مذكّرات طبيب ( قصة قصيرة - بقلم : غادة هاشم السيد ) بعنوان " غضب امرأة

 مذكّرات طبيب

( قصة قصيرة -  بقلم : غادة هاشم السيد )

بعنوان

" غضب امرأة "

في إحدى الليالي الهادئة ظاهريًا

جلستُ في غرفة المناوبة أمسك قلمي

 أدوّن حالة مختلفة عن كل ما مرّ عليّ

ليست إصابة جسدية ولا نزفًا ظاهرًا…

بل نزفًا من نوع آخر

جاءت فتاة في عمر الورد إلى قسم الإسعاف،

ترتجف تتقطّع أنفاسها كمن يطارده شيء لا يُرى

نوبة عصبية حادة… هذا ما قالته الأجهزة

أما عيناها فكانتا تقولان الأكثر

بعد أن استقر وضعها نامت

لكن نومها لم يكن راحة

كان أشبه بانهيار طفلٍ بكى طويلًا حتى غلبه التعب

كانت تهذي…

لا أعرف إن كانت كلماتها شعرًا أم اعترافًا أخيرًا قبل الغرق

قالت:

 " غضب امرأة "

يا قاتلًا ما عاد منك رجاءٌ

خاب الحب بات رماد


ظلامك غلب النور كسر الأمل

ضيعت دروب العاشقين

بعاصفة بلا احتواء


فاضت الروح ونَاح الفؤاد منك ندمًا

لن يعيد الإناء المحطم ....الماء


كيف تنظر بعين مغرم وتظن ضمّة؟

أحلامك ذهبت مع الهواء


كل بداية معك نهاية

وطريقك أشواك وعذاب وابتلاء


من غرورك كنت دومًا قاتلًا

أهي أذرع قابيل طالتك صنعت منك رجلًا؟


فكيف تُدعى بشرًا؟

ما أنت إلّا صفر مكعّب

هيبتك ضاعت في عاصفة هوجا

..............

ثم سكتت.

وسكنت ملامحها.

وغابت في نوم عميق

أثارني الفضول فسألت مرافقتها عمّا حدث

أجابت بصوتٍ مكسور:

اكتشفت خيانة خطيبها…

لم تتحمّل وانهارت

نظرتُ إليها طويلًا

كيف للورد أن يتحوّل في لحظة إلى أشواك؟

وكيف لنسمةٍ خفيفة أن تنقلب عاصفة…

وتدمّر صاحبتها قبل غيرها؟

أمر الأنثى غريب.

تحمل الحب والعطف

وفي ذات الوقت تحمل كبرياءً وعنفوانًا

قد تكون محاربة شرسة

لكن جسدها لا يحتمل انفجار القلب

تنهار في لحظة…

ليس ضعفًا .... بل خيبة .

في اليوم التالي جاء خطيبها

ارتفعت الأصوات في الردهة

ثم بكاء

تدخّلت محذّرًا من أي انفعال

فحالتها لا تسمح

فتحت الباب…

وتفاجأت

يداهما متشابكتان

هدوء غريب

وقالت لي بابتسامة متعبة:

عذرًا أيها الطبيب…

تسرّعت بالحكم.

لم أسأل عن الحقيقة

وكان سوء الظنّ

أكبر كارثة كادت تقتلني .

خرجت من المشفى كفراشة

تطير بين الحقول

وكأن شيئًا لم يكن .

وبقيتُ أنا…

أحمل أسئلتي.

عجبًا للإنسان

هل يمكن للحمل الوديع أن يتحوّل ذئبًا ؟

وللأحلام أن تصير كوابيس ؟!


هل الحب أقوى من كل دواء ؟

هل السعادة تصنع المعجزات ؟

وما سرّها..!

ومن منظوري كطبيب

وإنسان

أدرك أن السعادة

ليست حدثًا

بل قناعة

رضا

ومحبّة

وتسامح


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

إذا التقينا ،،سعد عبد الله تايه

(( وعود وأشتياق حنين وأغترآب))...ياسر الشابورى

🌠كلمات لا كالكلمات د. نوال حمود