آخرُ ماتبقى منَ الشعر..شعر حسام الدين صبري

 آخرُ ماتبقى منَ الشعر

___________________________________

حِينَ التَقَيتُكَ لَمْ أكُنْ أعرِفُ

أنَّ  لِلفِرَاقِ  سَبِيلٌ  بَينَنا؟

وأَنَّ  العَصَافِيرَ   سَتَرحَلُ  

ويَجفُ  في  الَليلِ  عِطرَنَا

      لَمْ أكُنْ أعرِفُ أني

أودَعتُ  قَلبي  مَهَبَ  الرِيح

وكَمَا  امتلأَ  سَيفرُغُ  كَأسُنَا

   لَمْ أكُنْ أعرِفُ ياعُمري 

أنَّ  حُرِية السُجنَاء  لَن تَطُول 

 في  زمَانٍ  يَقتُلُ  الحُبَ عَمداً

         ويَسكرُ  بِدمُوعِنا

          وأنَّ  الحُبَّ

  سَيعُودُ  غَرِيبًا  كَمَا جَاءَ 

وكُلَ رِيَاحِ الأرضِ سَتَعصِفُ بِنَا

لَمْ أكُنْ أعرِفُ ونَحنُ عُصفُورَانِ 

أنَّ الأشجار قَد اقتُلعَت وأنَّ

      السمَاءَ سَتَضِيقُ بِنَا

حَمَلنَا  الحُبَّ  فِي  جَوَارِحِنَا

شَدونَاهُ  لَحنا  لِكُلِ  عَاشقٍ

وقَدْ  قُتِلَ  عَمدًا  قُتِلَ تَغْرِيدُنَا

  عَانقتُ فِيكَ أيامَ عُمري 

     وكُلَ أحلامَ الصِبا

وكُلُّ  الطيورِ  التِي  هَاجَرتْ 

    قَد عَادت  في عَهدِنَا

وفَرَضنَا سطوتَنَا عَلَى الحُبِّ 

         وامتَلكنَا أنهَارهُ 

    واستَقرت في نبضَاتِنا

وغَفَونَا  آمِنِين  ولَمْ  نَكُنْ نَعرِف 

        أنَّ الأحلام سَتنتَحِر

وكُلُّ  الأيَادِي  مَبسُوطَةً  لِتَغتَالنَا

وأخِرُ مَاتَبقَى مِنَ الشِعرُ قَصِيدةُ 

       تَنعِينَا  وتَنعِي أشعَارَنَا

 أينَ أنتَ يَاجُرحَ قَلبِي المفطورِ 

            وأينَ أنَا؟

وأينَ  الذِي  كَانَ  يُضِىء الَليلَ 

         ويَكسُو النهَار؟

أينَ  هِي ثَورَتُنَا  الخَالِدَة وأينَ

        أينَ هوَ تَاريخُنا

 قَدْ  هُزِمنَا  وهُزِمت  أحلامُنَا  

      فَأينَ أينَ هوَ ثَأرَنا

 ألِهَذَا الحَدِّ  نَحنُ  ضُعفَاءُ 

 ولِهَذا  الحَدَّ  نَحنُ  جُبنَاء

كَيفَ غَدَوْنَا غُرَبَاء ونَحنُ أحياء 

          في أرضنَا؟

 كَيفَ  استَسلَمنَا  وبِأيدِينَا 

         نُكِست رايَاتُنَا؟

مُكَبَلَةُ يَدِي لا حِيلَة لَدَي ولاَ سَبِيلا 

 وأرَاكَ سَجِينا وكَيفَ الذَليلُ يُنقِذُ 

             يَومًا ذَليلا

نَحنُ في سَاحَةِ الدُنيَا عَرَايَا 

            يَأكُلُنَا بَردُنَا

 كَالمُستَجِيرِين بِالرَمضَاءِ منَ النَارِ

 بَنَينَا بَنَينَا فَوقَ  المَاءِ  قُصُورَنا

 وطُفنَا  حَولَ  حَجَرٍ في  كَربِلاء 

 وجَعَلنَا  الحُبَّ  نَبِياً  في الخَفَاء

   بِلا مَذهَبٍ بِلا قِبلَةٍ دَعَوْنَا 

           أنْ يُخَلَّدُ حُبنا

        وقُمنَا الَليلَ أشَعَارًا

       وأورادَ النَومِ أشوَاقًا

       نَزدَادُ  حُباً  واحتِراقا

 والمَجهُول إلى المَجهُولِ يَشُدُنَا

    الآنَ أيقَنتُ أنَنَا مُفتَرِقَان

 قَد  أعلَنت  دَفَاتِرى  العِصيَان

    وصَارَ شِعرِي كَالهَذَيَان 

 وامتَدَ الجُرح  مِنَ  القَدمِ  إلى 

          إلى الشُريَان

وهذهِ  الصَرخةُ  آخِرُ  مَاتَبقّى لَنَا

بِنِصفُ  قُوتِي  وبِنِصفِ  ضِحكَتِي 

            وبِنِصف دِفئي

 سَأعُودُ بَعدكَ وأنَا لستُ أنا

  وبِكَامِل أوجاعِي وبِكَامِلِ أحزَاني 

   وبِكَامِل  ارتعَاشي أغتَرب

   وقد مَاتَ بقَلبي  زَهرُ. المُنَّى

  وآخِرُ مَاتَبقَى مِنَ الشِعر أبيَاتُ 

             تُرثِي فَجرَنَا

-----------------------------------------

حسام الدين صبرى /ديوان/ آخر ماتبقي من الشعر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.