*فوق بساط القرب*...أ. عبد الحبيب محمد

 *فوق بساط القرب*

ـــــــــــــــــــــــــــــ

هناك، إلى بساط القرب، اعبر الطريق، وتجاوز حاجز الغفلة. دع القلب يعود إلى أصله، يذوب في المعنى الجميل، ويهيم في رياض الذاكرين. هناك، تتوقف لغة الأفواه، وتتحدث لغة الأرواح... والقلوب.

هناك، يصبح الصمت حديثًا، والدموع رسائل.

هناك، في محراب الجمال، في أركان الصلاة، تُفتح لك أبوابا لا تُرى، لا تُطرَق بالأيدي، بل بعين القلب، حين يلين، ويصدق، ويقف، في سجدةٍ واحدة، تلمح شيئًا من لطف الله، شيئًا لا يُوصف، بل يُذاق. شيءٌ يجعل الوجعَ حنينًا، والانكسارَ مقامًا.

في كل ركعة، في كل همسة قرآنية، تطوف بك في رياض الجنّة. شيءٌ ونور، يضيء قلوب العاشقين. فبعضهم يبكون، لا لأنهم مذنبون فقط، بل لأنهم يُحبّون...أن يبكوا لأنهم اشتاقوا، لأنهم عرفوا، لأن أرواحهم وجدت في الركوع عزَّ الانكسار، وقُربَ الود.

كم من قلبٍ طرق باب الله بتلاوةٍ نديّة، بصوتٍ مُرتجف في جوف الليل، ففُتحت له السماء أبوابها.

وكم من قلبٍ لم تُجبه الدنيا، فأجابه القرآن حين تردّد في جوفه بتضرّعٍ خفيّ.

إن هذا القرب لا يحتاج إلى جاه، ولا لغة، ولا لقب.

يكفي أن تقف على بساط الله بصدق. يكفي أن تقول له:

"يا رب، أنا هنا، على عتبتك، بلا شيء... إلا قلبي، وضعفي، وحبّي."

أسجد كمحبٍّ وجد في السكون صلاة، وفي الركوع هناء، وفي السجدة خلاصًا.

وفي السَّحَر، حين ينام الخلق، خلوة الأرواح... فكم تشرق أضواء المحبة في صدى الآيات، فتزهر الأحلام.

فما أجمل أن تذوب في دعاء لا يُنسى، وأن تهمس باسم الله حين يتعب الكلام.

يا رب، لا أطلب كثيرًا... فقط قربًا لا ينتهي، وسكينةً تدوم، ونفحةً ترفعني عن رماد أيامي.

قل: دعني أذوب في محبتك... دعني أحبك حتى تصير الآلامُ لذّة، والمناجاةُ محبة، والوصالُ مقامًا.

كم في الصلاة من سرٍّ عظيم، ونسائم تسكنك برفق، ونور لا يُفسَّر... يفيض بالمحبة على القلب كنبعٍ لا ينضب.

فتصبح السجدة مساحةً للشوق، ورقعةً يتنزّل عليها الطيب والسكينة.

وتصبح الدموع... لغة الغرام بين العبد وربّه.

لله ما أقول بوصفها... 


بقلمي عبدالحبيب محمد

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

إذا التقينا ،،سعد عبد الله تايه

(( وعود وأشتياق حنين وأغترآب))...ياسر الشابورى

🌠كلمات لا كالكلمات د. نوال حمود