لقاء مع الشاعرة سماهر أبو الرب ..حوار لطيفة يونس
كالياسمين لايؤثر فيها اختلاف الفصول
ولا يسدل ستار عطره مهما اختلفت الظروف
من رحم معاناة الاحتلال، نشأت
طفلة انحرمت من التمتع بتراب بلادها ورأت بأم عينها ممارسات لايستطيع تحملها سوى من تعلق قلبه ببلده
ودأبت تدوّن قصائدها بعاطفة أنثى فلسطينية إلى أن استباح إبداعها ، وشفيف حرفها قلب القارئ ، كتبت بأسلوب احترافي، نثري شاعري
من يقرأ لها يلحظ عذوبة حرفها ولغتها
إنها المبدعة سماهر أبو الرب
نرحب بها وبالقراء الكرام
أهلاً بك العزيزة سماهر
تفضلي الكلمة لك
ج/مرحباً بك أستاذة لطيفة
وبحبرك هذا الذي.. تيمّنَتْ أفكاره كل حور البحر
وإنه لمن دواعي سروري أن أستقبلك بسجدة قلب محب، وهذه التراتيل المتّئدة بحنكة فراشة
فشكراً عالية لاستضافتي عبر مجلتكم العبقة بالودّ
س1/ بداية أ. سماهر عرفينا والقراء الكرام
عنك بنبذة ؟
ج/ بوجدانية الاعتزاز أبدأ بالسلام على والديَّ
فلست إلاّ ربيبة سماء لم يهتد القمر رحلتها بعد.
هكذا...ومذ ترعرع نبضي بأكناف بيت المقدس وأنا أفرك عينيّ بسراج المعرفة
لأيقن أن والدي سليل فجر، وأمي نجمة مذ ولدتني
عرجت بي وألقمتني عشقها النبوي
من يومها وأنا أبسط كفي؛ لألتقط مفردة تمرّس شذاها في بال زهرة، بيدي أهزّ كل عطرها الذي
ما زالت تأوّله لي غيمة خائفة.
س/2 من هذه اللغة الشاعرية الجذابة
أبتدئ سؤالي مما استقت حروفك هذا الجمال
وبما تأثرت روح الشاعرة لتطل علينا بكل هذه الدهشة
ج/الخيال محجة فكري
كيفما انتبذت بي أقطف من حرم نخيله
باقة شمس وأنفض أنفض بكفي حشرجة الكلمة لتغدو تحت سريَتها بحيرة نور أنّى غمست أصابعي ، أحظى ببضع نجمات لتوقد سقيفة أرواحنا المنهكة
هكذا هي القراءة زوادة اللغة البكر حين تأتنا
ثم تأتنا بمواليد مباركة من غير سوء
وأنا أقرأ وأنتمي بشغفٍ لكل من هم أهل
وعلى صلة بالحبر السّوي ، وما ألونه في كتابي بعض فراشات تربّى شغفها ،في حضن مدينتي جنين
س/3متى ابتدأت رحلتك مع الكتابة ؟
ج/منذ نعومة الحبر وقصيدة ، عشقت ما سرّه العطر في قوارير ليلي الهارب من تشظّي سكناته
انتعلت خلخال غيمة وتجوّلت تحت
سترة دمعها، توسدّتُ أسرار الرب إلى ما يطوّفه حرفي، وحَمَلة كتابي في كعبة الشعور
فبدى البحر لي
كأول الناظرين لامرأة تدسّ شوقها تحت ياقة
قميصه ، وكآخر وأحبّ من الْتفت إليّ بحواسه الخمس.
وما الشمس في عرف حروفي إلاّ زفرةٌ عشقٍ
لوطنٍ ترنمته شفتيّ مذ بسملت بذكره
س4/أيّ الأجناس الأدبية تفضلين كتابتها؟
وهل لديك دواوين مطبوعة؟
ونأمل أن تهدينا والمتابعين نص من إبداعك
ج/ أكتب النصوص النثرية ولي تجربة بسيطة في الموزون ،
إذ أنّ الجمال لايتوقف عند عتبة واحدة
ودائماً ما أقول:
أن الكتابة رشقة ضوء ؛ تارة تسبح بالاستدامة وتارة تضمحل، ولنا بها عهد مودة، ونبوءة تبتكر للغد ألف نجمة تسبح في ماء المعرفة
فالحرف الحرّ ، أشبه بوتد، لا يحدودب مداه
وكل صبح لا بد .. وأن يشهد نبوغ مقصده السامي.
وعن إصداراتي الشعرية
لم أقم بطباعة أيّ ديوان خاص بي وحدي
إنما شاركت وبعض الأديبات بثلاث كتب مشتركة
منها موسوعة شاعرات من بلدي
وهي خاصة بأديبات فلسطينيات
وأيضاً ديوانيْ قوافل العودة ، ومشارف البوح
مع أديبات من مختلف الهويات الثقافية
وسأضع أحد نصوصي النثرية هدية لكم آخر المقابلة بمشيئته تعالى
س5/عرّف غسان كنفاني الأدب الفلسطيني
المقاوم هو "الأدب المعبر عن الذات الواعية بهويتها والمتطلعة إلى الحرية في مواجهة الآخر العدواني، على أن يضع الكاتب نصب عينيه جماعته وأمته، ومحافظًا على كل ما تحفظه من قيم عليا، وليس متطلعًا إلى الحرية بمعنى
الخلاص الفردي.
ومن يقرأ لك أ.سماهر يرى أن بعض كتاباتك
تندرج تحت هذا المسمى
والسؤال هو ما الذي ستحققه الكتابة في هذا السياق؟
ج/5 الأدب المقاوم ، يد الأرض التي تقرع جرس الحكمة ليدحض الفكر المشوّه حين ينزّ من خاصرة الكون ، وإن كانت العبثية قد تسيّدت العصر الحالي إلاّ أنّ الحرف الحرّ سيبقى أنجب التفاسير وصفوة اللحظة الوالهة في الأبد
س6/ أيّ الأدباء/ الشعراء/ الذين تأثرت بهم؟
ج/سأذكر اسماً واحداً ، وأشمل بصيغة الجمع
من ارتأيت جميل مقامهم ليكون بذاك متسع
فأنا أجزم وأيقن أن كل الحروف التي
قرأتها ألبستها حلياً من ياسمين روحي
إلاّ شعر درويش ألقيت عليه قلبي.
ولن أغفل عمّن قرأت لهم عبر هذا الفضاء
كلما جادت الفرص علي بذلك، فهم كفؤ وأهل لذاك
س7/ للأدباء أراء عديدة في القراءات النقدية والنقد ،واليوم كثر النشر الأدبي بكل مسمياته
عبر المنصات الالكترونية
هل ترين أنّ النقد يخدم الأديب ، الشاعر من خلال
مشرط الناقد
ج/ من أراد أن يقتاد شراع البلاغة عليه أن يكون قبطاناً لتعتصم مذكرات السفر على بساط مجده
وللنقد استبانة، وبنيوية يبتهل على كفها الضوء
وكل يراع أخلص نيته.. للكتابة ، والنقد
مآثره حسنة ، نجلّ عليائه ونحمده
فمَن كان هاجسه حب اللغة لن تغوي مداركه مجاهل الظلمة.
س8/ نحن أعداء ذاكرتنا لكننا نحب عداوتنا لذلك لانحاربها ولا نشوش عليها لتفقد تركيزها ولتهمل تفاصيلنا الصغيرة التي تزعجنا وترميها في سلة المهملات كيف تتعاملين مع ذاكرتك ومدى تأثيرها عليك؟
ج/ الذاكرة مظلة روح
وردة تعتّق زهر مُخيلتها لفرح ظل عالق باتتظار موجة تدغدغ شفاهه
أو ربما رسائل مشفرة أوْدعها أصحابها ولبثوا في الغياب،
هكذا ما إن نمحو حرفاً إلا ويندلع شهاباً ليشعل بنا نهدة شوق
فللذاكرة طقوس تداهمنا على حين التفاتة
وأخرى نقشع بها وجوهٌ وجب محوها.
س9/ مازال بعض افراد من المجتمع يتراجعون إلى الخلف في أخلاقياتهم وتصرفاتهم
هل شعرت بشيء بداخلك يجعلك تبتعدين عنهم حتى لو كان يربطك بهم رابط صداقي ودّي؟
ج/كثيراً ما يكون هناك حدث لم تكتمل تفاصيله
لتبقى وجهة احتمالية الحذف قائمة لبعض المعطيات، تماماً كما انطباعنا للبعض ستحذف الرؤية التي لاحت بأنهم الأجدر مقاما
ففي كل حذف سعة لمن يستحق
س10/ اصمت ثم استرخ ثم راقب
متى تستخدمين تلك المقولة
ج/ الصمت والاسترخاء هما من سمتي وأستخدمهما حينما أتوجس من طرف ما
ولي مقولة حول ذلك:
جميلة أنا للحدّ الذي يجعلني أميط اللثام
وأسقط ما أكننتَه في سريرتك
س11/ماذا يعني لسماهر كل من:
الشعر؟
ج/ الشعر، صراط الفكرة الذي تعرّفَتْ إليه حور الجنة وأزجت به لأبناء لغتها البررة.
الكتاب؟
ج/ مسقط حواسي وقبلة أديان حبري المتذرّعة
بمراشف الشعور.
البحر؟
ج/معطف سريرتي الذي أدس في جيوبه غامض أشواقي
الوطن؟
ج/ دمعة روحانية التحفها قلبي ،منذ مطلع العشق.
س12/ختاماً كلمة لفلسطين وغزة المنكوبة
مع جميل الشكر لحضورك الوافر ثراءً.
ج/كل الكلمات تخفض أجنحتها لغزة المثقوب كبدها
ومهما استبدّ وتفاقم الظلم لم ولن تخرج فلسطين
من ملّة الأفئدة العاشقة
السلام على بلد تروم بحماه غزة
وهذا الإهداء الذي وعدتكم.
والصبح خمرة دمنا ، صلاة الميلاد الأمين
يبكيني وطنٌ اجتثت فيه عاصفة الموت
عش طفولتي
من يفتِنا ذات قراءة يا صاحبي ؟
هل صيغ لنا
كيف التيمم لسجدة الغفران
كيف نفرك بالتوبة البيضاء
حشرجة التساؤل وقت المذبحة ،وتسريب الحقيقة
في الصباحات المطفأة
كان يتعثر ، بتحوير صوته
لم يكن في عنق الصحيفة إيماء الصحوة النضوج
لا خبر تحمله شفة الضوء ، على سبيل البسملة لأورادنا
ورأيتني كبرت مثل هدأة أمي
في سهدها الملكيْ
يا أيها الموت هل حصدت المرتبة
الفائضة عن العلو ؟ تريث بالطّواف على
ليلنا .. الغيور
لا منحى يكسر جزر الرماد ، عند سدة الكلام
إيذاناً لنصرة الحقيقة النازحة
لا شيء ينصف دمي ، في تدجين لغتهم
غير صوت رثائي ، ولهب شعّ
كمدينتي ، وأمها التي لم ألتقيها بعد
كنت قد عرفت أمها
بحدسي المنبجس من والهة الشعور
حين علق بذاكرتي
بسالة المتواطئين ، على شرف القلق النبيل
عرفتها قديسة ، وطفرت بتلهف عشقيَ المخذول
وأنا أجرجر دميَ الغضّ وأتلو وصايا
الأنبياء ، سَل بعدها
يا أخوة الضاد في صمت العواطف
من يفتِنا ؟
وحيث لانهاية لنا إلا بتحرير كامل تراب فلسطين أستودعك عند من لاتضيع ودائعه ولربما التقينا على سجادة صلاة بالأقصى ولدينا أمل
تعليقات
إرسال تعليق