الإنسانيّة...أ. ورود نبيل

 الإنسانيّة

الإنسانيّة ليست مجرد كلمة نتداولها في الخطب أو نرفعها شعارًا في المناسبات، بل هي جوهر الوجود البشري، البوصلة التي تعيد للإنسان ملامحه حين يضيع في صراعات الحياة. هي القدرة على أن ترى في الآخر إنسانًا مثلك، مهما اختلف لونه أو لغته أو دينه أو فكره.


أن تكون إنسانيًّا يعني أن تضع قلبك في مكان قلب غيرك، أن تشعر بجوع الجائع حتى لو لم يجعُ بطنك، وأن ترتجف لبرد المتشرّد حتى وأنت في دفء بيتك. الإنسانيّة هي تلك اليد التي تُمدّ بلا انتظار مقابل، وتلك الكلمة التي تُقال لتضمّد جرحًا غير منظور.


الإنسان بلا إنسانيّة يتحوّل إلى جسد فارغ، آلة تتحرّك بلا روح، والعالم بلا إنسانيّة يصبح غابة من المصالح، تضيع فيها القيم وتذبل فيها الأرواح، لذلك، لا تُقاس الحضارات بما تملكه من أبراج وأساطيل، بل بما تتركه من أثر رحيم في حياة الناس.


إنّ أجمل ما في الإنسانيّة أنّها لا تحتاج إلى لغة مشتركة، يكفي ابتسامة، أو لمسة، أو نظرة صادقة، لتترجمها، وهي تبدأ من التفاصيل الصغيرة: أن تعين مسنًا على عبور الطريق، أن تبتسم لطفل غريب، أن تصغي لروح مثقلة بالكلام.


في النهاية، الإنسانيّة ليست مثالية بعيدة المنال، بل خيار يومي، إمّا أن نمارسه فنحيا بكرامة، أو نتجاهله فنفقد ذاتنا قبل أن نفقد الآخرين.


الكاتبة: ورود نبيل محمد

الأردن


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

إذا التقينا ،،سعد عبد الله تايه

🌠كلمات لا كالكلمات د. نوال حمود

(( وعود وأشتياق حنين وأغترآب))...ياسر الشابورى