الـسـنـد...قصة بقلم أ. فوزية الخطاب
السند
عادت متعبة من العمل، ألقت بأشيائها دون ترتيب داخل الغرفة، استلقت على سريرها، لم تعر أهمية لضجبج الأطفال، غفت لدقائق، تعالى صراخهم، وصراخ زوجها الحاد المزاج، استيقظت مذعورة...وجدته قربها يحدق فيها وعلامات الغضب تظهر على وجهه:
- تحسبين أنك في فندق، تنامين متى شئت، هيا انهضي، هلا سألت نفسك، هل تناول الأطفال غدائهم، هل أنجزوا واجباتهم المدرسية؟
لم تنبس ببنت شفه، فقد اعتادت هذا الموال كل يوم، يلقي عليها المسؤولية كلها، وإذا ردت، ينهال عليها بالضرب أمام أطفالها، مهمته الوحيدة في هذا البيت، هو نزع الراحة والأمان، وبث الرعب فيه. يقضي معظم وقته في المقهى بعد العودة من العمل، والوقت القليل الذي يكون فيه بالبيت، ينثر سمه وتراتيله الشيطانية، تحملت الزوجة المسكينة الكثير من الألم والجور، والحزن، كذلك أطفالها، فإنهم لم يسلموا من هذا الأب القاسي، وكم ذرفت من دموع الظلم خلال سنين زواجها الفاشل.
في كل مرة تقول:
( أصبر حتى يعود أحمد من بلاد الغربة)، أحمد شقيقها التوأم، قطعة من روحها، يحنو عليها، يمنحها الأمان والأمل، يخفف عنها قساوة الحياة، وجبروت الزوج المتعسف، تدعو الله في كل صلاة، أن يفرج عنها ما هي فيه، ويجلي حزنها.
في صباح أحد الايام، سمعت طرقات على الباب، فتحت...
يا لها من مفاجأة كان أخوها، ارتمت في أحضانه، والدموع تتساقط كحبات المطر.
- أخي حبيبي، الحمد لله على سلامتك، وأخيراَ عدت، أنا بأمس الحاجة إليك، تعبت، تعبت والله، يا أخي وسندي.
- حبيبتي، لا تبك، كفاك حزناً، انتهى وقت الألم، والمعاناة، أعلم أنك عانيت ماعانيت، وقاسيت الكثير... توقف قليلاً وسألها:
- وأين أحبائي؟
- في المدرسة؟
في هذه الاثناء،عاد زوجها من العمل غاضباً متشنجاً كعادته، يتطاير الشرر من عينيه، بدأ بالصياح والتذمر، لكنه تفاجأ بوجود أخيها، تقدم منه، رادعاً وأوقفه عند حده، و رد له الصاع صاعين هذه المرة.
- كما تعلم أن البيت بيتي، ولاحق لك في كل ما فعلته بأختي وأطفالها، والآن أخرج من بيتي، ولا تنس تاريخك الأسود!
طرده شر طردة، ألزمه تطليق أخته، واعطاءها حقوقها كاملة.
استعادت حريتها، حيوتها ونشاطها وكأنها ابنة العشرين ربيعاً، عاشت في سعادة عالية، مع أبنائها وأخيها أحمد الشهم.
بقلمي
06.02.2024.
تعليقات
إرسال تعليق