العلاقة الزوجية ...سعيدة طلحي
العلاقة الزوجية ليست مجرّد عقدٍ وبيتٍ وأبناء، بل هي رحلة طويلة، وسفينة تشقُّ أمواج الحياة بما فيها من اضطراب وهدوء. والسفينة – مهما بلغت قوّتها – تحتاج إلى قائدٍ حكيم، يعرف متى يمسك بالدفة بقوّة، ومتى يلينها برفق. والزوج هو هذا القائد.
حين يكون الزوج محبًّا، حانيًا، راجح العقل في قراراته، تُبحر السفينة بثبات حتى في أشدّ العواصف. فالزوجة بطبيعتها كائن عاطفي رقيق، يتأثّر قلبها بكلمة طيبة كما يتأذّى من نظرة قاسية. فإذا أحاطها زوجها بالحب، ومنحها الأمان والاحتواء، أزهرت روحها، وامتلأ قلبها طمأنينة، فانعكس ذلك على البيت بأكمله. تتحوّل كلماتها إلى أنغام دفء، وأعمالها إلى مصادر راحة، ويغدو البيت جنّة صغيرة تؤوي الزوج والأبناء.
أمّا حين يغيب الاهتمام، أو يقسو الزوج بلسانه أو أفعاله، يشعر قلب المرأة بالخذلان. تصبح مشاعرها مثقَلة، وعطاؤها ناقصًا، لأنها ببساطة لم تجد من يحتويها. والإهمال – مهما بدا بسيطًا – قادر على أن يخلق في داخلها شعورًا بالاختناق، يتحوّل مع الزمن إلى جدار عازل بينهما. وعندها تبدأ السفينة بالارتباك، وربما بالغرق، إن لم يتدارك الزوج الأمر بحكمة.
⚫️ الزوج هو المحور الأساس في العلاقة الزوجية: ليس لأنه صاحب القرار وحده، ولكن لأنه الأكثر تأثيرًا في استقرارها. بيده أن يجعل من البيت جنة يسودها التفاهم والرحمة، أو جحيمًا يخنق الأرواح. فبالتقدير والاحترام، يجد من زوجته محبة صادقة ودعمًا لا ينقطع. وبالإهمال والجفاء، يجد امرأة مرهقة نفسيًا، عاجزة عن العطاء، وإن كانت تقوم بواجباتها اليومية قدر استطاعتها.
العلاقة الزوجية لا تُبنى على الواجبات المادية فحسب، بل على مشاعر حقيقية، وعلى كلمة طيبة تشعرها بقيمتها، ولمسة صادقة تمنحها الأمان. فالمرأة قد تحتمل التعب وضيق العيش وقلة المال، لكنها لا تحتمل الإهمال العاطفي والجفاف الروحي.
⚫️ الرجل الناجح في زواجه هو: من يدرك أن زوجته ليست مجرد شريكة حياة، بل مرآة لما يقدّمه لها. فإن كان كريمًا في عاطفته، وجد منها فيضًا من الحنان. وإن كان شحيحًا في اهتمامه، انعكس ذلك على حياتها فبهتت ألوانها. المرأة كالزهرة؛ إن سُقيت بالحب أزهرت، وإن تُركت عطشى ذبلت وانطفأت.
على كل رجل أن يتذكّر أنّ زوجته تحتاج إلى قلبه قبل أن تحتاج إلى يده، وأنّ احتواءها أمانها، وكلماته غذاء روحها. وأنّه بموقف واحد من الحنان قد يفتح لها أبواب السعادة، وبجفاءٍ واحد قد يغلق في قلبها نوافذ الأمل.
فالزواج ليس مجرّد «منزل يجمع اثنين»، بل هو فنّ التقدير وفنّ العطاء المتبادل. وكل رجل هو مفتاح هذه الرحلة: إمّا أن يقودها بحبّ فترسو على شاطئ الطمأنينة، أو يقودها بغلظة فتتحطّم وسط أمواج الحياة.
الخلاصة:
السعادة الزوجية لا تُشترى بالمال، ولا تُفرض بالقوة، بل تُبنى بالرحمة والمودّة والتفاهم. والزوج هو حجر الأساس؛ فإن كان صادقًا في عاطفته، حليمًا في طبعه، رحيمًا في قيادته… تحوّل بيته إلى جنّة تُحسَد.
✍️سعيدة طلحي
تعليقات
إرسال تعليق