا مجرّد مرآة تعكس وجوهكم
حين تسقط الأقنعة ..
ثم نهض إبليس من مقعده وقال
لا تبحث عني في الجحيم
ستجدني في كلّ مكان فيه راحة الوهم
وكلّ عقل يخاف أن يفكّر
وكلّ ضمير نام ..
على وسادة التبرير ...
بقلم : معز ماني . تونس .
تعليقات
إرسال تعليق