ثقافة المقاهي...إدريس العمراني
...هناك وراء الضفة سألوني هل عندكم مقاهي الثقافة ؟؟؟؟..قلت و في جوابي خجل..ما أعرفه أن في بلادي عندنا ثقافة المقاهي .و ليس مقاهي الثقافة..في شوارع بلادي تصطف المقاهي الواحدة بجانب الأخرى في نظام رتيب بين كل مقهى و مقهى تجد مقهى. يعلو صوت روادها و تزدحم فضاءاتها الداخلية و الخارجية في اعتداء صارخ للملك العمومي..و الثرثرة العشوائية دون ان تحضر الثقافة..
قد يكون المهم في جوابي هو اننا افتقدنا زمنا كنا نرى فيه مقاهينا يرتادها المثقفون للحديث و الحوار الهادف .يتبادلون و يناقشون ما تجود به الجرائد و المجلات الوطنية .آنذاك يناقشون الفن و الادب و المسرح والسينما
زمن كنا نمر بجانب المقاهي فنشم عطر القراءة و نرى أساتذتنا و مثقفينا قريبين منا بأناقتهم البسيطة و المعهودة..زمن غابت معالمه شيئا فشيئا.و انسحبت من فضاء مقاهينا تلك النخبة التي أصبح اغلبها يفضل العيش في الظل بعيدا عن الثرثرة و الضجيج.و احيانا الصمت القاتل.الذي فرضته التكنولوجيا....
كثير من المفكرين و الأدباء كانو لا يكتبون إلا في المقهى كفضاء يحضر فيه الإلهام مثل ديدرو و مونتسكيو و غيرهما و هي ظاهرة كانت منتشرة في فرنسا منذ 1681 ..ولا زالت.
في المغرب هناك محاولات في بعض المدن بالرباط و البيضاء و الناضور و آسفي و جرسيف مؤخرا. لعودة بعض المقاهي كما كانت سابقا فضاء للثقافة و القراءة و الندوات و السجالات الأدبية. لكنها ظاهرة تحتاج لتشجيع و دعم مادي و معنوي لضمان استمراريتها....
ادريس العمراني
تعليقات
إرسال تعليق