وعي متأخر بقلم: نور شاكر
وعي متأخر
بقلم: نور شاكر
الخجل شعورٌ نبيل لا يسكن إلا القلوب التي ما زالت تعرف للضمير صوتًا، وللإنسانية وزنًا
غير أنّ السؤال الذي يراودنا هو: متى يخجل المرء حقًّا من أفعاله؟
هل يخجل حين يرى العطاء يُقابَل بالنكران؟
أم حين يُكافَأ الحب بطعنةٍ في الظهر؟
الخجل لا ينشأ من الخطأ فحسب، بل من لحظة الوعي به
حين يرى المرء انعكاس فعله في وجوه من أحبّوه بصدق، فيدرك كم كان قاسيًا، وكم غاب عن قلبه الإنصاف
فالعطاء الذي يُقابل بالجحود يُعرّي النفوس، ويكشف من في داخله جفاف روحي لا يرويه الندم
ويبلغ الخجل ذروته حين يُهان الحب، ذاك الشعور الطاهر الذي وُلد ليُكرَّم لا ليُطعن
فالطعن في الحب ليس جريمة في العاطفة فقط، بل في الإنسانية ذاتها، إذ يُطفئ في الروح ما أبقاها حيّة
إنّ المرء يخجل حين تتقاطع ذاكرته مع الحقيقة، فيرى نفسه كما لم يشأ أن يراها من قبل: ضعيفًا أمام غروره، قاسيًا في لحظة غضبه، أو جاحدًا في ساعة الوفاء
ذلك هو الخجل الحقيقي، لا خجل المظهر أمام الناس، بل خجل البصيرة أمام الذات
فما أثقل أن يدرك الإنسان أنه أطفأ نورًا كان يضيء دربه، أو كسر قلبًا كان يحبه بصدق، ثم يمضي وكأن شيئًا لم يكن
وحين يأتي الوعي متأخرًا، يكون الخجل وجعًا صامتًا لا دواء له إلا صدق التوبة وعمق الندم.
تعليقات
إرسال تعليق