مضمونة الوصول ... بقلم : لطفي الستي

 مضمونة الوصول ...

رسالة إلى مجهول ... 

لقد نسيت الإسم والعنوان 

لكنني سأكتبها ...

سأضمن لها الوصول ...

سيدي ...يا صاحب القصر 

يا صاحب الأبهة و الفخامة و الفخر 

ما عدنا نذكر وجهك المشرق 

ابتسامتك السلطانية 

وعودك...خطاباتك المجانية 

علت من حولك الجدران والحصون 

ناديناك مرة ...

ناديناك مرارا ...

بعثنا لك من أخيارنا رسول ...

لم يكن لسرايتك بابا 

ولا حتى منفذا للدخول ...

فعاد ...

عاد الرسول غضبانا...أسفا 

لا يقدر حتى على الكلام 

قال هامسا...ألكم قصر 

ألكم سلطان ...

ما اهتديت لأثر 

فلا تحرجوني ثانية 

لا ترسلون ...

فبقينا نجتر خيبة ضياع 

انعدام حلول ...

تتنازعنا الوساوس و الظنون 

هل لنا سلطانا ...

هل لنا قصرا ...

أم مسميات ...أشباحا و ذيول 

مللنا الحياة ...إن كانت حياة 

نزف إلى القبور 

أحياء ...

دامعة فينا العيون ...

لا تقرأ علينا من الكتاب فاتحة 

و لا نطمع في دعوات من يحزنون ...

هذه رسالتي 

لعلك تفهمها 

لعلها تصل إليك 

بلا اسم ...

بلا عنوان ...

لكنها مضمونة الوصول ...

            بقلمي: لطفي الستي/ تونس 

                 11/01/2024

عنفوان الأحلام ..سعد الله بن يحي

 عنفوان الأحلام 

.....................

ألا  يا  أيتها  الأحلام 

أراني قد تحملت  كثيرا 

عنفوان عشق استبد في  روحي 

و مثلي في  الهوى لا  يصبر 

تخابث علي ضعف قلبي 

حين اختلس نظرة حب 

فاختلج واشتهى  حوارا 

ومن سواها  تجرني من حلم 

بات  مرافقا  حبيس فكري 

وتلتفت لضعيف الروح 

من ترتمي بهواها وتحفظ ودي 

تسلل الإحباط 

ونار الشوق بالقلب  مخيفة 

ليتني لشقائي أصبر 

منهك القوى وغرام  مرتبك 

تسرقني الأحلام من نفسي 

ونجاتي ثوب  وصال ألبسه 

أيا  حلما تحاكي  عشقها 

ويفضحك فرط  الشوق  وذكراها 

عسى ما في  الأحلام أبلغه 

ويكن  رضى ودادي 

و ما يسر روحي و خاطري 

ليت رسائل  الأحلام لها  حدود 

لكن غزوها  عنفوان  تخطى  كل  الحدود..

.


.بقلمي سعدالله بن يحيى

( الخوف ) .. "إلى كلِّ الأحياء الأموات في الوطن الكبير" .. قصة قصيرة د.علي أحمد جديد

 ( الخوف ) ..


"إلى كلِّ الأحياء الأموات في الوطن الكبير" ..


                            قصة قصيرة

                       د.علي أحمد جديد


أجهش يبكي بصوتٍ مخنوق .. وحيداً تركته وغابت عنه بنورها .. رمته بعيداً عن أَلَق حضورها وعن بسمتها المتوهجة .. 

في رحليها المفاجئ صقيع المنافي الأبدي القاهر ، و الرهيب . لقدتركته في تيهٍ قاتل ورحلت دون أن تُودّعه بكلمة .. وحتى أنها لم تترك له ما يُنبِئُه بغيابها المظلم ظلمة الموت في عتمته وفي قسوته الطاغية !!.. 

تركته يهوي وحيداً في فراغ لا أفق يبدو لحدوده ولا مدى ، وهو أحوج ما يكون في هذه اللحظة إلى وجودها تحتضن بكاءه على صدرها ، وتمسح دموعه التي تاهت طويلاً عن حنوِّ يديها الدافئتين .

كان نشيجه لا يتوقف كنشيج طفلٍ أضاع دميته الوحيدة . تساءل بذهول : 

( لماذا ؟!.. لماذا رحلت في هذا التوقيت , ولماذا اختارت هذه الطريقة للرحيل ؟!)

ولم يَهتدِ إلى تفسيرٍ يوضح أو يجيب ، كما لم يعثر على سبب يدعوها للتخلي عن الحياة في ظلال محبته وهو الذي يفعل كل شيء وأي شيء ليبقي الفرح نضراً في قلبها ومُدهشاً في نظرات عينيها المضيئتين ابداً . وها هي ذي تتركه وحيداً في عالمٍ متصَحِّر ومقفر ، وكالماء تتسرب من قبضة عجزه ليخسر سحرها دون إنذار .

انساحت دموعه تتدفق فوق جفاف وجنتيه ، وكبّلته الحيرة في العجز عن فهم سبب خروجها في هذا الظرف العصيب الذي يجتاح البلدة منذراً بانفجارِ كل شيء ..

كأن القيامة قامت ، ليس في بلدته وحسب ، بل في كل المدن والبلدات و القرى . وانقلبت الناس إعصاراً يأتي على الجميع دون أن يُبقي أو يذر .

الكل هبوا مرة واحدة يقاومون الريح ، وأشدّ ما يخشاه أن يكتشف أحدهم حقيقة مايحرص أن يخفيه حتى على نفسه ، فقد بات من الواضح أن أهل بلدته لم يكونوا 

بالبساطة التي يبدون ، وأنهم أقوى مما كان يظن . أقوى بكثير !! . 

لو كانت زوجته تدرك شيئاً مما يقوم به أو حقيقة ما يخفيه ، أو أنه تجرأ مرة وقاسمها سِرَّه المرير ، لما خرجت تشاركهم رجم الدبابات بالحجارة وطعن الجنود والمستوطنين اليهود بالسكاكين . ولَما واجهت الرصاص بالأيدي وبالصدور المكشوفة حالمةً بانتصار العين على النار و المخرز !!. 

كل ما قام ويقوم به , كان خوفاً من تجبّرهم ومن بطشهم به ، أو بها . واختار أن يشتري السلامة بتعامله السرّي معهم . وهي لا تعرف أن أكثر الذين قضوا في سجن الاحتلال أو اغتيالاً من أهل بلدته كانوا ضحايا تقاريره السرية لمخابرات الاحتلال لقاء مكافآت سخيّة يدّعي أنها تحويلات من أقاربه و أصدقائه في الخليج .

كانت تقول أن الضحايا فراشاتٌ تسعى إلى نور الشهادة وتدفع ضريبة التحرير .. لكنه ساهم مختاراً في إطفاء ألوانها ، وتقول أنهم شموع تضيء درب الانتصار .. لكنه عمل جاهداً على دفن أنوارها ..

لو أنه أخبرها ، ربما كانت ستساعده وتشاركه لتنعم معه بغنائم ماجناه ويجنيه من أثمان الدماء . لكنها ، أبداً ما كانت لتفعل ويعرف تماماً بأنها كانت ستهتك سرَّه لأنها منهم وتفخر دائماً بانتمائها لجذورهم وتاريخهم . وليس ببعيدٍ عنها أن يدفعها ألمها من حقيقته لتقتله بيديها العاريتين . 

كان يظن الأمر هذه المرة سحابةً عابرةً مثل كل يوم حين يجتمع صِبيةٌ صغار يحاولون تجسيد بطولات سمعوا عنها وقرأوها في الكتب و الروايات القديمة كأساطير (المهلهل ، وعنترة ، وسيف بن ذي يزن) .. وغيرهم . فيثيرون الفوضى ويهاجمون الجنود –بعجزهم – حتى يُنشِبَ الموتُ مخالبه في أحدهم ليهربوا إلى بيوتهم يختبئون ويمضون سهراتهم بالحديث عن يومهم وعن بطولات اجترحوها ولن تعود . بينما يقضي ليلته بإعداد تقريره ويجهد في 

تقليب ظنه لاختيار أسماء يقدمها إلى مخابرات الاحتلال كي يقبض مكافأته وينال فائض الثناء والمديح . 

لقد ظنَّها سحابةً عابرة ، لكنها انقلبت غيوماً مُثقَلَةً تُمطر حجارةً وسكاكينَ بأيدٍ تستلهمُ (كربلاء) في مواجهة العديد و العتاد ، وتستبشر النصر من كبارٍ وصغارٍ انقلبوا نسوراً من (أبابيل) . يرجمون معاً .. ومعاً يُهلِّلون للشهادة و للشهيد .  

إنه لا يفهم حتى اللحظة كيف للحجر أن يخيف سلاحاً فتّاكاً وحديثاً !! .. و لا يستوعب عجزَ الدبابات الأسطورية الُمحَصّنة أمام أجساد وصدور مكشوفة !!..

اذهله انهزام الرصاص أمام قبضة امرأة ، وأحبطه انكسار وحشية الجلاد وبطشه تحت حجر طفل فلسطيني صغير !!. 

أدهشته حقيقتهم التي غابت عنه طويلاً وهو يراهم يتحوّلون إلى مَرَدَةٍ لا يخشون تهديداً ولا اعتقالًا ولا يهابون موتاً ولا رصاصاً يهوي عليهم كالمطر !!.. كأنهم قتلوا خوفهم في قلوبهم حتى بات الخوف يسكنه وحده .. يسحق إحساسه بالحياة وبقرع 

النبضات المتلاحقة وهي تنشد الفرار من قضبان صدره . لقد انتفض أهل بلدته .. انتفضوا جميعاً وكُلّاً واحداً و التقوا يوحدهم الحجر من غير نداء . اجتمعوا نساء  ورجالاً .. صغاراً وكباراً يرجمون ويطعنون ، وصاروا مطراً نارياً وسيلاً جارفاً يتسابقون لاحتضان موتٍ يلتقي ثائرَهم وصريعَهم في تهاليل الرجال وزغاريد النساء ، وكأنهم يقيمون أعراس الدم ويرقصون في حلقات الموت منتصرين على خوفٍ أرادوا لهم أن يحتل غرائزهم سنوات طوالاً ، وباتوا يرفضون السلطنة بخنوع السلطان مُوَطِّنين أنفسهم على معانقة الموت و الرصاص بفرحٍ سرمدي غامر ، و صارت حجارتهم (من سِجّيل) تعرف طريق أهدافها بلا تسديد . لقد طال الأمر أكثر من كل مرة وما عاد ذهنه يتسع للأسماء المزدحمة التي تستعجل قبض أثمان تدوينها في تقاريره التي تنتظر إنجازها . وها هي ذي زوجته تُضيِّع عليه برحيلها كنزاً ثميناً وثروةً .. وترقيةً انتظرها طويلاً . لقد اغتالت حلمه برحليها وانقلب الحلم إلى خوف ملتهب

وظالم يعشش فوق خوفه المقيم . لكن خوفه الآن يتعاظم من ردة فعل مخابرات الاحتلال حين يعرفون أن زوجته كانت تشارك الأهالي رجم الجنود وطعنهم 

بالسكاكين .. ويبقى خوفه الأكبر أن يكتشف أهل بلدته حقيقة ما يقدمه من خدمات لمخابرات الاحتلال . 

لقد تركته وغابت .. تركته يغرق في مستنقع خوفٍ حارقٍ أكثر مما كان ، ولا يرحم . تركت بينه وبين وَهمِ الأمان حقولاً شاسعة من الرعب توقظ ضحاياه من سباتهم

ليحيطوا به مُعمَّمين بدمائهم دون أن تحجبهم أستار خوفه . وها هو يراها الآن تستدير نحوه .. تشير إليه وتتهمه بأنه قد شارك الرصاصة في قتلها بطريقة أو 

بأخرى . 

          *          *          *

أنفارٌ كثيرون من أهل بلدته ومن غير أهل بلدته ملأوا الساحة الكبيرة . أدهشته طوابيرُهم التي ضاقت آفاق البلدة بها وهم يشاركون في تشييعها نحو الخلود ، وبدا الغرباء عن البلدة وكأنهم يعرفونها حق المعرفة وهم يتوِّجون بكاءهم بالبكاء المترافق

بالتهليل و التكبير ويهدرون بصوت يرجُّ الآفاق : 

 (لا إلـه الله والشهيد حبيب الله)

كأنهم قد سبق لهم أن تدرّبوا على ذلك من قبل وأتقنوه ليصدر شجياً متناغماً من الرجال و النساء وحتى من الأطفال (الأبابيل) . ومعلناً رغم الموت المحيط أن زمن الانتصار قد انتفض واستفاق مع الحجر ،  وتلألأت ظلال الفخر أمام العيون تُميط الحاجز عن رؤية حصون الوهم ، و القهر ، و العجز تتهاوى وتسقط حصناً تلو حصن ، ووهماً وراء وهم . سمع من الجميع عبارة واحدة وأيديهم تشدُّ على يده بقوّة وصرامة ، ويترنمون بلهجة تفيض بالتهنئة و البشرى أكثر منها 

بالمواساة و العزاء :

(إنها بطلة . و الأبطال أبداً لايموتون كما وعد الله بأنهم أحياء عند ربّهم يُرزَقون . وكلنا سنكمل المشوار )

ترددت كلمة (بطلة) تقرع أجراسها في خواء نفسه مختلطة بقرع النواقيس من جوف المآذن و بالتكبيرات تدوّي في أبراج الكنائس مشاركة في وداع الشهيدة . 

تساءل بصمت ينطق حروف الألم المهيب : 

 (من أنا ؟! وما الذي أفعله هنا .. ماذا سيقولون عني لو كنت الميت أنا ؟!) .. 

وسمع صوتها تجيبه بهتافاتهم المظلومة و الهادرة : 

(ليس الميت من يواري الثرى جسدَه .فالبذرة تبدأ حياتها تحت التراب وتورق لتعطي الحياة)

ضحك في أعماقه بشدّة , وعاد إلى تباكيه بحرقة و ألم . لكن أياً من ضحكة وتباكيه لم يكنظاهراً للعيان ، وأيقن أنه يعيش ميتاً من غير أن يموت لأن الخوف وحده ً

الحيّ الباقي الذي فيه ، وها هو يلمس في صدى مواساتهم إشفاقاً عليه ، بل تهديداً صريحاً له .. ويرى في نظراتهم إليه لظى الثأر والانتقام . وها هو خوفه يعرِّش فوقه ويُظلّل وجوده وكيانه حتى باتت خبايا نفسه تشرع أبوابها أمام المعزين وهم بفترشون الأثاث الذي كان .

اعتراه الخوف مجدَّداً بكل ما في سواده من القسوة و الظلال ، وارتجفت ركبتاه في ظلمةٍ تحيطه لا ضوء فيها ، و لا نجم في ليلها الدامس . فليست هي المرة الأولى التي يعرف الخوفَ فيها ، لأنه يعيش الخوفَ منذ تفتُّحِ وعيه ، وله في ذلك تاريخ طويل . 

لكن صهيل خوفه اليوم جنوني يمحو خلجات النور عن ملامحه ويقلب البسمة إلى رثاء . إنه خوف أدهى وأمضى في تعذيبه .. أمرّ في قسوته ، وأفظع في جبروته ..وبلا انتهاء .

           *          *          *

 انقضى على دفن زوجته ووداعها أربعون كاملة من الأيام ، وفي كل يوم من غيابها يأتيه المساء مفعماً

بأريج ذكراها ويحمل له طيفها ترنيمات من نشيد خوفه المقيم على صدى ارتجافات قلبه تبدِّد السكون الذي يحتضن أسوار بلدته . 

أربعون يوما !! .. أو أربعون عاماً .. وفوقها أربعون عمراً .. لن تُخَلّصه من ظلمات الخوف ولا من قضبانه التي نصبها حوله غيابها . يأتيه الخوف خافقاً بوقعِ حوافره كل مساء ليرتجف قلبه من ضجيج الدماء التي تطغى على رحيق كل ما جمعه في الظلال من الأثمان . وفي سراديب نفسه لا يتوقف الخوف عن التمدّد ليحتل الأوردة و الشرايين ويشدَّ بقبضته على عنقه بكل مافي الكون من وحشية حتى يسمعَ استغاثة نبضاته بأذنيه ويختبرَ الموت دون أن يموت . 

كيف لا يتوقع الموت رعباً وخوفاً وهو يرى الأرض تتفجر بالغضب وتستحيل حجارتها إلى كتل من النار وهم يرجمون الجنود واليهود  المستوطنين ، وكأن الأرض بحجارتها ترفض وجودهم فوق أديمها ، وتضج نواقيس الكنائس مع ترنيمات المآذن وتكبيراتها تدعو للمقاومة .. فتمزق ظلمة الآفاق وتبدّد سنوات التسليم و الاستكانة وتكشف عن مجدٍ يعود زاهياً ليقضَّ مضجعه ويسلبَ نومه من عينيه قبل أن ينام !!.. 

صار يخاف أن يبقى في البيت وحيداً بعد رحيلها ، ويخاف أن يمشي وحيداً في كل وقت وآن ، وفي أي مكانٍ وهو يتخيّل أحداً سيثأر منه لموتها . 

استولت عليه فكرة الزواج ثانية هروباً من ذلك الخوف الطاغي وأملاً بأن يفلت من دم الفريسة المقيت الذي بات يحتل عروقه بعد أن كانت مصائر الكثيرين مرهونة بواحد من تقاريره ، لكنه دائماً كان يُحوِّم حول صورة زوجته ولم يستطع الاهتداء إلى واحدة تحمل شيئاً من إشراقة عينيها ولا من ضوء ملامحها الفريدة . كان يقاتل في نسيانها ونسيان سحر بساطتها ، وعبثاً يحاول التخلص من قيود صبرها ، وطيبتها ، وعطاءاتها .. وقوّتها ، فقد كانت نادرة ومُتفرّدة حتى بطريقة خلاصها ورحيلها !!.. وشاهدة القبر التي نقشوا عليها خلود اسمها ما تفتأ تُفاجئه وتنتصب ماثلةً أمامه في كل ركن من بيته الذي صار سجناً بلا سَجّان ولا قضبان ، وفيه يراها تنبئه بأنها اكتشفت خيانته لأهل بلدته الذين لا يعرفون سوى المحبة و الوفاء ، ويأتيه صوتها مُتكسّر الشعاع : 

(ما أصعب الموت على يد الغادر و الجبان .. لقد قتلَتني خيانتك ومزق قلبي غدرك قبل أن تصل إليّ رصاصات اليهود ) . 

ولهذا لم ينقطع يوماً واحداً عن زيارة قبرها ، فثمة ما يشدُّه كل يوم ويدفعه للولوج خلف أسوار المقبرة وللجلوس مقابل شاهدة القبر التي تنتصب أمامه ، وليبقى شعوره بالخوف الأبدي يلازمه ويخيّم عليه بظلاله المعتمة حتى يوصدَ دونه سبل الفرح والابتسام ،

وفي كل زيارة يجلس مُدمدِماً بخوفه أمام القبر يحاول التصدي لهول ذكرياته التي كانت معها . يدركُ بأنها كانت نجمة دائمة الضياء و الجمال , وزهرة من ربيعٍ 

دائم يفرش العشب تحت القمر ، كما كانت تعزف نغمات الأمان بسحرٍ غامر لم يعرفه ولن يعرفه الآن .. ووحيداً أمام القبر تأتيه صور ضحاياه كما كانوا قبل أن يقبض أثمان موتهم ..

(كم كان الثمن زهيداً .. بخساً وضئيلاً مقابل الوفاء و الحياة)

وتنوء كتفاه بحَمل قبور كل الذين عرفهم وقبض مكافآت موتهم حتى بات يتحرك دائماً بين القبور وتحاصره ضحاياه بأشباحٍ لا تعرف سوى القسوة كفؤوس تهدم مابقي فيه من أمانٍ ومن رغبةٍ في الحياة . تساءل في ّسره :

   (مَن مِنّا يسكن المقبرة فعلاً)

          *          *          *

قال له والدها المُقعَد بصوت جهوري مريب :

- جاءت تبحث عنك وقالت إنها تريد أن تراك .. 

أطلق ساقيه كالمجنون يسابق خوفه نحو البيت ، ولما وصل فتح الباب وقذف بنفسه إلى وسط الردهة الواسعة و الصامتة ، ثم انطلق يجول الغرف يبحث 

عنها غرفة غرفة . فتح خزانتها لأول مرة منذ رحيلها وتأمل أثوابها معلّقةً ببرودة الموت فيها . تلفت بنظراته يجوب البيت فرأى كل شيء قابعاً على حاله وبكل سكون . تحسس أثوابها المعلّقة في الخزانة ببرود ، ومسح بيده على كل قطعة أثاث اشتراها بدماء ضحايا تقاريره السود للاحتلال .. ثم خَرَّ جاثياً يبكي بخوفٍ مَقيت وبحرقةٍ مؤلمةٍ حتى حاصرته

ضحاياه . قال قائل منهم :

- تعيش وأنت يطاردك موتك لأنك لا تدرك حقيقة الموت بلا ندامة ، ولا تعرف معناه . كل الذين ماتوا هنا عاشوا موتهم بلا ندم و لا أسى لأنهم عرفوا قيمة موتهم وأدركوا أن الحياة جدّ قصيرة مهما امتدت وطالت ، وأن في الموت خلوداً طويلاً وجميلاً ما بعده من خلود وجمال .

جال بنظره على وجوههم .. وتذكر كيف كان يأكل من خبزهم ويشرب من مائهم ، ويشاركهم الأمسيات وهي تشرب من عين الحنين و الأمنيات .. وأدرك أنه أبداً لم يكن 

واحداً منهم ولن يكون مثلهم يوماً . واكتشف فجأة – بكل جلاء ووضوح – أن ضحاياه ، كلهم ، يحملون ملامح زوجته التي ما أحب غيرها بعد نفسه ليدرك أن 

الخطوط المحيطة بمثله من الأحياء هي غير الخطوط التي يتحرك الأموات في حلقاتها .. قد تبدو الخطوط التي يتحرك الأموات في حلقاتها متشابهة أو مختلطة 

ومتطابقة في بعض الأحيان ، لكنها لابد أن تعود إلى مسارها المرسوم ، فتبقى للأحياء حلقاتهم التي يدورون داخلها وإن بدوا أكثر موتاً في فكرهم من الأموات وفيما يفعلون . وتبقى للأموات خطوطهم المستوية و المستقيمة يواظبون المسير عليها أحياءً إلى يوم يبعثون . 

          *          *          *

في بيته ، ووسط خوفه المُطبِق و المهيب كانت مقبرته . دفن نفسه في متاهاتها المتداخلة والمتشابكة بين موتٍ وحياة ولم يعد يغادرها إلا نادراً ، وللضرورة . صار بيته سجناً وقبراً . كان الخوف سجنه الضيّق جداً ، و الحزن قبره الشائك و المؤلم أبداً . لكنه لم ينقطع يوماً عن زيارة يأسه في المقبرة حيث تقيم زوجته الودود هناك .. 

وفـي البيت ، هنا ، ما يزال نبضها على الجدران و الزوايا يردد صدى صوتها وهي تقول : 

- سيرحلون .. مهما تعاظمت قوّتهم ومهما أفرطوا في وحشيتهم ، سيكون نصرنا أزهى وأقوى لأننا نملك الحق و الإيمان . سننتصر لأنهم يهابون الموت ويرعبهم ، ولأنهم لا يرون فينا إلا موتهم وفناءهم . سننتصر لأننا نشتري الموت لتحيا أجيالنا ، ونمشي في دمائنا حتى نبلغ شمس الأفق وهي تُشعّ بالنصر و بالخلاص . ومهما لَفَّنا حزن فراق الأحبّة أو حاصرتنا وحشتيهم ..  ومهما قطّع الحنين في بقيتنا شوقاً لمَن رحلوا وهم يقاومون , فلا بد أن يزهر الشوق نصراً ، وأن تُنبِتَ الدماءُ وروداً وخلوداً .

كم يلوم نفسه الآن لأنه لم يفهم كلماتها ولم يصدّق ما كانت تقول ، وحتى أنه لم يحاول مرة أن يفهم ماكانت تقول . وكان لا يجرؤ أن يُظهِرَ لها سخريته مما تهذر عن الحق وعن القوة الكامنة .. أو وَهمِ الانتصار . لكن قلبه ما تزال خفقاته تتشبث بحبها حتى بعد رحيلها .. ربما لأنها كانت تملك من الإرادة والجرأة و القوة ما يجبن عن التفكير بامتلاكه ، أو لإصرارها على مهاجمة الموت وكأنها هي التي باغتت موتها !!.. 

عادت نظراته تمسح جدران البيت تائهةً وحائرةً بضجيج شو قٍ زاخر إليها . توَقّف بنظراته أمام باب الشرفة الزجاجي العريض يستعيد صورتها وهي تجلس كل مساء فوق كرسيها اليافاوي المقشش وتتابع نشرات الأخبار على شاشة التلفاز .. تنفعل ولا تكفُّ عن اتهام السلطات بتزوير الأحداث والتعتيم على الحقائق بكل ما يعرضونه في 

نشراتهم المفبركة بإتقان . عاد إلى كرسيها المقشش ليكتشف فجأة ذلك الشبه الغريب و المتطابق بين شاهدة قبرها في المقبرة هناك ، وبين مسند كرسيها الخشبي

المنتصب أمامه بكل إصرار وشموخ . استغرب ما انتبه إليه من التشابه الكلي بين خشب مسند الكرسي اليافاوي في البيت وبين شاهدة القبر في المقبرة إلى حَّد التوأمة !!.وقرر أن يتأكد من ذلك بنفسه فوراً .

خرج من البيت يعبر الشارع الخلفي الأقرب إلى المقبرة , وانطلق في دجىً تخترق سوادَه مئذنةٌ قريبةٌ من برجِ الكنيسة وينتصبان بشموخ . لفحته نسمة واهية من بقايا شتاء يفسح مكاناً للربيع القادم ، وتابعَ ينطلق في الظلمة يسابق خوفه نحو عتمة المقبرة التي تلتهم كل ما يستجدي من 

نورٍ يضيء دربه في سكونٍ يلبس الدرب و الأشجار بعد يوم صاخبٍ وطويلٍ تبادل فيه الجنود و الأهالي حوارهم اليومي بالرصاص و القذائف ، وبالحجارة وطعن 

السكاكين .

فَردَ عليه الخوفُ أجنحةً متأججةً من حميمٍ حارق وهو يَدلف إلى قلب المقبرة حيث تنتظره الشاهدة هناك ، فتراءت له زوجته وسط هالةٍ تضيء الظلمة الدكناء حولها

وهي تغادر المقبرة من بابها الواسع الكبير . هَمَّ أن يناديها لكن صوته أبى الانطلاق وكأن الخوف يجثم بثقله فوق لسانه .. يجفّفه كصحراء قاحلة ويشلُّ قدرته على التحرك  للتلفظ و الصياح .

قاده خوفه نحو قبرها ليجلس مرتاعا قبالته ، فتسلل من عينيه وميضُ الخوف الرابض يُبرِزُ له حروف اسمه على الشاهدة .انتفض و الخوف يتشبث برقبته وراح ينبش القبر بيديه العاريتين دون توقف .. ولما وصل إلى الجثة المسجاة في هاوية الحفرة ، مَدَّ يدَه يُزيح الغطاء عن وجهها ، فهّبت رياحٌ تُصرصِرُ وجهه وتُجمِّدُ نظراته وهو يرى جثته الممددة في قعر القبر السحيق . رأى نفسه يهوي

ويهوي في سقوط مريع بلا لون .. ولا أمل .. ولا وفاء !!..

 

إنه الخوف .. نعم إنه الخوف وحده ، و لا شيء كالخوف يسطو 

ويسلب الحياة ويُجَرِّدُ من الانتماء .

صدق المحبة بقلم // سليمان كااااامل

 صدق المحبة

بقلم // سليمان كااااامل 

******************************* 

تجذري في قلبي........... ولا تتسطحي

واخشَي رياحي....... وتقلبات إعصاري


فرغم غرامي................ ولهفتي عليك 

بين نبضاتي................. إقبالي وإدباري


وفي عيني تَرَي....... فرحي وابتهاجي 

وفي رأسي ذئاب.......... تفترس قراري 


فإنني في الحب................ غير مؤتمن

وحسناء قلبي................. كقبح أظفاري  


عند تَبَدلي....... تجدين جسما بلا روح

مبتلى بتغير الطقس............. ليل نهار  


فإن أحببتني..... فاملأي آنيتي بالحب

ولا تلتفتي لفيضان ..علا نبض أوتاري


هذا أنا ...............في الحب سيدتي

كنت صحراء.......... تيبست كل أنهاري


فكوني رحيمة........... تلتمس لي عذرا  

وتفيض من محبتها .....رحمة الأمطار 


وإلا فارحلي عني ...فإني لست بآسف 

فكما لقيتك بترحاب أودعك باستبشار


فلم أذق............ طعم الحب يوما حتى

أبكي فراقه عني....... أو لطمة الحواري 


ويستوي بقلبي من.... حط على غصني

ومن أقلع عن ربيعي... وألقى بأشجاري 


تفنني بالتجذر في.......... أضلعي ودمي

فإنما يصدق الحب..بالصبر على جواري

********************************

سليمان كااااامل.... الإثنين 2024/1/22

عن المرأة......... بقلم // سليمان كااااامل

 عن المرأة......... 

بقلم // سليمان كااااامل 

****************************

ألف تاج .........على رأسي 

هكذا ........أوصى الحبيب 


كلهن في .....شعري وقلبي 

والثناء.... والحرف الرطيب


بذكرهن........... في كل حال 

بعطرهن.... الحديث يطيب 


فتلك أخت............ وتلك أم

وتلك زوج.......... لها نصيب 


كم تغنوا ...........بها شعرا

حين تاق.......... لها الحبيب


وكم أشيد .........لها بجهد 

حين ربت .....هذا الطبيب


وهذا المعلم......... أقر بفضل 

حين درسته..... فكان أديب


لما لا تتوج......على الرؤوس

وكل الرجال.......... لها ربيب


فلاغرو ..............ولا عجب

إن قلت سيدتي فلها ترحيب


إن قلت ياتاج... الرأس أنت  

فهذا أقل........... مابه أجيب 


هكذا أوصى.... ربنا الحكيم 

الأباعد منهن وحتى القريب


فهن النور........... بكل البيوت 

وهن الحسب وهن الحسيب


وشرف لكل.......... رجل نابه  

أن ربته................. أم مهيب 


فلاباس إن ....رأيت شعري 

وحبها بقلبي.. يشتعل لهيب 


غزلي وعشقي حبي ونبضي

بالصدق فيه... عطر وطيب

*****************************

سليمان كااااامل.... الثلاثاء 2024/1/23

خواطر منوعه..6..بقلم أ. أطياف الخفاجي

 خواطر منوعه..6..


لم أكن يوماً قاسية القلب

ولكن!!!!!! 

اتخذت من القسوة درعا أحافظ به

على أنوثتي 

فلولاه ماكنت صقرا بقلب أنثى.

▪️▪️▪️▪️▪️▪️▪️

ما رأيك أن نكتب حرفاً ونعترف بسطرٍ

ونقيم الحد على القبلة حتى تركع الروح لها ساجدة

ثم تهدأ النفس وتبحر في مرسى لقاء جديد

ولنقيم الصلاة على رفاة أجسادنا دون وضوء وكأننا شهداء العناق.

▪️▪️▪️▪️▪️▪️▪️

حين تبلغ من الحزن عتيا 

لاتنتظر أحدا يهبك ذرة سعادة

وهو مازال مبتدئ في مسك عود ثقاب.

▪️▪️▪️▪️▪️▪️▪️

الصديق هو أخ في المحنه 

فإن لم نجده فنسيانه اولى.

▪️▪️▪️▪️▪️▪️▪️

اسقيني من دموعك كل يوم 

لأكبر!!!!!حتى أبلغ الرشد في وجعي.

▪️▪️▪️▪️▪️▪️▪️

الحلم رغيف خبز يفتقر للملح نلجأ إليه حين يمزقنا جوع الحقيقة.

▪️▪️▪️▪️▪️▪️▪️

الكلمة الطيبه لاتحتاج لشرح وتفسير حتى لوكنت تتحدث بلغة غير لغتك...

فقط أنصت لملامح من تتحدث إليهم سترى تفسيرا رائع لذلك.

▪️▪️▪️▪️▪️▪️▪️

 لايهمني كيف تكتب،،

 مايهمني أن يكون حوارنا متجانساً فكريا فإن تجانس الفكر أصبح الحديث أكثر متعه. 

▪️▪️▪️▪️▪️▪️▪️

 اترك الجاهل؟؟؟

فمن نصب لنفسه هالة كاذبة خرج منها عاريا مفضوح الفكر.

▪️▪️▪️▪️▪️▪️▪️

حين تعانق القصيدة أطراف الحروف

تنجب الأبجدية شجرة من سطور

تصرخ بأطرافها معتلية آهات الليل بلسان الصبح تمسك بأغصان الحقيقة حتى تزيل خريف الحبر عن ربيع القلم ليكتب لنا الفجر رسائل اللقاء.


اطياف الخفاجي

يا انت:...بقلم أ. سماح جبريل

 يا انت:


أتعلم

 قلبي منك لم ينتهِ 

مازلت أتأمل سكونك أبحر في روحك

وعلى صهوة حرفك أمتطي

يستفزني لطفك

 آه لو في حضنك أرتمي

مازلت أتوق للغرق معك

لعلها تنقذني عينيك 

ومنك أكتفي

أتعلم مازالت

 لاأريد أن أنتهي 

مازلت لم أنل

 ماأشتهي 

تارة أطفو على موجك

تارة يهيج موجي فيك 

وتارة على ضفافك يستوي

ولم أنتهي 

أنت نبع منك لا أرتوي

هذه الروح الخائفة

فيك تختبيء

هذه الرجفة الباردة 

تحترق فيك وتنطوي

هذا الجنون الجامح

يفر منه و يشتهيه المبتلي

وأنا مذ ابتليت بك

وذاب فيك القلب المكتوي  

تلهمني تلهب فلسفتي تشاكس منطقي

أتعلم كلما قاربت 

أن انتهي منك 

أَلهمتني كي أبتدي

يا أنت

 أيها العابر في كل الوجوه

متى تعرف ياملهمي

 أنك قد أصبتني في مقتلي.


بقلم 

سماح جبريل

ضَحكتُكِ و الشّالُ الأخضر.. نظم الأستاذ الشّاذلي دمّق

 ... ناشدَتْني حين كنا في تِبْرِ الزَّمَن  أن أكتب  قصيدة بالمناسبة ( !!! ) ...

 فقلت لها :

 لا أعِدُكِ بشيء لأنّي لا أستطيع أن أقول شِعرا تحت الطّلب ، و لكن إن كان و لا بُدّ ممّا يُوحى إليّ  مِن نَفَثات الإلهام ، ستُولد القصيدة مِن تلقاء نفسها .. 

و قضّيتُ ليلتي خالٍ وِفاضُها من أيّ إلهام ،

و نامت القريحة قاعًا صفصفًا حتّى جاد الصّباحُ  - و نحن نلتقي في أحد برازخ التّرقّي 

و الوعي و التّجلّي - بالإطلالة المؤتلِقة لِمُحيّاها . فكان من سُعود حظِّها و بشائر  طالِعِها ما أرادت . 

فإليها أهدي القصيدة


        💜 ضَحكتُكِ و الشّالُ الأخضر 💜 

 

      جميل هذا غُرّةُ الأيّام من شهر نَيْسانْ  

      و رائع في جيدكِ  هذا الشّال ، أخضرٌ

           كنُبذة الوعد في العهد الرّيّانْ

 

                  يا لَسِحْرِ الإبتسامة 

         فوق نَمْنمات المَبسم كيف اِئتلقتْ 

            بين حبّات البَرَد مثل اُلْجُمانْ 

 

               و ما أروعها ضَحكتُكِ !

  كيف هدرت بين جوانحي كأنّها الطٌّوفانْ ؟

 

                          يا إلهي ! 

                     ما سِرُّ الفخامة ؟

   و مَن ربط لكِ الشّالَ بهذه الأناقةِ و الإتقانْ


                         بُورِكْتُ .

        فأنا وحدي من أقامكِ أمام المرايا

        تُراودين السِّحر على قَدِّكِ  الفَيْنانْ

  و على ذاك المُحيّا  تَنثُرين الورد و الألوانْ


     أنا لا أعرف ماذا أحدَثْتِ في هذا الصّباح

           لكنّني أتصوّرُ أنّكِ قبل الخروج

              غيّرتِ الفُستان تِلْوَ الفُستانْ


               و ربّما داولتِ الحِلَى 

           و جُلَّ قِطع المَصوغ   لَديْك

          و الخاتَمَ من البنان إلى  البنانْ


  و جرّبتِ من أجلي ضُروب العطور و الرّيحانْ

       فأنا أعلم جيّدا أنّ حضوري فيك دائمٌ 

             و لِي عليكِ دَلٌّ و سُلطانْ


       على كلّ حال ، لا تخجلي سيّدتي ، 

     فكلُّ شيء في سبيلي مُزْدَلَفٌ  و قُربانْ


  و أُدرك أنّي أجثُو فيكِ بين النَّفَس و الجَنانْ


                و أنّكِ تُسبّحين باسْمي  

          كما يفعل جميع العُبّاد و الرُّهبانْ


             و أعرف أنّك إذا حلفتِ بي 

            فهذا لديك هو أغلظُ الأيمانْ


          فاعترفي سيّدتي و لا تَتَبرّمي 

     أنّ إسمي في سمعِك  كقداسة الأذانْ 

   و أنّي في همسكِ قُنوتٌ و تَهجُّدٌ  و قُرآنْ

            هذه هي الحقيقة بلا رَوَغانْ


           بل سأضلّ في عقلكِ جُنونًا

           و شيئا من جُموحٍ و هَذيانْ 

    و سأبقى ما حَيِيتِ في  رُوعِك شُعاعًا 

                 ليس لخُسوفه أوانْ


   و سأكون في الفؤاد مَدَدًا للنّبض و الخَفَقانْ  

           و رُبّما كنتُ في رأسكِ  أَفْيُونًا 

         و سببا لصُداعٍ يَنتابكِ ، و غثَيانْ


   اِطمئنّي ، ففي كلّ الأحوال  تَلفيْنَني معكِ 

              مثل الجنّ يَتلبّسُ الإنسانْ 

        بل أبَشّرُكِ بأنّني هباءةُ الأُكْسِيجِنْ   

        و نَفحةُ العَيش و الدّمِ و الشِّريانْ


      فعبثًا تُحاولين  التّمرّد عليّ و العصيانْ 

                  و كُفِّي عِنادا و كِبْرا  

       و اُخفِضِي أجنحة التّذلّل و العِرفانْ


     فأنا بالذّات مَن جعل لك في المَلاحة آية 

                    و راية و تِيجانْ

         و ملَّكْتُكِ العفاف زينة و طَيْلسانْ


           و لو غِبتُ عنك يوما واحدا 

          أكَلتكِ بَراثنُ الكآبة و الأحزانْ


    و آهٍ  لو تواريتُ أو توانَيْتُ عنكِ ساعةً ، 

   حَتْما ، يغيبُ فيكِ الإلهُ و يَركبُك الشّيطانْ


               و إن تناأيتُ عنكِ قَيْدا ،

     حتما  تتوقّفُ  من تحت أَخْمَصَيْكِ الأرضُ

       فلا أزمان حينها بغير دوران و لا أكوانْ


  فعلى الأقلّ لا تجحدي هذا الفضلَ و الإحسانْ


                     بالله مَنْ غَيري ؟

             علّمكِ العُروجَ إلى الملإ الأَسْمى

                       ومن سِواي ؟ 

           أسرى بكِ إلى معاقل الملائكة 

                    و عرش الرّحمانْ 


                         بصراحة ،

            و الصّراحة راحة كما يقولون 

           أنا الخُلودُ يجتاز مَسار الأزمانْ 


       أنا كلّ القِوَى فيك بلا جَوْرٍ و طغيان 

          و الضُّعفُ أيضا بلا ذُلٍّ أو هَوان


                 إنّي الكمالُ بلا إخلال  

                 و التَّمامُ بدون نقصانْ 


                          ببساطة ، 

              أنا حَرْفٌ مع حرفٍ لا غير ،

            في مُعجم المشاعر و الوجدانْ

 

                          باُختصار ،

            أنا جوازُ العُبور و صكُّ الغُفرانْ 

          لو ضاع منكِ في مَتاهات الغفلة ،

                 مآلُكِ التّشرُّدُ و الخِذلانْ 

         فلا جنّة سيّدتي بدوني و لا رَضوانْ


                        بمعنى أوضح ، 

          كِنايتي : الحقُّ مَحضٌ و عَقْدُ الأمانْ

              و دليل على الوجود و برهانْ .


            هل عرفتِ إذًا مَن أنا سيّدتي ؟

                أنا لو تاه منكِ كلُّ الوطن

                 سأبقى لكِ آخرَ الأوطانْ 


                    و إن كنتِ لا تعلمين ، 

                 فأنا الّذي حَماك من الغُزاة 

                     و صعاليك الوِجدانْ 


                         صدّقيني 

                 أعرفهم واحدا واحدا 

                 بَادِيهم ... و تالِيهم ... 

                غِرّهم ... و ضاعِنهم ...

               سَفيههم ... و راجحهم ...

                    كلّهم مثل الثّيرانْ


        ينتحلون... فيتحيّلون .. ثمّ يتحيّنون 

            و عند الجدّ ، يفرّون كجِرذانْ

 

                        أَعُدُّهم عَدّا .. 

                 و أُحصيهم فردا فردا  

           ألَدُّهم لُدّا ، و ليتني أقُدُّهم قَدًّا

           فيهم المُحابي ..  و المُتصابي ..  

            و المتملّق .. و " البْراقْماتي" .. 

               و المُتسَلْحِب كالثّعبانْ ..


  هل أَزعجكِ كلامي ؟ هل أفسدتُ مزاجكِ ؟

                هل أقلقتْكِ صراحتي ؟

           هل أضجَرْتُكِ ؟ هل أوجَعْتُك ؟ 

    هل أحرجتُ كبرياءَكِ و خدشتُ حياءكِ ؟

 آهٍ يا سيّدتي من ثورة بياني و سطوة اللّسانْ

  

                           اُعذريني 

                     فكلّ الّذين ذكرتُ 

             هم في لائحة الحِنْقِ والسَّخَط  

                  سوادٌ  و سُخامٌ و دُخانْ


                       أعود فأسأل : 

                  هل عرفتِ الآن من أنا ؟

               عذرا على حَرْق  الأعصاب 

                 سأبوح لك باسمي الآن 

                       يكفيكِ صبرا 

           و حسبي هذا الهَذَر و الهذيانْ

 

                  إنّي منذ الوعي الأوّل

                 أنام فيكِ مثل البُركانْ 

      لكنْ  دُخاني كثيفٌ يَحجُب كلّ النّيرانْ

 

        و أعرف أنّك أدخلتِني مرّات و مرّات 

                مخابر الإلحاد و النّكرانْ 

       و صادرتِ الذّاكرة إلى  العناية المركّزة 

                   لاستئصالي  بالنّسيانْ

            لكنّك لم تفلحي و لن تفلحي أبدا 

               لأنّني عَلّمتُكِ و "بشطارة"

                     نسيان النّسيانْ


                 فأنا ضدّ الإضمحلال 

      و مضادّ حيويّ ضدّ التحلّل والذَّوبانْ 

             مَن جحدني فهو الخَسرانْ .

 

              نفد صبري وصبرُك الآنْ 

      وتريدين أن تعرفي مَن هذا الولهانْ ؟

              سمعا و طاعة سلطانتي

      و أعوذ بالله من العُقوق و العصيانْ

 

          حاضر مَلاذ ذاتي هذا جوابي  

                   يبلُغُك في الإبّانْ

 

                  أنا سرّ هذا الوجود

                 و سِفْر هاتيك الحياة 

          أنا الجنّة و الجحيم معا قبل الأوانْ 

 و آخر ما تبقّى لنسل أبيك من فراديس الجِنان 

و رُبّما الجمر الأخير من سُعْر ابليسَ عليه اللِّعانْ


 

                  هل أدركتِ الآن ؟ 

                    أنّي لستُ مَلَكا

              و ما كنتُ إنسا أو جانْ

 

     أنا أُلَيِّهٌ صغير يسكن داخل  كلّ مخلوق

           و هذا لا يختلف فيه إثنان 

 

            حاءٌ و باءٌ ، فَجَلَّ الحرفان .

                          أجل  ،

            حرفان مُتجاوران لا ينفصلانْ

          عليهما قامت الأرض والسّماوات  

              و كلّ الخلائق فيهُمُ سَيّانْ .


                           نعم أنا

                      ♥️ الحُبُّ ♥️

          موهبةُ الرّحمان في قلب  الإنسانْ

                  و شريعة كلّ الأديانْ

 

                     قد عرفتِ الآن

             اليدَ الغرّاء ربّةَ الصّولجانْ

    و الّتي أقامتكِ قدّام المرايا هذا الصباح 

       و عَقَدَتْ شالَكِ الأخضر بهذا الإمعانْ  

         و نَشَرَتْ ضَحكَتكِ تغمر المكانْ  

          و تملأ كلّ الأرجاء و الأركانْ   

فأضحى شالُك و ضَحكتُكِ للقصيدة خير عنوانْ

  

               فعِمْتِ صباحا يا سيّدتي 

                   و لكِ ما أردتِ

             مع كلّ التّقدير و الإمتنانْ


      

                                   

                                     

                                 نظم الأستاذ 

                                الشّاذلي دمّق

سعادة وشقاء....بقلم أ. آمنة بورديم

 ..سعادة وشقاء....

يتألم الإنسان حينا.....

ويفرح حينا...

فتراه بين الألم والأسى....

يتجرع كؤوس اللهم  والحزن....

فيتضرع لله ....

ليخفف  ويرضى  عنه....

ويسمع صوته وأنينه....

و يجبر بخاطره....

نعم قد يجبر في أوانه....

وقد يطول الإنتظار....

ليس أن الله ينسى....

ولكن في الإنتظار إنتصار ...

وجبر يعجز عنه أهل السماوات و الأرضين.....

فترى الإنسان يصبر ويصبر ....

حتى يعجز الصبر منه...

وما بعد العسر إلا يسرا....

 وقديفرح حينا ....

فيشكر الله  ....

ويطمع أن يزيد ....

فسبحان الله إن في خلقه شؤون....

وهي هكذا  الحياة.....

بين فرح وحزن....

سعادة وألم....

وشقاء ونعيم ....

إلى يوم يبعثون.....

فرحماك ربي....


اللهم أجبر بخاطري.

بقلمي الاستاذة امنة بورديم الجزائر

كيف سأخبرك ٠٠٠٠بقلم أ. سلمان الأنصاري

 كيف سأخبرك ٠٠٠٠

             كيف سأخبرك بأوجاع قلبي

       وحبك يملأ الفكر وينسيني همومي

      كيف  أجد   مقياساً   لحرارة  شوقي

      وأي العبارات يمكنها وصف إحتراقي

        شيء  ما  يمزق  ما  تحت  أضلعي

              لا أحسن التعبير فأعذريني

   إن عجزت الكلمات عندي ومزّقت أوراقي

   وإن ركّبت جميع الحروف تخونني  بلاغتي

   فلا بلاغة  تكفي مهما ذكرت  من أوصافي

   وإن إستعرت كل مفاهيم الذين سبقوني

      لا توازي مثقال ذرة من حجم معاناتي

    ولا تساوي   شيئاً  مما  أقاسيه   بآهاتي

   كيف سأخبرك  بجمال حبك الذي أرهقني

   وعطش روحي وهي غرقى  بدموع عيوني

    هوس يسكن الفؤاد وبعدك يثير جنوني

    كثير وصفوا لوعة العشق ولكن لاوصف

                        للوعتي

         وسأكتفي بقول أحبك فاحتويني

سلمان الأنصاري

♡ أحبهم لأنهم الغوالي شعر محمد طه وليد

 ♡ أحبهم لأنهم الغوالي ♡

نحن الذي نهوى القبل

       ولحبهم  تحلو  الجمل

أغلى  الغوالي   قلوبنا

       وكم بهم ضرب المثل

أولادنا  ......  أكبادنا

        فهم الأماني والحلل

ولطالما  طاب الهوى

         يبقون من الله الأمل

أهواهم   .. وأحبهم

         وليس بالحب جدل

ياليت   كل   حياتنا

         تشدو  بأنهم  المقل

             محمد طه وليد

             سوريا اللاذقية

قصة التياسة...للأديب وصفي المشهراوي

 ( هناك قصة عجيبة عن التياسة : يروى أن شخصاً ما في بلد ما كان يمتلك عقلاً جامداً لا يستقبل ولا يُرسِل . حتى أنه كان يحظى بجوائز شتّى على فوزه بدرجات من التياسة أعلى . كانت الأمور تسير كالمعتاد حتى جاء رجل يتابع التياسة عن قُرب . وكان له رأي آخر . فكان يرى أن ذاك الرجل الذي يتمتع بتياسة لافتة لا يستحق الجوائز والألقاب بأنه ( أكبر تيس في العالم ) لأن هناك رجلاً غير مشهور في بلد بعيد أحق باللقب منه بأنه الأتيس عالمياً بدلاً من ذاك التيس العالمي . وصل الخبر إلى ذاك التيس صاحب اللقب العالمي فغضب غضباً شديداً وسافر فوراً إلى منزل المذكور بأنه الأتيس . فسأل عن منزله وقرع جرس المنزل :  فقال صاحب البيت : مين عالباب ؟ فرد عليه :  أنا .  رد عليه الرجل : لأ مش إنْت .  هزّ رأسه وقال أشهد بأنك أتيس مني )

روح تتهادى..كلمات أ. صونيا إسبر

 روح تتهادى


ثوب الحلم شفيف

لا يدفئ

تغيب عيوننا به

نعيش بوهم رؤياه 

ننأى به عن شروق اليقظة

ثوب الحلم

قد يكون جميلاً

يُندي جفاف الواقع

لكنه يُبعدنا عن

ميناء واقعنا

يغتال ضوء نهارنا

يُوعد ولا يُوفي

مواعيده تضيع

مع أول صياح الديك

ثوب الحلم 

أسود قاتم

وثوب الحقيقة

لامع مبهج 

يجمع كل أنوار الحب

مُحمل بكل

الاماني المباركة

والدعاءات المرفوعة

من روح تتهادى

بطريق الله حامدة. .


بقلمي ..

صونيا ...إسبر