في تلك الحديقة ذات يوم... اسماعيل آلمير حسين
في تلك الحديقة ذات يوم
في تلك الحديقة، ذات يومٍ كنتُ أمشي وحدي،
والربيعُ يرسمُ في الأرضِ نقوشه، والشمسُ لاهيةٌ تراقبُ ما جرى.
رأيتها، كأنها نورٌ يحيا، أو كأنها قصيدةٌ تُكتبُ بغير حروف.
كانت عينها تنطقُ بالأسرار، فيها شيءٌ من البحر وسحره،
وشعرها، كأشجارٍ تحت ريحٍ خفيفةٍ،
تتراقص في انسيابٍ، وكأنها تروي للأرضِ ألف حكايةٍ.
وقفتُ، وحاولتُ أن أسترقَ نظرة، فخطوتي كانت تنتظر الخطوة الأخرى،
كأني طفلٌ ضلّ الطريق، ووجد في دربه زهرةً فريدة، فتجمدت خطواته.
قلتُ: كيف أجعل هذه اللحظةَ أكثر؟ كيف أستطيعُ سرقةَ شيءٍ من هذا النور؟
وتصنعتُ الشرودَ، وكأنني جئتُ أبحثُ عن زهرةٍ أخرى في الحدائق،
لكني كنتُ أعرفُ، أني كنتُ أبحثُ عنها، فقط لأرى وجهها من جديد.
تظاهرتُ بأنني لا أراها، لكن قلبي كان يرسمُ من حضورها ألف لقاءٍ في السر.
وحين عبرتْ، أنصتُ لصوتِ خطواتِها، كأنها تعزف لحنًا خافتًا،
ووددتُ لو أن الدروبَ جميعها تؤدي إليّها، وأني صرتُ في دربها.
في تلك الحديقة، كان الربيعُ لا يُشبهُ نفسه،
صارَ الفضاءُ مليئًا بموسيقى الصدفة، والطريقُ لا ينتهي إلا إليها.
اسماعيل آلمير حسين
بيروت
الثلاثاء 5 نوفمبر 2024
تعليقات
إرسال تعليق