يا مَـن بِـجَوهـرِ عذبِ الشِّعرِ يَغتَسِلُ)//بقلم الشاعر : بشير عبدالماجد بشير

رثاء الشاعر الـرَّاحِل مُصطفى سَـنَـد
2008/1939
***
( يا مَـن بِـجَوهـرِ عذبِ الشِّعرِ يَغتَسِلُ)
 لِـمَ ارْتَـحَلْتَ وفي أَعماقِنا الأَمـلُ

كنَّا نـؤَمِّــلُ أن تَبـقى لَـنا قَـمَراًَ 
تَرنُـو الـعيونُ إِليهِ وهْـو مُـكْتَمِلُ

وقـد رَجَـونا إِيـاباً منك يُسْعِـدُنـا
فيهِ اللِّقاءُ وبالإِبـداعِ نَـحـتَفِـلُ

ونَـسْتَعيدُ زَمَـاناً كانَ تُـلْـهِـمُـنا 
فيهِ الـقَصائـدَ تلك الأَعيُنُ الـنُُّجُلُ

وكنتَ أَنت بِـغيرِ الـرَّاحِ تُـسْكِرُنا 
وكلُّ قلبٍ يُـرَى من نَـشوةٍ ثَـمِل

لكن رَحـلْتَ وماتَـتْ في دَواخـلِنا 
أَحْلى الأَمانـي الَّتي تاقَتْ لها الـمُقَلُ

لله عـهدٌ طَـوَيـنا أَمـسِ صَـفْحتَـهُ 
وما أَرَدْنـا.. ولكنْ أَسْـرعَ الأَجَـلُ

والـشِّعرُ أَضحى يَـتيماً بَـعْدَ والـدِهِ 
وكلُّ أَوزانِـهِ قد مَسَّـها الـخَبَـلُ

وكان يَـرقُـصُ في دنياكَ مُـبتَهِـجـاً
وكان تُـعْجِبُهُ من وَشْـيِكَ الـحُلَلُ

وكنتَ صَـبَّاً بِـهِ تَـجْلو مَـفاتِـنَهُ 
ويَصْـطَفيكَ ويَـحلو منكما الـغَزَلُ

وقد ظَـفِرت بِسـرِّ الـشِّعرِ مُـنفَرِداً
 لَفظاً ومَـعنىَ وأَبْدَتْ سِحرَها الـجُمَلُ

شِـعرُ الـحَداثَـةِ حَـقَّاً أَنتَ رائِـدُهُ 
ولِلـقديـمِ نُـزوعٌ فيكَ يَـشْتَعـلُ

والـصِّدقُ نَـهْجُكَ والإِتـقانُ يَتْبَعُـهُ 
ورِقَّـةُ الـحِسِّ والأَخلاقُ والـمُـثُلُ

قَـديـمُ بَـحْرِكَ ما زالتْ نَـفائِـسُهُ
 تَـسْبي العُقولَ ومنها يُـجْتَني الـعَسَلُ

ووَزْنُ شِـعْرِكَ أَلـحـانٌ مُـغَـرِّدَةٌ 
وكالـينابـيعِ منها الـنَّاسُ قد نَـهِلوا

كلُّ الـمَدائِـنِ إِذْ تَـعلو مَـنابِـرَهـا 
تُـصْغي إِلـيكَ وبالأَشعارِ تَـنْفَعِـلُ

يا بُـلْبِلَ الـشِّعر غَـنَّي في خَـمائِـلِهِ
حُـرَّاً كما شَـاءَ في الآفـاقِ يَنتَقِـلُ

حُـزْنـي عليكَ بَـيانـي لا يُـصَـوِّرُهُ
وفَـقْدُ مِثْلِكَ خَـطْبٌ فادحٌ جَـلَـلُ

قد كُنتَ لـي سَـنَداً أَزهُـو بِـصُحْبَـَتِهِ 
ويَـعتَرينـي شُعورٌ مُـتْرَفٌ خَـضِلُ

وما لَـقـيتُـكَ إِلاّ َ كُنتَ تَـسأَلُـنـي 
عـنِ الأَحِـبَّـةِ في دُنْـيايَ ما فَعَلوا

وعـنْ قصائِـدِ شِـعري كيفَ أَحْـجُبُـها 
وكيفَ يَـمْنَعُنـي من نَشْرِها الكَسَلُ

وكنتَ تُـوسِـعُني لَـوْمَـاً وتَـدْفَـعُـني
 إِلى السُّكوتِ ويَعْلو وَجْهيَ الـخَجَلُ

وكَـمْ بَـذَلْـتُ وُعُـوداً لا أُنَـفِّذُهـا
 وكان يُضْنيكَ إِخْـلافـي وتَـحْتَمِلُ

يا مَـنْ رَحَـلْتَ إِلي الـرَّحْمَنِ نَـسأَلُـهُ
 لَكَ الـجِـنانَ ونَـرجوهُ ونَـبتهـلُ

يارَبِّ جاءَكَ مَـنْ نَـهواهُ مُـفْـتَـقِـرَاً 
ونَـحنُ نَطْمَعُ في أَنْ يُـكْرَمَ الـنُّزُلُ

وأَنْ يَـكونَ مَـعَ الأَبْـرارِ مُـتَّكِـئِـاً 
وفـي مُحيَّاهُ يَبدو البِشْرُ والـجَذَلُ

ويَـكْتُبُ الـشِّعْرَ في حَـوراءَ فَـاتِـنـَةٍ 
مِنَ الكَواعِـبِ يدْعُـوها فَتَمْـتَثِـلُ

تَـهْفـو إِليهِ وتُـرضـيها قَـصائِـدُهُ 
ومـا لَهُ بِـفَـتاةٍ غَـيرِها شُــغُـلُ.

***
بشير عبد الـماجد بشير
السودان
من ديوان ( مع الأحباب الرَّاحلين )

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.