جمهوريّة الوجوه البلاستكيّة ...معز ماني

 جمهوريّة الوجوه البلاستكيّة ...

مرحبا بكم في الجمهوريّة الجديدة ..

هنا تباع الملامح في صيدليّات الوجاهة

وتصنّع الأخلاق في مصانع الأدب

كلّ شيء قابل للغسل ..

الضمير والذاكرة والدموع 

حتى الموت ..

صار يبثّ مباشرة

مع إعلان جانبيّ عن كريم 

لتغذية الجثث الجافّة ..

هنا لا أحد يولد طبيعيّا

فكلّ مولود يحقن بجرعة 

كيف تصبح لائقا للبثّ المباشر

وكلّ قلب يعقّم من الشغف 

قبل أن ينبض للمرّة الأولى ..

هنا الطفل يتعلّم منذ الحضانة

أن يقول نعم قبل أن يسمع السؤال

وأن يصفّق لمن يسقط

لأنّ السقوط نجاح في فنّ البقاء ..

في الجمهوريّة العجيبة

تقاس الرجولة بعدد المتابعين

والحياء يمنح في علب شفّافة

عليها شعار حبّك سفاح ..

هنا الشّمس صناعيّة

تعمل بالبطّاريّات ..

والظلال تصنع في مصانع الوهم

والمطر يستورد من شركات الإحساس المحدود

تقام صلاة الجماعة في المولات

ويؤدّى الحجّ إلى صفحات المشاهير

ويوزّع ماء زمزم في عبوات مكتوب عليها

إليك الواوا ..

في الجمهوريّة البلاستيكيّة

الكلمة توزن بعدد الإعجابات

والصمت يكافأ بمنصب رفيع

والغباء شرط قبول في وزارة الرأي العامّ

الوجوه لا تتقدّم في السنّ

لكنّها تتهالك في المعنى

والعقول لا تشيب

لكنّها تصدأ من قلّة التفكير

هنا الابتسامة واجبة

تبتسم الجدران لأنّ الكاميرات تراقب

وتضحك الأرواح في صناديق القمامة

إذ تسمع خطب الفضيلة ..

والدمعة تعدّ جريمة تشويه لمزاج العامّة

والحزن يصنّف ضمن الأمراض المعدية

أمّا وزارة الترفيه فتحمل شعار هشّك بشّك ..

وإذا رأيت وجها صادقا

فاعلم أنّه خرق القانون

وسوف يعتقل بتهمة 

تشويه الجماليّات العامّة

ومن ولد بوجه من لحم

يعاد لرسكلته بمطّ صناعي ...

                                بقلم : معز ماني . تونس .