مقالة : علم النفس ليس مجرد علاج بقلم: نور شاكر
مقالة : علم النفس ليس مجرد علاج
بقلم: نور شاكر
يظنّ الكثيرون أن كتب علم النفس مخصصة فقط لعلاج الأمراض النفسية، أو أنها مجرّد وسيلة لتفريغ المشاعر، وأن القارئ العادي لا يحتاج إليها إلا إذا كان يعاني من مشكلةٍ نفسية هذه الفكرة الشائعة مغلوطة جزئيًا، وتعكس نظرة محدودة إلى هذا العلم الواسع والعميق
فعلم النفس ليس حكرًا على الاضطرابات النفسية مثل التوتر والاكتئاب، بل هو علم متنوع يشمل فروعًا عديدة تُعنى بدراسة السلوك البشري من جوانب مختلفة، بدءًا من فهم التفكير وتطوير الذات، وفنّ التواصل والعلاقات الاجتماعية، وصولًا إلى قراءة لغة الجسد وتحليلها
كل هذه الفروع تهدف إلى تمكين الإنسان من فهم ذاته بعمق، والارتقاء بوعيه وسلوكه
فعلى سبيل المثال، كتاب مثل "قبعات التفكير الست" يدرّب العقل على التفكير المنهجي، ويفتح آفاقًا جديدة لتحليل المواقف واتخاذ القرارات بوعي. وكتب علم النفس التربوي والاجتماعي تساعد على تنمية المهارات الفردية وتحسين التفاعل مع الآخرين
أما علم النفس العيادي فيختص بدراسة الاضطرابات النفسية وعلاجها، وهو المجال الذي يتولاه المتخصصون
ومع ذلك، حين يُذكر مصطلح "علم النفس"، قد يسخر البعض منه أو يقلّل من قيمته، معتبرين أنه مخصص للمرضى فقط
هذا التجاهل يعكس جهلًا بقيمة كل فرعٍ من فروع هذا العلم، وجهلًا بقيمة كل كتابٍ فيه فمثلما تختلف الأذواق في الفلسفة أو الأدب، تختلف أيضًا الاهتمامات في كتب علم النفس؛ فقد لا يناسبك كتاب معين، لكنه قد يكون ذا فائدة عظيمة لغيرك أو لفئة عمرية مختلفة
ولعلّ من العلوم المرتبطة به ارتباطًا وثيقًا علم الفراسة، وهو علم يهتم بقراءة ملامح الوجه، وحركات الجسد، ونبرات الصوت، وتحليلها لفهم الشخصية والتنبّه لطباع المقابل ومشاعره فالفراسة لا تعتمد على الحدس فقط، بل على ملاحظة دقيقة واستنتاج ذكي قائم على الخبرة، مما يجعلها أداة فعالة لفهم الإنسان والتعامل معه بوعيٍ أعمق
في النهاية، لا أحد يُنكر أن القرآن الكريم هو المصدر الأعلى للسكينة والطمأنينة النفسية، لكن القراءة في مجالات متعددة، ومن ضمنها علم النفس والفراسة، ليست مضيعةً للوقت، بل هي نافذة لفهم الإنسان والمجتمع، ووسيلة لتطوير الذات والارتقاء بالمهارات
فالاحترام المتبادل للاختلاف في الاهتمامات هو ما يجعل المعرفة قيمةً حقيقية، ويجعل الإنسان أكثر وعيًا بذاته وبالآخرين.
تعليقات
إرسال تعليق