الزلازل المتكلّمة ...معز ماني

 الزلازل المتكلّمة ...

يا سادة .. هل جرّبتم زلزالا يبدأ من الحنجرة ؟ 

هل جرّبتم أن تسقط مدينة كاملة 

بكلمة واحدة مثل .. أمل ؟ 

أو أن تنهض أخرى بكلمة واحدة 

مثل.. زيادة أسعار ؟

إنّ اللغة عندنا تملك ميزة فريدة .. 

كلّ مفردة قابلة للانفجار 

إذا وضعت في الجملة الخطأ ..

جرّبوا أن تضعوا كلمة مثل تحسينات

في جملة رسميّة ..

سترون كيف تتحوّل

إلى ديناصور بيروقراطي

يدهس جيوبكم ثم يعتذر بخجل

لأنّه كان ينفّذ التعليمات ..

وجرّبوا كلمة مرحلة انتقالية

كيف تتبدّل إلى سلّم بلا درجات

يصعد الناس عليه فيقعون ..

ثم يلومون الجاذبية

ولا يلومون الفكرة ..

إنّ اللغة عندنا

أشبه بعلبة كبريت

في غرفة مليئة بالغاز ..

يكفي أن ينطق أحدهم عبارة 

مثل حلول جذرية

لتشتعل السماء وتبدأ الأرض

بإعادة التفاوض حول شكلها ..

يا سادة ..

نحن لسنا ضحايا للزلازل الطبيعية

بل ضحايا الزلازل المتكلّمة

تلك التي تهندس الخراب

ببلاغة مرتّبة وتوزّع الهزائم

كجوائز ترضية

على من حضروا خطاباتها ..

حين تتكلّم الكلمات أكثر ممّا يجب

تبدأ الكراسي بالارتجاف

والجدران بالتذكّر ..

والأصوات بالحلفان الكاذب

كأنّها تريد أن تقنع نفسها

قبل أن تقنعنا ..

كلّ شيء يصبحُ متوتّرا

حتى علامات الترقيم 

تتحوّل إلى مسامير ..

تثبّتك في مكانك .. تمنعك من الحركة

وتشعر أنت .. نعم أنت ..

أنّ اللغة وضعت يدها على فمك

وقالت لك .. تنفّس إن استطعت ..

هناك كلمات لا تنطق

بل تسحب الهواء من حولها

كما يسحبُ ثقب أسود

الضوء من الكون ..

كلمات حين تقال

لا يبقى في الغرفة

إلّا صدر يختنق

وذاكرة ترتجف

وحقيقة تحاول

أن تفلت من يدها

ولا تنجح ...

                           بقلم : معز ماني . تونس .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

إذا التقينا ،،سعد عبد الله تايه

(( وعود وأشتياق حنين وأغترآب))...ياسر الشابورى

🌠كلمات لا كالكلمات د. نوال حمود