لِمَ متَّ يا عمر؟" // بقلم أ. سعيد إبراهيم زعلوك
لِمَ متَّ يا عمر؟"
رسالة إلى عمر المختار
لِمَ متَّ يا عمر؟
من وعدكَ أن الأرضَ ستحفظُ العهد؟
من أقنعكَ أن الموتَ يكفي لتبقى الأوطان حيّة؟
غبتَ…
فانكسر الحصان،
وتكسّر السيف،
وتحوّل الجبلُ الأخضرُ إلى متحفٍ للدموع.
كُنّا ننتظرُك،
كلّما جفَّ ماءُ النشيد،
وخانَ العَلَمُ ظلَّه،
كُنّا ننتظرُ طلعتكَ
من بينِ جذوعِ الزيتون،
لكنّ الخيولَ جاعت،
والسروجَ باعوها
في سوقٍ يُشترى فيه كلُّ شيء… إلا الكرامة.
أين أنتم يا رجال السنوسية؟
يا من أوقدتم قناديلَ الفجرِ في العتمة،
أين الباروني، أين أبو بكر،
أين تلك الوجوه التي تشبه التراب النبيل؟
أتُراكم اليوم تحرسون النسيان،
أم تتفيّأون ظلالَ الخُطَب الفارغة؟
يا عمر،
غسلوا التاريخَ بالماء البارد،
ومسحوا دمَ الشهداءِ
بمحرمةِ السياسة.
ثم ابتسموا وقالوا: نحنُ الأحرار!
أيّ حريةٍ؟
والمشانقُ ما زالت واقفةً
لكنها تُنصب اليوم لمن يكتب الحقيقة.
لم نعد نحفظ الوصايا،
نُصلي على صوركم،
ونُبايعُ قاتليكم،
نرتّل أسماؤكم ثم نُسلم مفاتيح الأرض للغزاة.
أهذه ليبيا التي وهبتَ لها رقبتك؟
أهذه البلاد التي كنت تراها في عيون المجاهدين؟
يا عمر،
الطفلُ في درنة
لم يعُد يرسمُ وجهك،
صار يرسم زورقًا للهروب.
والعجائزُ في الزاوية
تُسبّحن بالخوف،
ويُخفين أسماء أحفادهن
عن جدران المعتقلات.
لكنّنا،
رغم هذا الخراب،
لا زلنا نحفظُ صوتكَ
حين قلتَ:
"إننا لا نستسلم"...
لا زالت فينا ومضة،
تشبه آخر ما تركتَ لنا
من وهجٍ على مشنقةٍ خاشعة.
سيعودُ المجد،
حين نكسرُ مرآةَ الزيف،
ونُشعلُ بأسمائكم قلوبَ الأجيال،
حين نكتب ليبيا من جديد
لا بحبرِ السماسرة،
بل بدمٍ لم يُساوَم بعد.
نمْ يا عمر،
لكن لا تغِب،
كن كالنجم البعيد
حين يضيعُ المدى،
وكن كالسيف
حين تُسَنُّ ذاكرةُ الوطن.
✍️
سعيد إبراهيم زعلوك
تعليقات
إرسال تعليق