الأمل//بقلم أ . ورود نبيل

 الأمل، ذلك الخيط الذي يشدّ الرّوح نحوّ الضّوء


الأمل ليس فكرة تجريديّة، ولا كلمة تُقال لتخفيف الوجع، الأمل فعلٌ داخليّ، حركة خفيّة في القلب تُعيد ترتيب الفوضى، وتذكّر الإنسان بأنّ ما انكسر فيه ما زال قادرًا على النّهوض، كثيرون يظنّون أنّ الأمل هروب من الواقع، لكنّ الحقيقة أنّه أكثر الأفعال جرأة؛ لأنّه يواجه العتمة بالتّصديق، ويقف أمام الواقع بكلّ قسوته ويقول له: "لن تهزمني".

يولد الأمل عادةً من نقطة انهيار، من لحظة يشعر فيها المرء أنّه فقد كلّ شيء، ثم يكتشف أنّ داخله ما زال شيئًا صغيرًا ينبض، هذا الشّيء هو الشّرارة الأولى، الشّرارة التي تُعلّمنا أنّ الإنسان لا يُقاس بكمّ السّقوطات، بل بقدرته على استعادة قوّته كلّ مرة.

والأمل ليس صبرًا سلبيًا، بل قدرة على العمل رغم الخوف، والسّير رغم الضّباب، هو أن تزرع شتلة في أرض قاحلة، لا لأنّك متأكد من المطر، بل لأنّك تختار أن تُعطي الحياة فرصة، وهنا تكمن قوّته: أنّه اختيار يوميّ، قرار داخليّ بالاستمرار، حتى لو لم تتغيّر الظّروف سريعًا.

وفي مسيرة الإنسان، يصبح الأمل رفيقًا صامتًا؛ لا يصرخ ولا يطلب، لكنه يمدّ القلب بطمأنينة عجيبة: أنّ الغد يحمل احتمالات لم تأتِ بعد، وأنّ الله يكتب القصص بحكمة قد لا نفهمها لحظتها، لكنّها تتكشف في الوقت المناسب.

الأمل أيضًا يعلّمنا الرّؤية: أن نرى خلف الوجع حكمة، وخلف الخسارة بداية جديدة، وخلف التّعب طاقة ستولد، لا أحد يصل إلى ضوءه بسهولة، لكنّ الذين يملكون الأمل يصلون لأنّهم يواصلون السّير، وهذا وحده يكفي.

وفي النّهاية، يبقى الأمل أجمل ما يمكن للإنسان أن يحتفظ به، فهو ليس وعدًا بالسّعادة، بل وعد بالقدرة على صنع السّعادة؛ ليس وعدًا بانتهاء الألم، بل وعد بأنّ الألم لن يبتلعك؛ ليس وعدًا بطريق بلا شوك، بل وعد بأنّك ستعبر الشّوك دون أن تفقد قلبك.

الأمل ليس رفاهية، بل هو قوة حياة.


الكاتبة: ورود نبيل

الأردن

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

إذا التقينا ،،سعد عبد الله تايه

🌠كلمات لا كالكلمات د. نوال حمود

(( وعود وأشتياق حنين وأغترآب))...ياسر الشابورى