الزلازل والفيضان والبراكين والتسونامي .. ( 2 ) د.علي أحمد جديد

 مختارات ..

=-=-=-=-=


الظواهر الكونية ..

الزلازل والفيضان والبراكين والتسونامي ..

               ( 2 )


                        د.علي أحمد جديد


إنَّ الغلاف الصخري الأرضي مُقسَّم إلى صفائح كبيرة أكبر من القارات ذات الحدود غير المنتظمة ، وتلتقي معاً عند الصدوع ، إذْ تكون هذه الصفائح في حالة حركة مستمرة وتتحرّك بمقدار 5 سنتيمترات تقريباً في السنة . ومع الاستمرار في الحركة تقترب حدود الصفائح التكتونية من بعضها حتّى تتصادم عند الصدوع ، وعندما تشتبك حواف الصخور وتتدافع تضغط ضدّ بعضها البعض دون أن تتحرّك مما يؤدّي إلى تولّد قوى ضاغطة تُخزّن في الصخور ، وبعد مدّة من الزمن تتكسّر الصخور نتيجة هذا  الضغط الشديد المتراكم فتُطلق كميةً كبيرةً من الطاقة تكون على شكل موجات زلزالية باتجاه الخارج ، وحينها يحدث الزلزال . وتُسمّى المنطقة التي حدث عندها الكسر تحت سطح الأرض ببؤرة الزلزال (Focus) بينما تُسمّى النقطة التي تقع مباشرةً فوق بؤرة الزلزال على سطح الأرض بالمركز السطحي للزلزال (Epicenter) .

وتُعتبر الانفجارات المُفتلعة من قِبل الإنسان تحت الأرض كالتجارب النووية التي تزداد يوماً بعد يوم ، أو لإنشاء الطرق والأنفاق وخطوط السكك الحديدية وغيرها من مرافق الطرق ، أو انهيارات  جدران  المناجم ، من العوامل الأخرى التي قد تتسبّب في حدوث الزلازل . 

وتُعدّ البراكين إحدى أعظم القوى الموجودة في الطبيعة والتي من الممكن أن تتجاوز طاقتها أكبر انفجار نووي عرفه الإنسان ، وعلى الرغم من آثارها المُدمّرة إلّا أنّ علماء الجيولوجيا يعتقدون أنّها المسؤولة عن تكوين أكثر من 90% من القارات والمحيطات خلال ملايين السنين التي انفجرت فيها ، وإطلاقها كميات هائلة من الأبخرة والغازات التي شكّلت الهواء والمياه ومكّنت الإنسان من العيش على سطح الأرض .

إذْ ترتفع الصخور المنصهرة في باطن الأرض وتكون مليئةً بالغازات والتي تُعرف باسم الصهارة (Magma) تدريجيّاً نحو سطح الأرضح وذلك لكونها أقل كثافةً من الصخور الصلبة المُحيطة بها ، إلى أن تصل إلى عمق تكون فيه تحت ضغط شديد بسبب الصخور المحيطة بها ، فيؤدّي هذا الضغط إلى خروج الغازات الموجودة فيها على شكل فقاعات وتبدأ بتكوين طبقة منفصلة فوقها ، وحينها يتّخذ الانفجار البركاني نمطين رئيسيين تبعاً للزوجة الصهارة هما :

- ثوران تدفّقي (Effusive Eruption) الذي يحدث عندما تكون لزوجة الصهارة منخفضة فتتصاعد معظم الغازات الموجودة فيها مُكوّنةً طبقة فوقها ، وعند وصول الصهارة إلى السطح تتدفّق فقاعات الغاز وتتمدّد بسلاسة في الغلاف الجوي ، أمّا الصهارة فتنساب على حواف البركان على شكل حمم بركانية (lava) وهي الصهارة التي وصلت سطح القشرة الأرضية .

- ثوران انفجاري (Explosive Eruption) ويحدث هذا الثوران عندما تكون لزوجة الصهارة عالية ، فتتجمع الغازات وتُحبَس داخلها ممّا يؤدّي إلى زيادة ضغطها بشكل هائل وشديد ، وعند وصول الصهارة إلى السطح يكون ضغط الغازات أعلى من ضغط الغلاف الجوي فتنفجر بقوة شديدة وينتج عن هذا الانفجار صخور ومواد بركانية فتاتية (pyroclastic) .

ولأن حركة معظم الزلازل والبراكين تتركّز عند حدود الصفائح التكتونية ، وعلى الرغم من أنَّ معظم الزلازل تحدث نتيجة حركة هذه الصفائح التكتونية ، إلّا أنَّ بعضها يرتبط بالأنشطة البركانية لأن حركة (الماغما) في باطن الأرض  تضغط ضغطاً شديداً على الصخور من حولها ويؤدّي إلى تشقّقها باهتزازات تُحدِث الزلازل . 

وتتخذ الزلازل البركانية نمطين رئيسيين هما :

* - الزلزال التكتوني البركاني(volcano -tectonic earthquake) ويحدث هذا النوع من الزلازل نتيجة حركة (الماغما) المستمرة داخل الشقوق الموجودة بين الصخور في باطن الأرض ، فعند حركة (الماغما) إلى الأعلى تترك الشقوق التي كانت تملؤها في الأسفل فارغة ، فتنزلق الصخور نتيجةً لهذا الفراغ وتهبط المنطقة الواقعة فوقها ممّا يؤدّي إلى حدوث الزلزال ، وهذا النوع من الزلازل غير مرتبط بأي انفجار بركاني  إنّما قد يحدث في أيّ وقت . 

* - الزلازل طويلة الأمد (long period earthquakes) ويسبق هذا النوع من الزلازل الثوران البركاني ويُنذر بوجوده ، فقبل ثوران البركان وعند تحرّك الصهارة إلى الأعلى فإنّها تُنشئ ضغطاً شديداً على الصخور المحيطة بها ممّا يؤدّي إلى تشقّقها ، فيحدث زلزال صغير في كلّ مرّةٍ يُحدِث فيها شقّاً ، وتستمر عملية إحداث الشقوق والهزّات التي تُرافقها إلى أن تصل (الماغما) إلى فوهة البركان فيحدث الانفجار . وتُسمّى هذه الهزات المتتالية والمستمرة بالهزّات البركانية (volcanic tremors) والتي يستخدمها العلماء في التحذير من وقوع انفجار بركاني قريب وذلك عن طريق قياسها بجهاز مقياس الزلازل (seismographs) .

وتحدث البراكين بسبب الزلازل التي تحرك الصفائح التكتونية ( Tectonic Plates) التي هي أجزاء من القشرة الأرضية مما يؤدي إلى خروج الصهارة (ماغما Magma) من باطن الأرض إلى سطحها ، وقد تكون حركة الصفائح التكتونية إمّا تباعدية ، أي تبتعد الصفائح عن بعضها البعض بحركة بطيئة لتشكل فراغات ، تتيح  للصهارة أن ترتفع وتسد هذه الفراغات ، أو قد تكون حركة الصفائح التكتونية  تقاربية ، أي أنها تتحرك باتجاه بعضها البعض فتتصادم مما يؤدي إلى انزلاق إحدى هذه الصفائح تحت الأخرى ، وبفعل درجة الحرارة والضغط الشديدين في باطن الأرض تذوب الصفيحة المنزلقة وتكون الصهارة التي تندفع إلى سطح الأرض على شكل حمم بركانية (لافا Lava ) ، كما أن النقاط الساخنة (Hot Spot) تشكل سبباً لانفجارات البراكين ، إذْ أن المناطق الساخنة في باطن الأرض تقوم بتسخين (ماغما) لتصبح أقل كثافة فتنطلق إلى سطح الأرض مُشكلِّة البراكين .

 وللبراكين آثارها السلبية 

التي  تشكل تهديداً خطيراً على الصحة العامة ، فهي تؤدي إلى انتشار الأمراض المعدية ، وأمراض الجهاز التنفسي ، بالإضافة إلى الحروق والحوادث التي قد تحدث الرماد المنبعث من الانفجار البركاني ، وكذلك حدوث الفيضانات والانهيارات الرملية ، وتلوث المياه وحدوث الحرائق .

وعلى الرغم من مخاطر البراكين وتأثيراتها السلبية ، إلّا أنّها تحمل في طياتها البعض من الآثار الإيجابية ، فهي تلعب دوراً كبيراً في زيادة خصوبة التربة والتي بدورها تنتج الغذاء والمحاصيل ، كما يتمّ استخدام الحرارة البركانية في باطن الأرض في توليد الطاقة الحرارية الجوفية (Geothermal Energy) إضافة إلى أنّها مصدر لاستخراج النحاس  والذهب والفضة والرصاص والزنك .

وتتشكل البراكين عند التقاء الصفائح التكتونية ، خاصة ، عند التقاء الصفائح المحيطية مع الصفائح القارية ، ونتيجة اصطدامها مع بعضها البعض تنزلق الصفيحة القارية أسفل الصفيحة المحيطية ، مما يؤدي إلى ذوبان الصفيحة المنزلقة وخروجها على شكل صهارة إلى فوق القشرة الأرضية .

كما تُشكل الانفجارات البركانية الناتجة عن الصفائح المتباعدة بين 80-90% ، والتي تحدث نتيجة تباعد الصفيحتين عن بعضها البعض ، وبصورة خاصة الصفيحتين المحيطيتين ، فتخرج (الماغما) من طبقة الوشاح في باطن الأرض وترتفع لتملأ الفراغات التي تسببها هذه الحركة مكونة بذلك البراكين التي تنشأ تحت الماء ، وعندما تصل إلى ما فوق البحر ، يتكوّن ما يسمونه بأعراف منتصف المحيط ( Mid‐Ocean Ridge) .

والنقاط الساخنة هي نقاط عشوائية داخل طبقة الوشاح أسفل القشرة الأرضية ، وتتميز بدرجة حرارتها العالية جداً ، وهي توجد داخل اليابسة كما في المحيطات ، أي أنّها تكون بعيدة عن حدود الصفائح التكتونية .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.