مرآة في بئر الدموع /كلمات وبقلم / علاء فتحي همام ،،

 مرآة في بئر الدموع /

وبئر الدموع به مرآة يُشع مِنْ وجهها النقاء والحياة والبراءة وهي  تَرتدي  ثياب الوضوح  والجراءة  فهي  مرآة  في   بئر  نوراني  عَميق  ومُتأصِّل  وعَريق  وهو  لجَبل  الصمت  أقرب صَديق ووادي الصَّبَّار  لكليهما لَصيق وتُحلق في السَماء أعلى البئر كَثير من الطَير فَمَن يَرى يَتَمنى لو  أن  هذا عَلامة  خير


وعلى  مر  الدّهر  والزَمان  فاضت  البئر   بالدمُوع  والأحزان  فدمُوع الأحياء والأموات في هذا البئر تَقتات والناس تُناديه ببئر الدمُوع ونقاء مرآته يَجذب المُريدين والجُموع في أنحَاء البِلاد وَكثير من الرُبوع وتَود أن لو تَذهب إليه النِساء ليتأملن جَمالهن في  مرآته  بجَلاء  وجَوف  البئر  في  الليل يُشع  منه  النور  كأن النّهار لَه  يَزور فَيُضيء الأرجَاء وما أعلى البئر  مِنْ سَماء  وفيه  دُمُوع الدّهر  وَنَقاؤها  يَكسوه الطُهر  فَهو  عَتيق وقَديم وكأن الدّهر والزمان فيه يُقيم ويُنادي على القَادم وكل مُحب أنْ لا خَوف هُنا ولا  رُعب  فالقادمون مِنْ  بَني الإنسان  سَتزداد  صُدورهم نَقاء  وإيمان  وأَنَّ  هذا  البئر  في  يوم  ما سَيصبح  أعظم نهر  وسيبقى ما  بَقي الدّهر  فلا  ضَغائن ولا بَغضاء  كأنه يُقيم في جَنة السَماء ويَتَمنى أن يَزوره كُل  مَنْ


 به يَسمع  فَيَتَبرك وبالايمان الذي فيه يَتَشفّع  وما أن يَقترب سُهيل مِنْ  بئر الدُمُوع حَتى يَجد في نَفسه شُعور من الرهبَة والخُشوع إلى  أنْ  يَصل  وَيَنظر  في  مراياه  فَيجد  صُورته  وعندها  تَهدأ  سَريرته  وكأن  البئر تَكسوه  مرآة صَافية  نَقية 


فَيَرى  نَفسه  قَد  أصَابها  الصلاح  وأصبحت  راضية  مَرضية وصُورته  في  المرآة وَسيمة  وبهية  كَأنْ  لم  يَرى نَفسه  مِنْ  


قَبل  مِنْ  نَقاءها  وعَظيم  النُبل فَيَرى عُذوبة  وجَمال صُورته وكأنَّ  هَذه  المرأة  هي  أميرته  ففيها  دُموع  نُقية   فَتُصبح الصُدور بِها مُؤمنة وتَقية  فَيود  سُهيل أنْ  يَغترف  ولو غُرفة  ليَشرب  بيَديه  فَيَهتز  البئر  وَيَتَموج  عند  ضِفتيه  وتتراقص مَراياه أعلى عَضديه وهُنالِك صَوتا خَافتا يَسمعه سُهيل والبئر 


لا  ظَلام  فيه ولا  لَيل  يُنادي أَنَّ  الدُموع  لأصحاب  المشَاعر الطَاهِرة   النَقيَة   والقُلوب  المُؤمِنة   التَقية   فَيَنتَبه   سُهيل 


وعندَها  يَعود  إلى  رُشده  المَعهود  وَيَود أن يَتراجع  ويرّجِع فَيَسمع ذَيَّاك  الصَوت  مِنْ  أَعمَاق  ذَاك البئر  يَنبع أنْ لا عَليك 


إلا  أنْ  تَذكر  أحزانك  فَهذا  سَيكون مِنْ  إحسَانك وأَنْ تَشكو عَميق   آلامِك  فتَتَحطم  رَهبَاتك  هُنا   وَيَراعك  وتُشفى  من 


جَميع  أوجَاعك  فأنا  البئر حَكيم  لأحلامك  أُجالِسك وأَجلِس  أمامك هُنالِك  يَكتسي  المَكان  بنُور  الإيمان وعندها  بما  في 


نفسه سُهيل  يَبوح  وتفيض  الدُموع  كأنها  تِعدد  كُل الجُروح فَتِلك  آلامه للبئر تَشكو فلا  تَتَوقف ولا  تَغيب ولا  تَغفو  وفي  جَوفه  تَتَساقط  والدُموع  فيه  تَختلط  وتَتَرابط  وعند   ذَاك البئر  تَذهب  البغضاء  مِنْ   صُدور  زَائريه   بَعد  أن   تَتَساقط دُمُوعهم  وَتَختَلِط  بالدٌموع التي  فيه  فَذاك  سُهيل قد أصبَح  نَقيا بلا أحقَاد وليس عنده ضَغينَة لأحد  مِنْ  العِبَاد  فقد  رَأى  صُورته نَقية واضِحَة وَجَلية ومرآة البئر بنقاءها  زادت بعد أنْ أودَعها دُموعه التي فَاضت فَتلك دُموع الدّهر ونقاؤها يَكسوه الطُهر وهو يُنادي عَلى القَادم مِنْ الغَيب أنْ أقبلوا فلا ضَير هُنا ولا   رَيب  وَعَلى  القَادمُون  مِنْ  بني  الإنسان  بأنَّ  هذا  البئر سَيُصبح نَهرا في قَادم  الزمان بَعد ترك  الأحقَاد وَصَفاء  قُلوب العِباد   وَمَنْ  يَسمع  عنه  يَتمنى  أنْ  يَزوره  وَيَتبرك  بِحُضوره ويُحيط   بالبئر   جَبل  الصمت  فلا  حَديث  عِندَه   ولا   زَمت  وَيحتضن في جَوفه  وادي  الصَّبَّار  فهو  يَعشق  الصَبر  وأنوار النَّهار وجَبل الصمت كَأنه مَلِك  له  هَيبة  فَريدة  حَيث الصمت يُؤكد مَعَانيه الشَديدة  ولا مَثيل  لهَذا  السُكون  ولا رياح  ولا صَفير  يَكون أو  سَيكون وفي  رحَابه  هُدوء  يَبدو  أنه عَميق ومُتَجزٌر والحَديث عِنده مُتَعذِر ويَتَجَول سُهيل فَيَزداد  وَقَارا وبجبل الصَمت يَزداد انبهَارا وَيَقف بوادي الصَّبَّار فَيَزداد صَبر وَعَزيمة  عَلى الخَير  والإستمرار فقد رأى  مِن الآيات  مَا فيها قُوة وَطيبَة ونَقاء وأصبَح يَكسُوه الأمل وحُب  العَطاء  وَيَعود  سُهيل  إلى  بَلدته  وَيَبدأ  بأهله  وَجيرته وإلى البئر بهم يَذهب ويُعلِمَهم  أَنَّ   ذَاك  خَير   لمَنْ  منهم  يُحب   ويَرغب  وتُصبح صُدورهم تَقية ومِنْ مساويء الأحقَاد نَقية فأصبح البئر وَجَبل الصمت  ووادي  الصَّبًَار  مزارا   في   كُل  يَوم   يَتَوسده  نهار   وأصبحت  بلَدة  سُهيل  لا  أحقَاد  فيها  ولا  شُرور آمنة هَانئة وَيَعمها السُرور وأصبَح  أهل البَلدة يَقولون  أَنَّ  للدُموع أسرار  ولشفَاء  الصُدور  أسرَار  لا  يَعلمها  إلا  الوَاحد  القَهَّار ،،


كلمات وبقلم / علاء فتحي همام  ،،


جمهورية مصر العربية ،،


٢٠/ ١٢/ ٢٠٢٥


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

إذا التقينا ،،سعد عبد الله تايه

(( وعود وأشتياق حنين وأغترآب))...ياسر الشابورى

🌠كلمات لا كالكلمات د. نوال حمود